صحيفة المثقف

عندما ينتظم الانسان ينتظم العالم

قصة لطيفة ذات معنى عميق ضمن سلسلة لاتقراني قراءة سطحية منقولة ولا اعلم من هو كاتبها، هذه القصة هي المدخل لمقالي هذا، القصة تقول:

دخل الابن (عمره خمس سنوات) على ابيه وهو مشغول بقراءة كتاب معين فقال له: ابي انك وعدتني بان تاخذني الى المتنزه عصرا والان الوقت عصرا، نظر له الاب واراد ان يخلف وعده ففكر بان يشغله بشيء ما فقطع ورقة من مجلة امامه عليها صورة لخريطة العالم وقام بتقطيعها عدة قطع وقال لابنه ان استطعت ان تعيد ترتيبها سنخرج الى المتنزه ولان الصورة هي خريطة العالم فيصعب على الابن ترتيبها لانه اصلا لا يعرف القراءة، عشر دقائق او اقل قال لابيه لقد انجزتها يا ابي، نظر اليها الاب فتعجب من سرعة تنظيمها ومعرفته بالدول فقال له كيف عملت هذا؟ فقال له الابن بسيطة في ظهر الصورة صورة شخص قمت بتنظيم صورة الشخص فانتظمت صورة خريطة العالم.

امر في غاية الروعة وله حكمة عميقة وعريقة وعظيمة فكل شيء يبدا من الانسان فان كان الانسان منتظم تكون العائلة منتظمة ويكون المجتمع منتظم ويكون العالم منتظم

لنتحدث عن عراقنا وما فيه من ماسي وازمات وعلى مستوى المسؤول والمواطن، فهل المسؤول منتظم في اداء واجباته اتجاه العراق والعراقيين ويوميا تظهر لنا ملفات فساد عجيبة ولا قانون يردعها، نعم ولا قانون يردعها اي ان القاضي هو الاخر غير منتظم في عمله وان فكر بالعدالة تاتي قوة اكبر منه اما لتغير الحكم او لازاحته وهذه القوة من؟ انها انسان غير منتظم لا يؤمن بالعدالة، والمسؤول يرى شعبه نصفهم جياع وربعهم يبحث عن وظيفة ويوميا نسمع سرقة وانتحار، المسؤول انسان غير منتظم .

وانت ايها المواطن عندما تتجاوز على الحق العام سواء ببناء بيت او سرقة كهرباء فهل انت انسان منتظم؟، وانت الذي تستخدم الارصفة ملك شخصي لك هل انت انسان منتظم؟، وانت الذي تحجز الشارع والرصيف الذي امام محلك وتضع العوارض لتمنع الناس والسيارات من المرور والوقوف، هل انت انسان منتظم؟ وانت الذي توقف سيارتك وسط الشارع وتذهب لانجاز اعمالك الخاصة، فهل انت انسان منتظم؟ وانت ايها الواعظ الذي تصدع ادمغتنا بمواعظك وانت لا تلتزم بها فهل انت انسان منتظم؟، وانت ايها الجار الذي لا يعلم بجاره هل بات جائعا ام انه ارهابي، فهل انت انسان منتظم؟ وانت يا سائق الدراجة النارية تعبث في الشارع وتسير كما يحلو لك وباي سرعة وباي اتجاه مع الاصوات المزعجة فهل انت انسان منتظم ؟ ولو ذكرنا جريمة او سيئة في بلدي سيقولون انه امر طبيعي وان ذكرنا شخص قام بعمل حسن فيكون جوابنا اما التعجب لان الامانة والنزاهة اصبحت عجيبة او نعته بانه انسان غشيم، فهل هذا تصرف انسان منتظم ؟

هذه المظاهر في بلدي فهل بلدي بلد منتظم ؟

لا نفقد الامل ولكن ان لم نتحدث عن جراحنا ونقر بها ونفكر بمعالجتها لنبدا بانفسنا ونتعلم من القصة التي ذكرتها في بداية المقال.

  

سامي جواد كاظم

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم