صحيفة المثقف

سكينة نفسي

ذكرى البياتي ثمةُ أحزان لا تنسى، وجراحات لاتندمل مدى الحياة، وثمة أيام نتمنى لو نعيشها ألف مرة ولا تنقضي أبدا.

هنالك أحلام لا تتحقق إلا بعدما نفقد شغفنا بها، وثمة سعادة كانت بين أيدينا ولا ندركها إلا بعد زوالها، تلك هي الحياة...

منذ أمد بعيد وانا اكتب لنفسي كصديقة لها، احاكيها بهمس الحروف والكلمات، ابوح لها بقلم مكلوم يخط ذلكم البوح كله على اوراق كنت قد جمعتها في سفري واخفيتها تباعا في احدى جيوب حقيبة السفر عن ذات النفس التي سكنت منذ فترة، ليس خوفا منها، ولكن كي لا اقلقها على حالي في غربتي أنا وأولادي، ولكن وفي لحظة سفر قامت نفسي لترتيب حقيبة سفري. فوقعت يدها على قصاصات اوراقي وأخذت تقلب الطرف فيها وتتصفحها واحدة تلو الاخرى، التفتت الي بدهشة وقالت بصوت مخنوق، يا نفسي اكل هذه الكتابات تحاكي بها نفسك، أم تراها محاكاة لنفس اخرى سكنت نفسك في غربتك؟

وقبل ان اجيب تأملت مليا في تساؤلاتها الحائرة واذا ما كان هناك فعلا ثمة نفس اخرى تحاكيها قد عرفتها في غربتي فلا اجيب عن سؤالي فقط، ابقي ساكنة كما أنت الان ولتعلم ان كانت هذه النفس التي تحاكيها فيها سكينة لنفسك وسعادة ليكن، انا سعيدة حيث أجد سعادة نفسي، وبعد ان اقتربت منها قلت يا نفسي ابعد كل هذه السنين تسألينني وأنت سيدتي ومستعمرتي وكل انفاسي ؟ ابعد ما تملكتي نفسي وانفاسي وقلبي ونبضه وروحي وجسدي وكل بنات افكاري واحلامي وهمسي وقلمي وحروفي وحتى كلماتي واوراقي، فانا يا مستعمرتي لم ولن اطالب بالاستقلال عنك فلتهدأ نفسك ولتسكن نفسي ولتعودي صديقتي ورفيقة دربي، فأنت سعادتي وفرحي وبسمتي، فقط ابتسمي كي أقوى على لحظة وداع قبيل سفري من هذه الحياة..

 

بقلم :ذكرى البياتي

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم