صحيفة المثقف

رياء ونفاق ساسة العراق.. خطب أعياد الميلاد المجيد نموذجا

عمانوئيل خوشاباأقامت البطريركية الكلدانية مساء الخميس المصادف 24 كانون الاول 2020 مراسيم قداس ليلة عيد الميلاد في كاتدرائية مار يوسف في بغداد، والتي ادارها قداسة البطريك الكاردينال مار لويس ساكو مع عدد من أساقفة الطائفة الكلدانية، وحضر القداس فخامة الرئيس العراقي برهم صالح، وسماحة السيد عمار الحكيم رئيس تيار الحكمة، الشيخ ستار الحلو رئيس الطائفة المندائية بالعالم، وعدد من نواب شعبنا في البرلمان العراقي بالأضافة الى عدد من أفراد السلك الديبلوماسي المعتمد في بغداد وشخصيات مختلفة اِضافة الى جمع من المواطنين. ومن جانب آخر حضر رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي قداس عيد الميلاد الذي أقيم في كنيسة سيدة النجاة للسريان الكاثوليك في بغداد.

وقد تخلل القداس عدد من الصلوات الروحية الربانية المأخوذة من تعاليم الليتورجيا المعتمدة عند الطائفة الكلدانية، وكان هناك حيز تم خلاله تلاوة عدد من الخطب الرسمية، حيث بادر الكاردينال لويس ساكو بألقاء

خطبته مرحباً بالضيوف ومسلطاً الضوء على أهمية الدور الوطني المسؤول من قبل كافة القوى السياسية في التعاون من اجل رفع الكم الهائل من الظروف الصعبة التي يمربها الوطن من الناحية الأمنية، السياسية، الأقتصادية، الأجتماعية والصحية، وأكد بدوره الأعتماد على عاملي الصفاء الروحي والأخلاقي لتحقيق السلام والأخوة مابين أبناء الوطن. ونود القول بانه كان الأجدر من الكاردينال ساكو بأن يدعو الى قداس مشترك موحد مع باقي الطوائف المسيحية في العراق، لكي يجسد موعظته المتعلقة حول مفاهيم الأخوة والسلام، ومن ثم اِظهار مدى وحدة كلمتنا الروحية والقومية.

أود تسليط الضوء على الحدث الأهم في هذا الأحتفال هو حالة الرياء الظاهرة في خطاب الرئيس برهم صالح، والسيد الحكيم، ومن ثم خطاب رئيس الوزراء الكاظمي في الأحتفال الآخر، وتمثلت جميع الخطب بالوجهين المتناقضين فكرياً وعملياً، اِذ نتناول الوجه الظاهري والتي أكد من خلاله الجميع على الأستلهام من القيم الأنسانية والنبيلة التي جاء بها السيد المسيح والتي ترسخت من خلال مفاهيم الحب والتسامح عند البشرية، والعمل من أجل سيادة روح السلام والتعايش والتلاحم الوحدوي ما بين الفرق العراقية بكافة تلاوينها العقائدية والطائفية تحت ظل العراق الموحد. سادت خطبهم المفهوم العاطفي الجياش والمتمثل بالدور المتميز لمسيحي العراق ضمن النسيج الوطني العراقي وأبدوا كمال الأسف على هجرة الجموع الكبرى منهم الى خارج الوطن، حيث أكد الجميع العمل وبصورة جدية على تهيئة الظروف المناسبة والدعم الكامل لعودة المهجرين من أبناء شعبنا الى بلدهم العراق.

أما الوجه الآخر والمتمثل بالفكر الباطني المضمور بالنوايا والأفكار التي تخدم أيدولوجيتهم وسياساتهم المبنية على الطائفية المقيتة والتي نجحت فيه الأحزاب الثيوقراطية جنباً مع جنب الاحزاب الشمولية في عميلة توظيف وأستغلال فسيفساء الهوية الطائفية للأنطلاق من قاعدة فرق تسد المشؤومة في سبيل اِدامة الفرقة بين المكونات الأجتماعية العراقية وتقييد الحريات اِضافة الى تهميش فرص المساواة مابين الأفراد ضمن المجتمع العراقي والغاية منها هو بث كامل سيطرتها على مفاصل الحياة بكافة أنواعها في العراق.  تحدث الجميع عن أهمية الحفاظ على اللحمة الوطنية العراقية ودورها الفعال في بناء الوطن، متناسين في ذلك دورهم السلبي في وصول العراق الى مرحلة الأنهيار الحالية المعتمدة على مبدأ الولاءات العقائدية والطائفية وخلق مساحة عريضة من حالات الخوف والرعب والفساد المستشري في بدن الدولة.

2108 خوشابة

فيما يلي نود تسليط الضوء على بعض النقاط المهمة والتي يتناقض من خلالها ساسة البلد:

1 - الرئيس برهم صالح يدعو الى التلاحم الوطني العراقي وتناسى مشاركته الفعالة في عملية الأستفتاء الكوردي (ريفيردوم) الذي أقيم في 25 أيلول 2017 من أجل أستقلال اِقليم كردستان عن جسد العراق، والذي أعتبر حينها خرق دستوري، والآن هو يمثل الراعي الأول للعراقيين. والجدير بالذكر بأن كل ما ينطق به ساسة العراق عن اللحمة الوطنية ما هو اِلا أحد أنواع التسويق والأستثمار السياسي الكاذب والذي يراد منه التكتم على ماوصل البلد اليه اليوم بحيث لم يعد هناك مصطلح وطن تابع الى مواطنيه بغض النظرعن الأنتماءات القومية والعرقية.

2 – يركز أغلب الساسة وأخص منها الأحزاب الدينية على مسألة حقوق الأنسان ودور المرأة في العراق مابعد 2003، اتسائل أي حقوق اِنسان تتناغمون اللعب من خلالها على مشاعر المواطنين، هل نسيتم أفتعالكم أزمة تغيير قانون الأحوال الشخصية العراقية المرقم 188 لعام 1959 المتوافق مع المعايير الدولية، وتبديله بالقانون السئ الصيت المتمثل بظاهرة تزويج الفتيات القاصرات دون السن القانوني والمتمثل ب 8 سنوات، ومنها سحبتم الثقة من السلطة القضائية وأعطيتم الشرعية لرجال الدين والمشايخ المسلمين لأجراء هذا القانون طبق هواهم.

3 – تؤكدون على اهمية الحفاظ في التنوع والتعايش السلمي بين المواطنين، بالمقابل كان لكم الدور واليد المقيتة في سن قوانين تؤدي بدورها أسلمة القاصرين من الأقليات العرقية طبق الفقرة الثانية من المادة رقم (26) من قانون البطاقة الوطنية العراقية والمرقم (3) لعام 2016 والتي تشير الى (يتبع الأولاد القاصرين في الدين من أعتنق الدين الاِسلامي من البوين) وأسلمتهم قبل بلوغ سن الرشد، والذي يمكن أعتباره أحد الأنتهاكات الخطيرة لحقوق الأنسان والحقوق الدينية المكفولة ضمن الدستور العراقي ومن ثم المواثيق والقرارات الدولية.

4 – تتباكون على مسيحيوا العراق وكان لكم الذراع الطويلة في تهجيرهم وتضائل عددهم الى أكثر من 83% منذ الغزو الأميركي للعراق سنة 2003، حيث أغلب التقديرات أشارت بأن عدد الآشوريين المسيحيين بمختلف طوائفهم كان حوالي مليون ونصف وقد تناقص عددهم الى ال 250 ألف نسمة في الوقت الحاضر، ولازال العدد ينخفض بأستمرار كنتيجة للسياسات الفاشلة التي أدتها الحكومات المتعاقبة لحكم البلد منذ عام 2003 . وتشير الكثيرمن الأحصائيات الدولية بأن العراق واحد من أسوأ بلدان العالم في الكثير من النواحي . كذلك يمكن الذكر بعدم تفعيل القرارات الصادرة من مجلس الوزراء والخاصة بأبناء شعبنا منها اِقامة محافظة سهل نينوى، وعدم تخصيص ميزانية مالية لهذه المناطق لتوفير أبسط الخدمات لها وخاصة وهي بحاجة ماسة الى التعويض المالي لأعادة اِعمارها بعد الهجمة الشرسة التي قام بها تنظيم داعش عام 2014 والتي أمست بعدها واحدة من المناطق المنكوبة في العراق، التدخل السافر من قبل أحزاب السلطة في بغداد وأربيل بمناطق تواجد شعبنا ومن ثم السيطرة على مقاعد الكوتا، من الناحية التربوية تشير أغلب المناهج الرسمية العراقية بأن المسيحيين هم دخلاء على هذا البلد، ولاننسى تصريح القادة السياسيين في البلد بأن المسيحييين هم بمثابة جالية تعيش في العراق.

5 - يتفق الساسة العراقيين على اِتخاذ الخطوات الجادة في عملية حق العودة للجموع المليونية المهجرة من أبناء شعبنا والأقليات الأخرى الى بلدهم العراق، ونود الأعلام بأن عراق اليوم يعاني أسؤأ حالاته وعلى كافة الأصعدة، ونخص منها العامل الأمني والأقتصادي وغيرها والتي القت ظلالها السلبية على الواقع المعيشي المتردي الذي يعانيه المواطن العراقي ومن ثم أنعدام أبسط الخدمات الواجب توفيرها، لذلك أود التسائل من سيادة رئيس السلطة التنفيذية ومن معه، الا تخجلون بالضحك على ذقون العامة من الشعب المسكين والغالب على أمره، كيف تنادون بالمهجرين الى الرجوع الى بلداتهم وانتم لم توفروا أبسط الحقوق المدنية للمواطن، اِذا كنتم جادين بطرحكم هذا، نهيب بكم بالمحافظة على القلة الباقية من أبناء شعبنا المتناثر في العراق، واِرجاع حقوقه وأراضيه وقراه المسلوبة في المحافظات الشمالية الواقعة تحت سيطرة الأكراد والمحافظات العراقية الأخرى مثل بغداد ونينوى وضواحيها، ودعم المستوى المعاشي للمواطنين من خلال توفير الوظائف والأشغال وأعادة اِعمار المناطق المنكوبة، وتوفير الخدمات البلدية وتحقيق مبدأ العدالة وسيطرة الدولة على مقاليد الأمور وتقديم المجرمون الى المحاكم القضائية لكي يأخذ القانون مجراه .....وأخيراً أقولها للسادة الرؤساء هل وفقتم في القبض على قتلة الشهيد هشام الهاشمي وقتلة شهداء ثورة تشرين منهم صفاء السراي، صلاح العراقي من بغداد، الشهيدة الدكتورة ريهام يعقوب من البصرة، الشهيدة أم عباس من الناصرية، الشهيد ريمون ريان، الشهيد سربست عثمان من السليمانية، الشهيد شفان شكلاي من قضاء كفري ومئات الشهداء الأخرين... كيف يعود المهجر والقاتل طليق يا سيدة الرئيس !!!!!

تملون على شعبنا العديد من الصفات الطنانة منها تقولون لنا : اِنتم ملح هذه الرض، انتم أصل العراق وغيرها من التواصيف الرنانة، نقولها بملْ الفم لكم كفانا أيها السادة في نعتنا هكذا لأنها تعابير مجازية يراد منها غرض معين ومن ثم ليس بالمهم عندنا الحصول على عطلة رسمية بمناسبة أعياد الميلاد... نقول لكم فقط (نريد وطن) .

 

عمانوئيل خوشابا

25-12-2020

...........................

الهوامش:

* صورة الموضوع مأخوذة من الموقع العربي موضوع ولاتستخدم للأغراض التجارية ...

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم