صحيفة المثقف

جمجمة

صادق الصافيأسند رأسه على جدار المقبرة

فتح رجليه

ثم تبول أحزانه وهو يدندن بأغنية

" ما هموني غير الرجال الى ضاعو"

تحته

على البركة التي انطفأت فقاقيعها الصفراء

رأى وجها يتموج في القاع

لم يكن وجه كلب

ولا وجه ذئب

وأيضا لم يكن وجهه

كان وجه جمجمة بأنف مكسور

وعينين غائرتين

وفم فاغر من الدهشة

أو ربما من الذعر

تفوح منه رائحة الدم والدخان

هل تعود لرجل ام لامرأة؟

لفقير طاو

لم يتسن له شراء كسرة خبز لأبنائه العشرة

ومات من الحسرة..

أم لغني

نسي مفاتيح خزنته في جيب عشيقته الشقراء

ووجد منتحرا بين مؤشرات البورصة

ذات صباح داكن؟

هل صاحب الجمجمة مات واقفا كالأشجار

وهو يحرس الفراشات

من صقيع الذكريات

ويحصي عدد النوتات في موسيقى العصافير..

أم سقط صريعا تحت سنابك الخيانة

في ملهى ليلي

وهو يتوسد صدر امرأة عجوز

ويبكي

كطفل تركته أمه في العراء؟

أي سر يكون قد فاه به وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة

تحت سياط من جلد أسود متين؟

أي صلاة كان يؤدي وهو يطارد الساحرات

مختبئا في العتمة؟

حين فتح عينيه

كانت الشمس قد أشرقت من جديد

وكان وجهه يستحم في ضوئها

وصوت أغنية يدندن في رأسه

"ما هموني غير الرجال الى ضاعو.

             ***

عبد اللطيف الصافي /المغرب

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم