صحيفة المثقف

كيف يتعافى العراق؟

اي تغيير لاي نظام دكتاتوري في العالم يكون بطريقة الثورات والانقلابات وغير ذلك ان رحل الدكتاتور فانه يورث المنصب لدكتاتور اخر من ابنائه او ارحامه، والدكتاتور هنا يجمع كل الصفات الرذيلة للحاكم في السلطة من طغيان وفساد ورشاوى وانعدام خدمات والظلم في تطبيق القانون والاصح لا يوجد قانون عادل .

اما اذا جاء طاغوت او فاشل بطريقة ديمقراطية فاعلموا سيتعاقب الفاشلون على السلطة ديمقراطيا وهذا يثير الاستفهام الغريب هل هذا يعني ان الشعب لا يحسن انتخاب حاكمه؟ اقول ربما لا يحسن بسبب المغريات الدنيئة التي يقدمها المرشح للمواطن، وربما القانون الانتخابي فاشل، ولربما القائمون على الانتخابات غير نزيهين فيحدث تزوير، ولله الحمد في العراق جمعناها كلها، السؤال كيف السبيل للتخلص مما نحن فيه اليوم؟

لا افقد الامل ولكن الثمن باهض، بعد سبعة عشر عام الاحزاب السياسية غرست مخالبها في الجسد العراقي عبر كل مؤسسات الدولة العراقية فالمؤسسة او الوزارة التي يراسها فلان من الحزب الفلاني يكون كادرها بالاجماع تابع لهذا الحزب ولعشيرة المسؤول وهؤلاء لا يمكن تغييرهم عندما يرحل كبيرهم لان كبيرهم سيدخل ضمن تدوير المناصب، ومن هنا اي مستقل شريف ونزيه يرشح لمنصب معين لا يستطيع العمل لان كادره ليس من حزبه وسيتم تسقيطه حتى ينصب شخص من حزبهم .

المظاهرات ظاهرة حضارية تستنهض مشاعر المواطنين من اجل بلدهم وشعبهم، هل هذه الظاهرة طبقت بمعاييرها في العراق ؟ كلا، المظاهرات عبارة عن ثلاثة اطراف، طرف شرعي تظاهر من اجل العراق والعراقيين، وطرف انتهازي تظاهر من اجل الفوضى والسرقات والعبث، وطرف مدسوس مجرم مهمته اغتيال الناشطين والابرياء لاحداث فوضى وتشتيت المتظاهرين وهو الطرف المستفيد من تسقيط العراق سياسيا ومذهبيا، وقد حدثت صدامات بين ابناء الملة الواحدة وبقية الملل ركنت الى السلم وعدم المبالاة بما يجري في بغداد والمحافظات الجنوبية .

هنا تدخلت المرجعية سعيا منها لان تجعل المظاهرات حضارية وسليمة وتقتلع الحكومة وتحافظ على الدولة الا ان كما يقال الطرف الثالث المجرم عبث بارواح وممتلكات المواطنين والحكومة بين العاجزة والخائفة والمستفيدة من هذه الفوضى لانه حتما سيكون هنالك اطراف لديها قدم مع الفوضى وقدم في الحكومة، وبعد سنة من المظاهرات خسر العراقيون سياسيا واقتصاديا دون ان يتحقق لهم اي مكسب لتاتي مؤامرة كورونا لتزيد من محنتهم .

ويبقى السؤال كيف يتعافى العراق؟ هنا المشكلة الحقيقة طالما ان الثقة مفقودة بالحكومة ومفقودة بين ابناء الوطن، من اساليب تسقيط الحكومة هو اسلوب العصيان المدني وليس غلق المدارس او المستشفيات بل توقف العمل تلقائيا من قبل الموظفين في كل وزارات الحكومة التي لا تؤثر على ارواح المواطنين مثلا التوقف في مؤسسات الضرائب العقارات التجارة الاسكان الخارجية الصناعة وغيرها، ولكن المشكلة هنا ان اغلب الموظفين تابعين لاحزابهم هذا اولا وثانيا بينهم شريحة كبيرة فاسدة ومستفيدة من الفساد وهؤلاء لا يقومون بالعصيان المدني، وشريحة اخرى مستفيدة وليست فاسدة ولانها مستفيدة لا تريد ان تقحم نفسها بهذا العصيان ( الانانية بعينها) وشريحة ضعيفة الايمان ويخشون من ان الحكومة قد تفصلهم من الوظيفة مع عدم ثقتهم ببقية الموظفين من انهم سيمارسون العصيان المدني، والنتيجة تبقى عجلة الحكومة البائسة تسير بالوضع العراقي الى الماساة او المجهول .

يتحدث العراقيون فيما بينهم ماهو السبيل لاصلاح الحال ؟ اعتقد لنعود الى الايمان الحقيقي بالله عز وجل ولا نخشى غيره وان نبدا بانفسنا  في الاصلاح مع الصبر على المرارة فقد صبرنا على ما هو اتعس من هذا نعم نتعاون فيما بيننا ننهض ببلدنا بقدر ما نستطيع نخلق قانون من اخلاقنا نحترم الاخرين، ننبذ الطائفية والقومية ولا نلجا الى التسقيط والانتقام والرد بالمثل ليكن التسامح والايثار شعارنا .

 

 سامي جواد كاظم

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم