صحيفة المثقف

العمرُ

عبد الفتاح المطلبيفعلامَ السؤالُ والصمتُ أجدى

في مصيرٍ يحيطنا كالسِوارِ


 

يا قطاراً

يسيرُ نحوي حثيثاً

رِثْ قليلاً

فإن جُرفيَ هارِ

وتَقَرَّبْ إليَّ هوناً وخذني

بقليلٍ من الرَجـا والحِذارِ

واقفاً ما أزالُ أحملُ وزري

بانتظارِ الصـعودِ للأقدارِ

سِكّةُ قد أسير فيها

طويلاً

وأراها كبضعةِ الأمتارِ

وسواءٌ أطالَ سعيي عليها

أم تدانتْ

فليسَ لي من قرارِ

أيُّ عُمرٍ أُعيشُ؟

دونَ اختيارِي

واقفاً في محطةِ الإنتظارِ

لاسؤالٌ ولا جوابٌ

سيطفي

ما تلَظّى بينَ الحشَا

من أوَارِ

كلّما لابَ بي سؤالٌ حرونٌ

لُذتُ منهُ إذا طغى

بالفرارِ

أزرعُ الشكّ بذرةً في الليالي

ربما آضَ لؤلؤاً بمَحَاري

فعلامَ السؤالُ والصمتُ أجدى

في مصيرٍ يحيطنا كالسِوارِ

سوفَ يأتي

ويجتبيني رفيقاً

ثم نمضي

لنجمةٍ في المدارِ

رحلةٌ للجميعُ فيــها مكانٌ

ولكلٍّ محــــــــطةٌ بالمسارِ

لا قرارٌولا فـــــرارٌ

عليها

سيكونُ النــزولُ بالأدوارِ

واقفاً ما أزالُ

أنتظـرُ الدورَ

مرغماً لا تُقيلُني أعذاري

وسيأتي

وكلنا بعـــدَ حينٍ

قد بلغنا نهـــايةَ المشوارِ

أنا في الدربِ

قشٌّةٌ فوقَ موجٍ

راقصٍ في مواسمِ الإعصارِ

ليتَ شعري

وإنْ أبوءَ بهمّي

أيَّ وعـــدٍ يأتي وأيَّ  قِطارِ

القطاراتُ ماضيـاتٌ لشأنٍ

صاعداتٌ

على شفيرِ انحدارِ

قد تود النزولَ منها  ولكنْ

ليس للراكبين أيُّ اختيــارِ

المثابات كلـها بنتُ شكٍّ

وخطى الذاهبين

نسلُ عِثارِ

واقفٌ والفؤادُ يسمعُ صمتي

وخمورُ الروحِ قيــدَ الجِرارِ

أدمنَ اليأسُ قتل نفسي

مِراراً

فاستغاثتْ

بما وراء اصطباري

والحَمامُ الذبيحُ فـوقَ نخيلي

حِيلَ بيني وبينهُ بجــــــــدارِ

يا حمام الفـــؤاد

حلّقْ بعيداً

لمْ يعد في النخيلِ طيبُ جوارِ

لا الصحارى ولا الرمالُ أمانٌ

لا البساتين

لا سهوبُ البراري

خذْ فؤادي وطرْ

فلستُ أراني

غيرَ صيدٍ تلقفتهُ الضواري

خابَ ظنّي

فقد تبــــــرأ مني

سقفُ بيتي

وأنكرتني دياري

فإلامَ اتّجهتُ صــــرتُ طريداً

بائساً والنداءُ :ويـــــــكَ حِذارِ

مُنصتاً للسماءِ وهي تُغنّي

فتدّسَ الأرواحَ

في الأحجارِ

غيرَ أن النفوس

جفّتْ وصارتْ

مثل صخرٍ

من كثرةِ الأوزارِ

لستُ من قرر المجيء

وإني

لستُ إلا الزوان

بيــــن البذارِ

أنا لا زارعٌ ولا ذو حصـــادٍ

فلماذا يرادُ منّــــي

اعتذاري

بفمي النايُ والغناءُ بصدري

وقطيعُ الأيامِ يثغو جواري

كلما تولَدُ الأمــاني

بحلمٍ

يدفنُ  الليلُ جثـّـــةً للنهارِ

فعلامَ الصراخُ ما بينَ صُمٍّ

والصدى خيرُ سامعٍ للحوارِ

***

عبد الفتاح المطلبي

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم