صحيفة المثقف

ليبيا في ذكرى الاستقلال.. بلدٌ محتل وشعبٌ مُذلّ

ميلاد عمر المزوغيتعرض البلد وعلى مر العصور الى عديد الغزوات من القوى الاستعمارية، نذكر منها الاستعمار الاسباني أقام المذابح في مختف ميادين العاصمة وشرد سكانها ثم تركوها لفرسان القديس يوحنا الذين عاثوا فيها فسادا على مدى عقدين من الزمن، ما لبث حطت اساطيل الدولة العثمانية بطرابلس مدشنة عصرا جديدا من الاحتلال وان بطابع ديني اسلاموي، حيث فرضت الضرائب على مختلف قطاعات الشعب (الميري)، ما اثقل كاهل المواطن واضطره الى الهجرة خارج المدن بل الى خارج الوطن حيث ابتكر الاتراك استخدام (الخوازيق) ما يجعلهم بعيدين كل البعد عن الاسلام وتعاليمه السمحاء، فما فعلوه من جرائم بحق الليبيين لم يسبقهم اليه احد، ولا عجب اليوم ان يخرج علينا احد المتليبين من الاصول التركية المتشدق بالدين متفاخرا بتلك الحقبة المظلمة، والتي على اساسها تدخل اردوغان في الشأن الليبي العام 2011 وما بعده لأجل حماية رعاياه الذين يبلغ تعدادهم وفق تقديره المليون نسمة.

مع هزيمة المحور على يد الحلفاء انحسر الدور الايطالي في ليبيا بغرب البلاد، فقد عمدت بريطانيا الى تكوين جيش لمحاربة الطليان من الليبيين الفارين الى مصر، وأطلقت عليه الجيش السنوسي في خطوة لجعله زعيما على برقة ومن ثم حاكما على ليبيا، تحقق للانجليز ما ارادوا وكمكافأة لهم على ذلك وقع (ادريس) معهم اتفاقية انشاء قواعد اجنبية تستمر لعقدين من الزمن،  وحجته في ذلك ان ليبيا دولة فقيرة ويمكن استخدام قيمة الايجارات في تمويل الخزينة العامة لم تقف الامور عند هذا الحد، بل تمادى في تسليم جزء من التراب الليبي الى الامريكان لإقامة قواعد عسكرية والاستفادة من الايجار في مشاريع التنمية، وبذلك يكون الملك ادريس قد رهن التراب الليبي للاجانب نظير حفنة من الدولارات والجنيهات الاسترلينية التي لا تسمن ولا تغني من جوع، فقد خرج الطليان من الباب بفضل كفاح الاباء والأجداد، وسقوط آلاف الشهداء ومثلهم من المعاقين، وليعود المستعمر من باب القواعد العسكرية، اي استبدال مستعمر بآخر.فكان الاستقلال شكليا ليس إلا.

بعيد ثورة الاول من سبتمبر العام 1969 م طرد المستعمرين الانجليز والأمريكان، ويكون الاستقلال الفعلي للدولة الليبية العصرية، ومع تكالب القوى الغربية والإقليمية على البلد، كان التدخل السافر العام 2011 م(ضمن مسلسل الربيع العربي) وان بتغطية اممية، فأصبحت البلاد مرتعا للمخابرات الأجنبية وساحة للصراعات الدولية، ووضع البلد تحت الفصل السابع، اي ان الشعب فاقد للأهلية وغير قادر على تسيير اموره، وامعانا في احتقار الشعب واذلاله عمد المجتمع الدولي المتمثل في قواه الكبرى الى تكليف عملائه، الراقدين على بطونهم المنغمسين في العمالة، لإدارة شؤون الدولة، ما نتج عنه اهدار المال العام وإفلاس الخزينة العامة والاستحواذ على الاموال خارج البلاد، وإنشاء المجاميع المسلحة للتطاحن فيما بينها ومن ثم تدمير مقدرات الشعب، وتتحول حياة الشعب الى بؤس وشقاء وعدم استقرار ويُذل في عيشه، فلم يعد قادرا على توفير الحاجات الضرورية للحياة.

بفعل ساسة فبراير(ثورة الاهداف النبيلة) او لنقل الدمى التي يتحكم بها عن بعد، لم يعد ينعم البلد بالاستقلال، بل محتل من قبل اكثر من دولة وعلى سبيل المثال فان البرلمان التركي صادق على التمديد للجنود الاتراك بليبيا لعام ونصف اخرين، ناهيك عن آلاف المرتزقة الذين جلبتهم حكومة الوفاق لتثبيت نفسها في الحكم، ولتحمّل مصاريف الحرب القذرة على المواطن من خلال تعويم العملة المحلية وترتفع اسعار السلع والخدمات، لتسمر المعاناة ولينعم الخونة والعملاء بمدخرات الوطن، ترى هل يتحرك الشعب في ذكرى استقلال الوطن ليعيد لنفسه العزة والكرامة ويقلب الطاولة على حكامه ويطرد المستعمرين؟.

 

ميلاد عمر المزوغي

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم