صحيفة المثقف

فاعليات الأمن القومى الإسرائيلى السيبرانى (1)

احمد عزت سليمفى مقابل الفاعليات التى تشكل مشهد الأمن القومى العربى، تتصاعد بقوة المؤثرات والفاعليات الصهيونية التى تحاول تسييد أكاذيب الدولة الصهيونية فى المنطقة كـ " دولة " لها خصوصيتها وماهيتها الفريدة وامتدادها التاريخى العميق وحيث يشكل ذلك كله ماهية "قومية" خاصة بها ـ كما تدعى ـ، وفى إطار فاعليات الصراع العربى الإسرائيلى السيبرانى، إلا أن الحقائق تكشف بقوة أكاذيب هذه المزاعم وكما يتبين مما يلى:

1 -  رغم وجود أكثر من 300 موقع تقوم فيها البعثات الأثرية بأعمال الحفر، في "إسرائيل" والضفة والقطاع، لم يتمكن الأثريون من العثور على أى دليل أثرى يؤكد أوحتى يشير إلى مملكة داود وسليمان في فلسطين، كما لم ترد أية إشارة لهؤلاء الملوك في المصادر التاريخية وأكد ذلك كله كذب المزاعم التوراتية  بوجود مملكة إسرائيلية متحدة أيام شاؤول وداود وسليمان، وأنها روايات أسطورية لا تعبر عن الأحداث التاريخية الحقيقية .

- وقد تبين الآن أن قصص التوراة تضمنت أحداثا تاريخية لشعوب وممالك أخرى في الشرق الأوسط، تم اقتباسها لتكون جزءا من تاريخ مملكة بني إسرائيل المزعومة، فقد استعار كتبة قصة داود الرواية المتعلقة بتكوين تحتمس الثالث للإمبراطورية المصرية بين النيل والفرات قبل عصر داود بخمسة قرون ـ ونسبوها إلى ملكهم، وكما يؤكد ويبين باحث  المصريات الكبير العالم أحمد عثمان: ـ لا تزال تفاصيل المعارك التي استعارها الكهنة لقصة داود بني إسرائيل، مسجلة حتى أيامنا هذه على جدران معبد الكرنك وفي سجلات حروب تحتمس الثالث .

2 - لا أرض ولا استقرار إنما ترحل وتناحر جمع القبائل العبرية على مساحة اجتماعية غائمة لا حدود لها ولا ثبات ولا قيم أخلاقية أو دينية غير تلك التى تدفع هذه القبائل أن تنجرف وراء ترحالها ومشاغباتها للشعوب المستقرة فتخربش أطرافها دون أن تصيبها بأمراضها القبائلية وأقصى ما فعلته أنها انتهبت خلال ترحلها وما وقع تحت يدها من تراث فأفسدته وهى فى كل ذلك لا تملك غير كهنة اتخذوا أشكالاً متعددة، ملوك عصاه أو ملوك دخلوا الطاعة وكذلك قضاة ومتنبئين ورجال كهنوت والجميع تبادل الأدوار والمصالح مع أفراد القبيل،  الكهنة وفروا لأفراد القبيل إله فوق الآلهة الأخرى، لا يعرف هو أيضاً الاستقرار، تارة هو يهوه وأخرى إلوهيم وكثيراً ما تتغلب الآلهة الأخرى وتعلو وتتعدد فيغضب الإله . 

3 ـ هذه الحقائق التاريخية الكاشفة والتى تؤكد أكاذيب الحركة الصهيونية وكيانها الإجرامى دولة "إسرائيل" جعلتهم يؤسسون فاعلياتهم وآلياتهم الاستراتيجية والتكتيكية والحركية فى الواقع بكل مستوياته على ما ينفى هذه الحقائق حماية للكيان الصهيونى وبما يؤسس ماهية الأمن " القومى " الإسرائيلى ماديا ونفسيا وأيديولوجيا وديموجرافيا وحيويا وعمليا تدعيما لقدرتها على الاستمرار والبقاء والمواجهة مع أعدائها تأكيدا لقوتها حفاظا على ما نهبته من الأراضى العربية وتبريرا لتصرقاتها الإجرامية العنصرية المستمرة وديمومتها فى احتلال أراضي الغير، واستيطان الأرض وإبادة شعبها أو تهجيره، وفرض توفقها وهيمنتها الكاملة داخليا وعلى من حولها .

- وتزداد أهمية تشكيل ماهية الأمن "القومى" الإسرائيلى لما لهذه الحقائق التاريخية وفى تشكلها مع الديناميات الصهيونية فى الواقع، من انعكاسات على الواقع فى الدولة الصهيونية وتتمثل فى عمليتين إثنتين لهما أهميّة كبيرة على اتجاهات تطور المجتمع الإسرائيلي العنصرى وتشكله من المجموعات ذات الخصوصيّة مثل مجتمع المتدينين المتزمتين (الحريديم)، ومجتمع الكيبوتسات، وسكّان بلدات التطوير، وسكان حي رامات أبيب ج (تل أبيب)، ومجتمع المهاجرين من الروس الناطقين بالروسيّة، ومجتمع المهاجرين من الأثيوبيّين وغير ذلك السود، بالإضافة إلى الأساس العربى الفلسطينى كمجتمع له خصوصيته وهويته: العمليّة الأولى: ـ تتمثّل في استمرار وازدياد توجّهات الانقسام الثقافي والابتعاد عن " بوتقة الانصهار " التى تدعيها الحركة الصهيونية  ويشهدها المجتمع الصهيونى .

- أمّا العمليّة الثانية:  فهي سلسلة الانتكاسات التي تتراوح بين المصالحة والمواجهة بين الإسرائيليّين والفلسطينيّين حول الحدود والسيادة . 

 

بقلم: أحمد عزت سليم

عضو إتحاد كتاب مصر

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم