صحيفة المثقف

المهمة السرية للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي

بقلم: بيتر كوينغ*

المصدر:Global Research

ترجمة: عادل حبه


عمل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي جنباً إلى جنب – بنعومة وبسلاسة. إنهما لا يقدمان القروض بانتظام وبمبالغ مالية ضخمة لأنظمة الرعب في جميع أنحاء العالم فحسب، بل إنهم يبتزان الدول الفقيرة كي تقبل الشروط القاسية التي يفرضها الغرب. وبعبارة أخرى، فإن البنك الدولي وصندوق النقد الدولي مذنبان بارتكاب أبشع الانتهاكات لحقوق الإنسان.

لا يمكن إلاّ أن تنتابك الحيرة عندما تقرأ فوق مدخل البنك الدولي العبارة النبيلة التالية، "حلمنا عالم خال من الفقر"!!!!. ولا يسعني إلا أن أضيف إلى هذا النفاق سوى العبارة التالية، "... إننا متأكد ين من أنه سيبقى مجرد حلم". إن هذا الكلام مجرد كذبة تعكس الطابع الإجرامي للمؤسسات المالية الدولية، التي أنشأت ببموجب ميثاق الأمم المتحدة، ولكن بتحريض من الولايات المتحدة.

احتجاجات جماهيرية ضد البنك الدول وصندوق النقد الدولي

إن واجهة هذه المؤسسات رائعة. وما يلفت النظر هو دعواتها إلى الاستثمارات في البنية التحتية الاجتماعية، في المدارس، وفي المنظومة الصحية، وفي الاحتياجات الأساسية مثل مياه الشرب، والصرف الصحي - وحتى حماية البيئة – وفي صدر ذلك "التخفيف من حدة الفقر"، أي عالم خالٍ من الفقر. ولكن الأمر المذهل هو زيف كل هذه الإدعاءات اليوم، وقد كان زائفاً بالفعل في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي. فالناس يفتحون عيونهم تدريجياً على واقع مقيت، هو خليط من الاستغلال والإكراه والابتزاز الصريح وذلك تحت رعاية الأمم المتحدة. ماذا يخبرونك عن منظومة الأمم المتحدة؟ وبأية أيادي تدار الأمم المتحدة؟ - لقد إنشأت المنظمة العالمية في سان فرانسيسكو، كاليفورنيا، في 24 تشرين الأول 1945، بعد الحرب العالمية الثانية مباشرة، من قبل 51 دولة إلتزمت بالحفاظ على السلام والأمن الدوليين، وتطوير العلاقات الودية بين الدول وتعزيز التقدم الاجتماعي، وتحسين مستويات المعيشة وحقوق الإنسان.

وحلت الأمم المتحدة محل عصبة الأمم التي كانت جزءاً من اتفاقية السلام بعد الحرب العالمية الأولى، أي معاهدة فرساي. ودخلت الإتفاقية حيز التنفيذ في 10 كانون الثاني عام 1920، وكان مقرها في جنيف سويسرا. وكان هدفها نزع السلاح، ومنع الحرب من خلال إتفاقية للأمن الجماعي، وتسوية النزاعات بين البلدان، من خلال دبلوماسية التفاوض وتحسين الرفاهية العالمية. وبعد مرور فترة، نرى بسهولة أن منظومة الأمم المتحدة ما هي إلاّ مؤسسة قائمة على الرياء، وهي تجعل الناس يعتقدون أن قادتهم الأقوياء لا يريدون إلاّ السلام. وكل هؤلاء القادة الأقوياء كانوا غربيين. وهو نفس الشيء الذي بدأت فيه بعد أقل من 20 عاماً على إنشاء عصبة الأمم.

توفر هذه المقدمة الصغيرة سياق ما جرى في النهاية، وهي عبارة عن سرقة عالمية للأمم الفقيرة مدعومة من قبل هيئة الأمم المتحدة في جميع أنحاء العالم. إنها منظومة موجهة لاستغلال الناس، وانتهاك حقوق الإنسان والسطو على كميات هائلة من الموارد من الدول الفقيرة، من الشعوب، لتسلمها على طبق من ذهب إلى الأوليغارشية، إلى النخبة من الشركات الأصغر – تلك التي تسمى بمؤسسات بريتون وودز.

في تموز عام 1944، التقى أكثر من 700 مندوب يمثلون 44 دولة حليفة (المنتصرة في الحرب العالمية الثانية، بما في ذلك الاتحاد السوفيتي) في فندق ماونت واشنطن، الواقع في بريتون وودز، ولاية نيو هامبشاير في الولايات المتحدة، لتنظيم شؤون النظام النقدي والمالي الدولي بعد الحرب العالمية الثانية. ولنكن على يقين بأنه قد تم عقد هذا المؤتمر تحت رعاية الولايات المتحدة، الفائز المعلن في الحرب العالمية الثانية، والذي أصبح منذ وقتئذ فصاعداً سيد الموقف المالي في العالم - الذي لم يكن مرئياً على الفور، وبقي جدول أعماله مخفياً عن مرأى الجميع.

لقد تم تأسيس صندوق النقد الدولي رسمياً لـ "تنظيم" العملات الغربية القابلة للتحويل تلك التي اشتركت لتطبيق قواعد معيار الذهب الجديد، أي 35 دولاراً أمريكياً / الأونس (حوالي 31.1 جراماً). ومن الملاحظ أن معيار الذهب، على الرغم من أنه ينطبق بالتساوي على 44 دولة حليفة، إلاّ أنه كان مرتبطًا بسعر الذهب المحدد بالدولار الأمريكي، وليس بناءً على سلة من القيم لـ 44 عملة وطنية. وكان هذا بالفعل سبباً كافياً للتشكيك في النظام المستقبلي، وكيف سيعمل. لكن لم يشكك آناك أحد في الترتيب. ومن الصعب تصديق أنه من بين جميع هؤلاء الاقتصاديين المحليين، لم يجرؤ أي أحد منهم على التشكيك في الطبيعة الغدارة للمعيار الذهبي.

وتم رسمياً إنشاء البنك الدولي، أو بنك التعمير والتنمية (IBRD)، لإدارة خطة مارشال لإعادة إعمار أوروبا التي دمرتها الحرب. كانت خطة مارشال تبرعاً من الولايات المتحدة وتم تسميتها على اسم وزير الخارجية الأمريكي جورج مارشال، الذي اقترحها في عام 1947. وقدمت الخطة مبلغ 13.2 مليار دولار من المساعدات الخارجية للدول الأوروبية التي دمرتها الحرب العالمية الثانية جسدياً واقتصادياً. وكان من المقرر تنفيذ الخطة في الفترة بين عام 1948 إلى عام 1952، والذي كانت بالطبع فترة قصيرة جدًا، ولذا امتد تطبيق الخطة حتى أوائل الستينيات. وفقًا لمعايير اليوم، ستكون قيمة تنفيذ خطة مارشال حوالي 10 أضعاف المبلغ الأصلي، أي حوالي 135 مليار دولار أمريكي.

كانت خطة مارشال ولا تزال صندوقًا متجددًا، تسدده البلدان المعنية، حتى يمكن تعويضها. وتم إقراض أموال خطة مارشال عدة مرات وبالتالي كانت فعالة للغاية. كان النظير الأوروبي لصندوق مارشال الذي يديره البنك الألماني للإنشاء والتعمير (KfW ). وهوعبارة عن بنك تم إنشاؤه حديثً ًتحت إشراف وزارة المالية الألمانية.

إن البنك الألماني للإنشاء والتعمير، باعتباره النظير الأوروبي للبنك الدولي لا يزال موجوداً ويكرس نشاطه في الغالب لتنفيذ المشاريع التنموية في الجنوب العالمي، الذي يحصل على الأرصدة المالية في المقام الأول من عواصم الأسواق الألمانية والأوروبية. ويتعاون بنك التنمية الألماني في كثير من الأحيان في تنفيذ مشاريع مشتركة مع البنك الدولي. واليوم لا يزال هناك قسم خاص داخل KfW يتعامل حصرياً مع أموال صندوق مارشال بلان. وتُستخدم هذه الصناديق الدوارة لإقراض المناطق الجنوبية الفقيرة في أوروبا، وكذلك لدعم اقتصادات أوروبا الشرقية، وقد تم استخدامها بشكل خاص لدمج ألمانيا الشرقية السابقة في "ألمانيا الكبرى" اليوم.

هناك عنصران من عناصر خطة مارشال لافتتان للنظر بشكل خاص وجديرتان بالملاحظة. أولاً، خلقت خطة إعادة الإعمار مأزقاً يتمثل في تبعية أوربا للولايات المتحدة، أوروبا نفسها التي دمرت إلى حد كبير من قبل قوات الحلفاء الغربيين، في حين أن الحرب العالمية الثانية قد توجت بالنصر إلى حد حاسم من قبل الاتحاد السوفيتي، وبالتضحيات الهائلة التي قدمها الاتحاد السوفياتي - بما يقدر بنحو 25 إلى 30 مليون حالة وفاة. لذلك، تم تصميم خطة مارشال أيضاً لتصبح درعاً ضد روسيا الشيوعية، أي الاتحاد السوفيتي.

وبينما كان الاتحاد السوفيتي رسمياً حليفاً للدول الغربية والولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا، ولكن الاتحاد السوفيتي الشيوعي في الواقع كان العدو اللدود للغرب، وخاصة الولايات المتحدة. وبأموال خطة مارشال، اشترت الولايات المتحدة تحالف أوروبا، وهو تحالف ما زال قائماً حتى يومنا هذا - ولا يزال هذا التحالف يمنع أوروبا من إقامة علاقات طبيعية مع روسيا، على الرغم من اختفاء الاتحاد السوفيتي قبل ثلاثة عقود. كانت الحرب الباردة التي تلت الحرب العالمية الثانية ضد الاتحاد السوفيتي - وكلها تستند أيضاً إلى أكاذيب مفضوحة – وهي شهادة مباشرة على مهزلة دعائية غربية أخرى - والتي لم يدركها معظم الأوروبيين حتى يومنا هذا.

ثانياً، فرضت الولايات المتحدة الدولار الأمريكي لصندوق إعادة الإعمار، ولم يخلق الظروف لإعتماد أوربا على الدولار فحسب، بل كان أيضاً يمهد الطريق لإنشاء عملة واحدة، في نهاية المطاف لغزو أوروبا، بما نعرفه اليوم باليورو. واليورو ما هو إلاّ الطفل الحاضن من قبل الدولار، حيث تم إنشاؤه على نفس صيغة الدولار الأمريكي. إنه عملة ورقية، لا يدعمها أي شيء، سواء الذهب أم غيره. لم تكن أوروبا الموحدة، أو التي تسمى الآن الاتحاد الأوروبي، اتحاداً في الواقع.و لم يكن أبداً فكرة أوروبية، لكنه طُرِح من قبل أجهزة المخابرات الأمريكية بشكل خفي بالتواطؤ مع عدد قليل من الشخصيات الأوروبية الغادرة. إن كل محاولة لإنشاء اتحاد أوروبي موحد، وبدستور أوروبي، على غرار الولايات المتحدة، تعرضت لتخريب مرير من قبل الولايات المتحدة، ومن خلال وكلاء الولايات المتحدة في الاتحاد الأوروبي، وبالتحديد المملكة المتحدة.

لم تكن الولايات المتحدة تريد أوروبا قوية اقتصادياً، وربما بمرور الوقت عسكرياً أيضاً. فعدد سكان الاتحاد الأوروبي 450 مليون، مقابل 330 مليونًا في الولايات المتحدة ؛ والناتج المحلي الإجمالي للاتحاد الأوروبي لعام 2019 بما يعادل 20.3 تريليون دولار أمريكي، مقابل الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة 21.4 تريليون دولار أمريكي. ويتفق الاقتصاديون على أن العملة المشتركة لمجموعة من البلدان ليس لها مستقبل، وليست مستدامة. ولا يوجد دستور مشترك، وبالتالي لا يوجد هدف مشترك مالياً كان أواقتصادياً أوعسكرياً. والعملة المشتركة ليست مستدامة على المدى الطويل في ظل هذه ظروف غير مستقرة. ويلاحظ ذلك خلال أكثر من 20 عاماً فقط من العمل باليورو. ومنطقة اليورو في فوضى يائسة. وأنشأ البنك المركزي الأوروبي (ECB)، وهو أيضاً مستوحى من بنك الاحتياطي الفيدرالي ووزارة الخزانة الأمريكية. إلاّ أن البنك المركزي الأوروبي لا يتمتع بحق بالوظيفة التي يتمتع بها أي بنك مركزي، فهو بالأحرى أشبه بكلب حراسة، لأن كل دولة عضوة في الاتحاد الأوروبي لا تزال تحتفظ ببنكها المركزي الخاص بها، على الرغم من وجود قدر بسيط من السيادة تنازلت عنها دول منطقة اليورو للبنك المركزي الأوروبي، دون الحصول على أي حقوق متكافئة.

من أصل 27 عضواً في الاتحاد الأوروبي حالياً، هناك 19 دولة فقط تنتمي إلى منطقة اليورو. إن البلدان التي هي ليست جزءاً من منطقة اليورو، مثل جمهورية التشيك والدنمارك والمجر والسويد، حافظت على سياستها المالية السيادية ولا تعتمد على البنك المركزي الأوروبي. وهذا يعني أن اليونان التي اختارت الخروج من منطقة اليورو عندما تعرضت للأزمة عام 2008/2009، هي في طريقها الآن صوب التعافي الكامل. هذه الدول لم تخضع لأهواء وإملاءات صندوق النقد الدولي والترويكا سيئة السمعة والمفوضية الأوروبية والبنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي، لكن كان بإمكانهم اختيار ترتيب ديونهم داخلياً، لأن معظم الديون كانت ديوناً داخلية، ولا حاجة للاقتراض من الخارج..

في استفتاء عام 2015 بشأن خطة الإنقاذ، صوت الشعب اليوناني بأغلبية ساحقة ضد خطة الإنقاذ، مما يعني ضد الديون الضخمة الجديدة. ومع ذلك، مضى الرئيس اليوناني آنذاك تسيبراس إلى الأمام، وكأن الاستفتاء لم يجر أبداً، ووافق على خطة الإنقاذ الضخمة على الرغم من معارضة حوالي 70٪ من الأصوات في الإستفتاء الشعبي.

هذا مؤشر واضح على الاحتيال، فلم يكن هناك عدالة نزيهة. ربما تم إجبار تسيبراس على قبول خطة الإنقاذ أو غير ذلك. وقد لا نعرف أبداً السبب الحقيقي وراء بيع تسيبراس لشعبه، وبيع رفاهية الشعب اليوناني إلى الأوليغارشية المهيمنة على صندوق النقد الدولي والبنك الدولي - ووضعهم في بؤس مدقع، مع أعلى معدلات البطالة في أوروبا، والفقر المتفشي، ومعدلات الانتحار المرتفعة.

قد تكون اليونان بمثابة مثال على الكيفية التي قد تتصرف بها دول الاتحاد الأوروبي الأخرى إذا لم "تتصرف"، وهذا يعني الالتزام بالقواعد الذهبية غير المكتوبة لطاعة سادة المال في العالم.

إنه لأمر مخيف.

الآن، وفي أيام كوفيد-19 هذه، أصبح الأمر سهلاً نسبياً على الفهم. فالبلدان الفقيرة، ولا سيما في جنوب الكرة الأرضية، المثقلة بالفعل بالوباء، تتوجه نحو زيادة ديونها الخارجية من أجل تزويد سكانها بالاحتياجات الأساسية. أو هكذا يجعلونك تؤمن بهذا الحل. إن معظم الديون المتراكمة على البلدان النامية هي ديون محلية أو داخلية، مثل ديون بلدان الشمال. إنها لا تحتاج حقا ًإلى مؤسسات إقراض أجنبية للقضاء على الديون المحلية. أفهل رأينا إحدى دول شمال العالم الغنية تقترض من صندوق النقد الدولي أو البنك الدولي للسيطرة على ديونها؟، بالكاد.

فلماذا ينحدر الجنوب العالمي إلى هذا الخيار؟ إنه جزئياً عامل الفساد، وجزئياً الإكراه، وجزئياً ابتزاز مباشر... نعم الابتزاز، وهو أحد أكبر الجرائم الدولية التي يمكن تخيلها، ترتكبها قبل كل شيء المؤسسات المالية الدولية المعتمدة من قبل الأمم المتحدة، أي البنك الدولي وصندوق النقد الدولي.

على سبيل المثال، يتساءل العالم بأسره كيف يمكن أن يصيب عدو غير مرئي، مثل فيروس كورونا، جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة البالغ عددها 193 دولة في وقت واحد، حتى أن الدكتور تيدروس، المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، أعلن في 11 آذار عن جائحة - لا يعرف سببها على الإطلاق منذ ذلك الحين. كانت هناك فقط 4617 حالة على مستوى العالم - لكن النتيجة المخطط لها كانت إغلاقاً عالمياً كلياً في 16 من آذار 2020 بدون استثناءات. كانت هناك بعض البلدان التي لم تأخذ الأمر على محمل الجد، مثل البرازيل والسويد وبيلاروسيا وبعض البلدان الأفريقية، مثل مدغشقر وتنزانيا – التي طورت قواعدها الخاصة وأدركت أن ارتداء الأقنعة يضر أكثر مما ينفع، وأن التباعد الاجتماعي سيدمر النسيج الاجتماعي لثقافاتهم والأجيال القادمة.

لكن الدولة العميقة الشيطانية المظلمة لم تكن تريد أي تكون علاقة بدول "مستقلة". كان عليهم جميعاً اتباع الإملاء الصادر من الأعلى، من جيتس وروكفلر وسوروسيس وآخرون، وسرعان ما ينظم إليهم كلاوس شواب، بصفته المساعد الرئيسي للمنتدى الاقتصادي العالمي (WEF). وفجأة، ترصد البرازيل زيادة كبيرة في "الإصابات"، ولا تطرح أية أسئلة، ولا تجرى اختبارات واسعة، بغض النظر عن أن اختبارات البوليميراز المتسلسل سيئة الصيت التي لا قيمة لها. فوفقاً لأشهر العلماء(انظر "اختبار COVID-19 RT-PCR: كيفية يتم تضليل كل البشر باستخدام "اختبار" إغلاق المجتمع "( باسكال ساكر - 5 تشرين الثاني عام 2020)، (فقط العلماء الالذين باعوا ضمائرهم والمفسدون، أولئك الذين تدفع لهم السلطات الوطنية، سيظلون يصرون على اختبارات RT-PCR). والنتيجة يصاب بولسونارو البرازيلي بالفيروس ويزداد عدد الوفيات بشكل كبير، مقترناً يإنهيار الاقتصاد البرازيلي.

هل هي صدفة؟ بالكاد.

يبادر البنك الدولي وصندوق النقد الدولي إلى تقديم مساعدة ضخمة في الغالب لتخفيف الديون، إما على شكل منح أو قروض منخفضة الفائدة. ولكن بشروط متعددة مرفقة: إذ يجب عليها اتباع القواعد التي وضعتها منظمة الصحة العالمية، ويجب عليها اتباع القواعد الخاصة بإجراء اختبارات مكثفة على التطعيم، وعندما تصبح متاحة يجري التطعيم الإلزامي. وإذا للتزمت الدول بهذه القواعد وغيرها من القواعد الخاصة بكل بلد، مثل السماح بالتلقيح الغربي، تستفيد الشركات من الموارد الطبيعية، وتستمر في خصخصة البنية التحتية الاجتماعية والخدمات الخاصة بك -عندها قد تتلقى مساعدة من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي.

أعلنت مجموعة البنك الدولي بالفعل في أيار عام 2020 أن عملياتها الطارئة لمكافحة كوفيد -19 قد وصلت بالفعل إلى 100 دولة نامية – أي ما يعادل 70٪ من سكان العالم بتقديم قروض تزيد على 160 مليار دولار أمريكي. وهذا يعني أنه بحلول اليوم، وبعد 6 أشهر وفي خضم "الموجة الثانية"، يجب أن يزداد بشكل كبير عدد البلدان وعدد القروض أو منح "الإغاثة"، حيث وصلت إلى ما يقرب من 193 دولة عضو في الأمم المتحدة. وهو ما يفسر كيف استسلمت جميع البلدان حرفياً، بما فيها أكثر البلدان الأفريقية معارضة، مثل مدغشقر وتنزانيا، من بين أفقر الفقراء، للإكراه أو الابتزاز من قبل مؤسسات بريتون وودز سيئة الصيت.

هذه المؤسسات ليس لديها خلاف حول طبع الدولارات، حيث أن الدولار هو نقود ورقية، لا يدعمها أي اقتصاد - ولكن يمكن إنتاجه حرفياً من الهواء الساخن وإقراضه للدول الفقيرة، إما كدين أو كمنحة. هذه البلدان من الآن فصاعدا، وبفعل الضغط المسلط عليها من قبل المؤسسات المالية الدولية، تصبح إلى الأبد معتمدة على النجاة من السادة الغربيين. وتعد Covid-19 هي الأداة المثالية للأسواق المالية لنقل الأرصدة من الأسفل إلى الأعلى.

من أجل تعظيم تركيز الثروات في الأعلى، قد يكون من الضروري وجود موجة واحدة أو اثنتين أو حتى ثلاث موجات كوفيد جديدة. كل هذا مخطط له، لقد توقع المنتدى الاقتصادي العالمي بالفعل السيناريوهات القادمة، من خلال كتابه الاستبدادي "كوفيد -19 - إعادة التعيين الكبرى". تم وضع كل شيء في محله. ومثقفونا الغربيون يقرؤونه ويحللونه وينتقدونه، لكننا لا نمزقه، بل نتركه يقف، ونراقب كيف تتحرك الكلمة في اتجاه إعادة التعيين. ويتم تنفيذ الخطة بإخلاص من قبل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، وكل ذلك تحت ستار فعل الخير للعالم.

أين الإختلاف في دور البنك الدولي وصندوق النقد الدولي قبل وباء كوفيد؟ لا شيئ، إنه سبب فقط المزيد من الاستغلال والاستعباد. وعندما أنتشر فيروس كورونا أصبح الأمر أكثر سهولة. قبل ذلك وحتى نهاية عام 2019، كان البنك الدولي أو صندوق النقد الدولي أو كليهما، يتوجهان إلى البلدان النامية الغنية بالموارد الطبيعية من النوع الذي يطمح إليه الغرب كالنفط والذهب والنحاس والمعادن الأخرى .

كان بإمكانهم الحصول على إعفاء من الديون، ما يسمى بقروض التكيف الهيكلي، بغض النظر عما إذا كانوا بحاجة فعلاً إلى مثل هذه الديون أم لا. تتوالى هذه القروض اليوم بجميع الأسماء والأشكال والأشكال والألوان، تماماً مثل ثورات-الألوان، وعلى سبيل المثال، غالباً ما تقدم على شكل دعم الميزانية، وأسميها ببساطة شيكات على بياض، فلا أحد يتحكم في ما يطرأ على هذا المال. ومع ذلك، يتعين على الدول إعادة هيكلة اقتصاداتها، وترشيد خدماتها العامة، وخصخصة المياه، والتعليم، والخدمات الصحية، والكهرباء، والطرق السريعة، والسكك الحديدية - ومنح الامتيازات للشركات الأجنبية لاستغلال الموارد الطبيعية.

إن معظم هذا الاحتيال- الاحتيال على "سرقة" المصادر الوطنية، يتم بشكل غير مرئي من عامة الناس، لكن البلدان أصبحت تعتمد بشكل متزايد على الأرباب الغربيين - لقد ولت سيادة الشعوب والمؤسسات. هناك دائما مفسد وفاسد. ولسوء الحظ، إنهم لا يزالون موجودين في كل مكان في جنوب الكرة الأرضية. ففي كثير من الأحيان، ومقابل مبالغ يعتد بها من المال، تضطر الدول إلى التصويت مع الولايات المتحدة لصالح أو ضد بعض قرارات الأمم المتحدة التي تهم الولايات المتحدة. النظام الفاسد للأمم المتحدة.

وبالطبع، عندما تم إنشاء منظمتين لبريتون وودز في عام 1944، تقرر أن يكون نظام التصويت ليس بصوت دولة واحدة، بل صوت واحد كما هو الحال من الناحية النظرية في الأمم المتحدة، ولكن أصبح لدى الولايات المتحدة حق النقض المطلق (الفيتو) في كلتا المنظمتين. ويتم احتساب حقوق التصويت الخاصة بالأعضاء بناءً على مساهمتهم في رأس المال والمستمدة من صيغة معقدة تستند إلى الناتج المحلي الإجمالي والمؤشرات الاقتصادية الأخرى. في كلتا المؤسستين التابعتين لبريتون وودز، يبلغ حق التصويت في الولايات المتحدة وكذلك حق النقض حوالي 17٪. علماً أن كلتا المؤسستين تضم 189 دولة عضو. ليس لدى أي من هذه البلدان الأخرى حق تصويت يبلغ أعلى من 17٪. كان بإمكان الاتحاد الأوروبي أن يحقق ذلك، ولكن لم تسمح لهم الولايات المتحدة مطلقاً بأن يصبحوا دولة أو اتحاداً.

لقد أزاح وباء كوفيد-19 الستار، إن لم يكن بالفعل قد أزيح من قبل، كيف أن مؤسسات بريتون وودز المالية الدولية "الرسمية" والموظفة من قبل الأمم المتحدة ومندمجة بالكامل في نظام الأمم المتحدة، لا تزال تحوز الثقة من قبل معظم الدول، لربما بسبب الافتقار إلى أي شيء أفضل .

مع ذلك فإن السؤال الذي يطرح نفسه: ما هو الأفضل، نظام فاسد منافق يوفر "المظهر"، أو إلغاء نظام بائس والتحلي بالشجاعة لإنشاء نظام جديد، وفي ظل ظروف ديمقراطية جديدة وبحقوق سيادية لكل دولة مشاركة؟

 

.......................

* تم نشر هذه المقالة في الأصل على موقع New Eastern Outlook

* بيتر كوينغ خبير اقتصادي ومحلل جيوسياسي ومتخصص في الموارد المائية والبيئية. عمل لأكثر من 30 عاماً مع البنك الدولي ومنظمة الصحة العالمية حول العالم في مجالات البيئة والمياه. وحاضر في جامعات في الولايات المتحدة وأوروبا وأمريكا الجنوبية. ويكتب بانتظام على صفحات الإنترنت مثل Global Research ؛ ICH ؛ التوقعات الشرقية الجديدة (NEO) والمزيد. وهو مؤلف كتاب Implosion، وهي قصة اقتصادية مثيرة عن الحرب والتدمير البيئي وجشع الشركات -في رواية تستند عللى حقائق وعلى 30 عاماً من خبرة البنك الدولي حول العالم. بيتر كوينغ هو أيضاً مؤلف مشارك لكتاب سينثيا ماكيني "عندما تعطس الصين: من تأمين فيروس كورونا إلى الأزمة الاقتصادية والسياسية العالمية".

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم