صحيفة المثقف

بذة الثلج

صالح الرزوقبقلم: فيليب تيرمان

ترجمة: صالح الرزوق


ولكن كيف يمكننا أن نعيش،

إن لم نكن في الطابق العلوي من هذا الموقع المهجور،

حيث يمكننا أن نكون جاهزين لتنبيه المدينة في اللحظات المناسبة أن

المطر أصبح ثلوجا؟

ومتى كانت آخر مرة جلست فيها أمام نافذة

دون أن تفعل شيئا سوى مراقبة تراكم ساعات النهار كلها؟

هل هذا حينما كنت طفلا،

وأنت لا تزال بالبيجاما، دوام المدرسة متوقف،

كانت كل حياتك تتفتح مثل رقائق الثلج تلك وهي تتمايل بعيدا عن متناول يدك؟

والآن الثلج يستنزفنا،

ومع ذلك هو جميل.

أحيانا لا أريد أن أتابع الحكاية،

أريد أن أتجول على عرض الصفحة عشوائيا دون أن يكون لدينا مكان نتواجد فيه،

ولا شيء نقوم به،

ولا حادثة موت أحد نفجع بها،

ولا حتى موتنا.

ولا تزال تثلج وأنا أكتب بإيقاع حدده لي

أسلافي

في المناطق المظلمة من ذلك العالم الآخر.

ننظر خارجا للثلوج بحثا عن أجوبة

ونكتشف سعادتنا، وهو ما نقبل به -

نحن نثق بالصمت الهندسي لكل رقاقة

وهي ترسم رؤاها التجريدية في الفضاء.

ونعود إلى النصوص المكتوبة،

ونستمع لموسيقا البيت -

منذ هذا الصباح وهو ينقلب لظهيرة ثم مساء.

لو بمقدورنا اعتقال اللحظات وهي تتوالى:

سكب الحبوب في الطبق،

الوقوف أمام الموقد

والتحديق بالبرد الذي يخيم على أشجار التفاح -

يمكنك أن تسميها لعنة

أو يمكنك أن تقول هي شيء رائع -

ويمكنها أن تذكرك بطفولتك

أو يمكنها أن تذكرك كيف كانت تهبط دون رحمة على قبر أبيك.

وتتحداك لتلاحظ كيف تتكوم،

وهي تريد أن تري قلبك مليون ملاك يهبط.

*

تقول انعطف للداخل،

اليوم يومك، وامكث في الداخل

واستفد من كل تلك الساعات الإضافية -

لدينا القليل منها جدا - للحب،

تلك الساعات التي، بعد موتك،

ستموت فيها لتكسب.

الثلج هو توقيع الصمت.

إنه يكتب قصيدة

وهو يواصل المحي والمراجعة

ليكتب غيرها، ثم غيرها.

ابنتي تحدق من النافذة،

وهي تدندن لنفسها.

اللون الأبيض صاعد، كل شيء ملغى،

وربحت هذا اليوم وعليها

أن تصوره لاحقا،

*

ضوء الصباح الرمادي وخبطات الشاحنات

على طول الشارع الـ 12، والثلج يخط بعرض السماء

مثل اعتذارات بيضاء مكتوبة، تقول: آسفون

يجب أن تتخلفي عن المدرسة، وتغني.

*

أعلم أنه ليس بوسعنا فهمها تماما،

وأعلم أن أبعد ما تصله النجوم لا ينير أرواحنا.

وأعلم أننا لن نعرف الأرض على وجه اليقين مثل كلب يزن خمسة أرطال

ويشم ما حول شجرة الكمثرى.

وحتى في غمرة هذه السعادة، أعلم أننا نحتضر.

ولكن بعد أن نستيقظ، مارسنا  الحب-

والصباح يتنفس والملاءات المكومة والنوم في

عيوننا -

وحتى حينما كان الثلج يتدحرج،

وحتى حينما إلهنا،

وربما هو ليس إلهنا،

كان يضحك.

***

 

..............................

فيليب تيرمان Philip Terman : شاعر أمريكي. أستاذ في جامعة كلاريون باختصاص الأدب الحديث. المصدر مراسلات شخصية

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم