صحيفة المثقف

إصدار جديد: سيرة حياة وقصيدة رثاء

مناديل وحلوى للفرح القادم: مسببات التراجيدية العراقية الحديثة

صدرت عن دار ميزر بالسويد في نيسان،٢٠١٩، سيرة حياة المناضل العراقي كلدان كبيس مندوي بعنوان مناديل وحلوى للفرح القادم (مسببات التراجيديا العراقية الحديثة) للشاعر الروائي د. قحطان محبوب مندوي. تحلل الرواية بمائتين وعشرين صفحة، بتفاصيل فطنة، دقيقة، وميكروسكوبيه الظروف القاهرة التي مر بها العراق وتاريخه السياسي والاجتماعي والاقتصادي للسبعين سنة الماضية. منذ ولادة بطل الرواية كلدان مندوي، ١٩٤٠، تعاقبت على العراق حكومات كثيرة، بعضها اندحر بعد فترات قليلة، وأخري تركت جروحها وكدماتها على وجه العراق الحبيب، مما أدى لتأخره واندحاره ودماره الشامل لينتهي بلدا فاشلا يحكمه شلة من السراق والمنفصمين والمتخلفين.

يقول مقدم الرواية د. هاتف جنابي، "تتناول هذه السيرة التوثيقية...أعقد وأدق التفاصيل والمفارقات التي مر بها العراق وبطلها...وتنفرد، عن سواها، كونها تسرد احداثا تجعلنا نطلع على أحد أوجه العراق وتاريخه السياسي والاجتماعي ومعاناة سكانه، وتسلط الضوء على ما آل اليه العراق راهنا. تروي الرواية فصلا منسيا من نضال الشعب العراقي ضد طغاته. ثمة مرتكزات توزعت حولها الاحداث. هناك مبدأ العنف القائم على اغتصاب السلطة والاستهتار بالقانون ومصير الدولة والمواطنين مسنودا بالقهر الاجتماعي من جهة، مقابل طيبة ونزاهة بطل السيرة وما يمثله من قيم فكرية وسياسية وإنسانية من جهة أخرى. إنه لصراع مزق ومازال جسد العراق ونخر روحه."  يكمل مقدم الرواية د. هاتف جنابي حديثه قائلا: "ساترك القارئ مع هذا الاقتباس المعبر من الفصل الأخير: ما حز بنفس كلدان مندوي وآلمه كثيرا، بالإضافة لمرض زوجته الخطير الذي سيؤدي عاجلا أو آجلاً لموتها، ليس ببيع بيته أو خسرانه مجوهراته ومحله، بل لقساوة وجوب خروجه، أو نفيه من الوطن الذي أحبه وضحي من أجله الكثير.  للرواية راويين، الأول يرويها للثاني، والثاني يرويها للقارئ. بطل القصة كلدان مندوي، عراقي أصيل وشهم تحدى، بذكاء وشجاعة فائقة جلاوزة الحرس القومي في العراق عام ١٩٦٣ وعملاء السافاك في إيران. لم يمهلهم ثانية واحدة للنيل منه او قتله تحت التعذيب كما قتلوا زميله في المدرسة أو رفقائه الآخرين. من هناك يأخذنا هذا العراقي النزيه عبر دروب الحفاة ودهاليز الحياة والموت في سجون الفاشست الموبوءة وقصر النهاية ليلقننا درسا عن قساوة الطغاة وساديتهم وعن رقة وإنسانية وأمل وصبر وجبروت هذا المناضل العراقي الشهم الذي لم يفارقهُ وطنهُ بأحلكِ الظروفِ وأصعبِ الأوقات.  مناديل وحلوى سيرة نادرة جديرة بالقراءة والتحليل.

أهدى المؤلف الرواية لشهداء الحركة الوطنية العراقية.

رثاء الشقيق المناضل كلدان كبيس محبوب مندوي رثاء لكل العراقيين النجباء الذين ضحوا بأرواحهم  من أجل وطنهم العزيز وحريته واستقراره.

أخَو الهَزار

نوحي لكلدانَ أُدْمـي الخدَ والحـَــدَقا       وَأَبنّي نُبلَ مــن وفّــى ومَـــن صَــدقا   

من رخّصَ النفــسَ كي ينجـو بعفتهِ        فهـل لغيرِ الفتى فخرٌ سَــــنا ورقى؟

تجرّعَ الســجنَ والتعذيبَ من صِغرٍ         لكي يَظلَ سَـــــراجُ الفـــكرِ مُؤتـلقا

وموطنُ العشقِ من عاثَ الطغاةُ به         يحيى برغدٍ، كريمَ النفــسِ، مُنعتقا

تشــدو بوديـــــانهِ الأنهارُ راقصـةً         والنخلُ يغفو على شطآنهِ سَــــــمِقا

أهدى الفوادَ لــهُ والعيــنَ والرَمَـقا         وَعافَ "للمتهافي" تمـرَهُ العبــــقا

 

أخوالهزارِ مضتْ أعوامُه غُصَصا          من الحـروبِ لمـنفى نـازفاً رهِــــقا 

ماانفك يخرجُ من أنــيابِ كـــارثةٍ           هالتْ عليه الرزايا الحـــقدَ والرَنقا

ومانــجا من جحيمٍ طالَ مسْــعَرُها           الا بما خلفــتْ مـن خفتِـــها حـُرِقا

ورَغم ذاك بما أدمتْ وما بطشــتْ           ندا لـها كـانَ، في اتراحـــهِ  أنِـــقا

وعدُ الفراشـةِ  ضوعُ الآسِ طيبتهُ         وقلبُـــهُ بــيرقٌ فيِ الريـحِ إذ خـَـفقا

بَراءةُ البُــلبلِ الغريـدِ فـي دَمِــــــهِ          وفي تحديهِ غَيضُ البـحرِ إن حَنَـقا

وفي الزئيرِ صدىً من جأشهِ ولـهُ          جَسارةُ النسـرِ لومن أسْـــرهِ طفـقا

شَـــهمٌ  نخيٌ نــدىٌ واثـــقٌ عبــقٌ          طلـعُ النخــيلِ بعطـرٍ مثلـــهِ عَبقــا

خيرُالرفـاقِ اذاعزَّالصـــديقُ وأن           شـَـحَ الحليمُ  فمنهُ الشـعرُ قد نطقا

حيا يشــــعُ لضاً بين الدُجى قمَـراً          وفي احتظاره وهجُ الشمسِ مُنفلقا

لم يتســـع بُعْدُ كلِّ الكـونِ خطوَتهُ           فَكيفَ يَسْكنُ قبراً موحِشــاً خَنِـقا؟

 

بغداد ما لكِ لا ترويــنَ ضــــامئةً       ولا تروفينَ جُرحـاً "لجلك" انفتقا؟

فهل لما عاثَ ســـــاديٌّ  ومنفصمٌ       ومـا أراقَ زنيـــمٌ منـــكِ أو فسـَـقا

هانتْ لديك منــاجـاةٌ وتضـــــحيةٌ        كما يَهونُ للصٍ مَــال من ســـرقا

تَسْـــتمرئين دنيئاً سـارقاً عـــهناً        وَتثــكلين جَريــحا مُوصِباً رَبـــقا

ولا تَغيثينَ مظلومـاً بكى ســـقـماً         أو تثــأرين لإخــتٍ عِرضُها هُرِقا

امـا لأوجاعنا في خــافقيكِ صدىً         فتخلطينَ آخـا غدرٍ بمـن عَشَــقا؟

تــذّكّري صُـنـوَاخــلاقٍ وذي أدبٍ         اذا ذكــرتِ العُلا والجـود والألــقا

وذكّري ظالماً مهما قســى وطغى         بكل نــــجمٍ زهــا واغترَّ فامّــحقا

 

أخا الهزارِ سَـنا زهوي ومفخرتي       مـــن قَبــلِ فقدِكَ أمسي نَامَ مُغتبقا

وَما تيتمتُ في صــُغرٍ بفقدِ أبـــــي       فَكُنتَ لي الأبَ و"الاخوانَ" و"الرفـقا"

اليوم يتمني دَهــــري وهــــا أنــذا       شـــلوٌ ألمُ جـراحي عاثــراً عَرِقـــا 

وفيــتَ دينــكَ مَعـــْذوراً بلا عتــبٍ        وصنتَ وعـدكَ تبراً صافيا غَــدِقا

كفاك هـــمٌ  واوجـــــاعً وفاجـــعةً        وطولُ نأيِّ سقاكَ السُهدَ و القلقــا 

نم يارفيقي قـــريرَالعيــــنِ مُغتبقاً        وَدَعْ لنا الدمعَ والأشجانَ والأرقــا

 

روجستر هلز

23-8-2019 الجمعه

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم