صحيفة المثقف

ساطع الحصري وفلسفة الفكرة القومية العربية (3-4)

ميثم الجنابي"أنا عربي صميم. أؤمن بدين العروبة بكل جوانحي،

وأهتم بمصر بقدر ما أهتم بسوريا والعراق" ( الحصري)


إشكالية الوطنية والقومية العربية عند ساطع الحصري

إن التأسيس النظري للفكرة القومية عند الحصري اتسم أيضا برؤية واقعية. من هنا محاولاته ايجاد الصيغة النظرية والعملية المناسبة للإجابة على الأسئلة الأكثر حيوية، وبالأخص واقع التجزئة مع ما ترتب عليها من إشكالية الوطني والقومي، وواقع الصراع السياسي والأيديولوجي، وبالأخص الأفكار المناهضة للفكرة القومية العربية.

ففيما يتعلق بقضية الوطنية والقومية، شدد الحصري على أن "الوطنية والقومية من أهم النزعات الاجتماعية التي تربط الفرد البشري بالجماعات"[1]. ومن هذه المقدمة النظرية حاول حل إشكالية التعارض أو التضاد أو حتى الاختلاف بينهما. ووضع ذلك في فكرة مقتضبة تقول، بأن الوطنية حب الوطن، والقومية حب الأمة[2]. وأن منبع الوطنية حب الوطن، بينما منبع القومية هو حب الأهل[3]. ذلك يعني انه حاول وضع ما يمكن دعوته بتناسب الفكرة الوطنية والقومية في معادلة التأسيس النظري والعملي للبدائل الممكنة بهذا الصدد. وضمن هذا السياق يمكن فهم فكرته عن تقارب مفهوم الوطنية والقومية.

ومن هذه المقدمة حاول تفسير واستشراف العلاقة الواقعية والمفترضة بينهما. وبما أن فكرة الوطنية الحديثة في العالم العربي قد ارتبطت بصيرورة الدولة الحديثة والمجزأة في الوقت نفسه من جانب الاستعمار الأوربي، لهذا نراه ينطلق من تقرير المدخل العام القائل، بأن ارتباط الوطنية والقومية بالدولة ليس واحدا في كل الدول والأمم وفي جميع ادوار التاريخ. فالأمة قد تؤلف دولة واحدة مستقلة عندما تصبح الوطنية والقومية شيئا واحدا[4]. وفي حال وجود أمة ذات دول عديدة، عندها يظهر عدم الارتياح وتظهر فكرة وطن معنوي مثالي. وهنا قد يصبح الخلاف والفرق بين الوطنية والقومية ممكنا[5]. وعندما تكلم الحصري عن وجود "أمة محرومة من دولة خاصة وتابعة لدولة أجنبية" إلى جانب وجود "أمة محرومة من دولة خاصة ومجزأة وموزعة في دول"، فان مقصوده كان يرمي إلى حالة الأمة العربية. فقد كانت في مرحلة تأسيسه للفكرة هي "أمة محرومة من دولة خاصة وتابعة لدولة أجنبية".

لقد أراد الحصري القول، بأن الأمة العربية كينونة قائمة بذاتها خارج كل التأويلات والتفسيرات "العلمية" والأيديولوجية المحتملة التي تحاول أن تربط الفكرة القومية بشيء غير ذاتها. كما أن حالة الاختلاف والتباين الواقعية بين الوطنية والقومية في العالم العربي لا علاقة جوهرية لها بفكرة الأمة العربية، بقدر ما أنها تمس الأبعاد العملية المباشرة للفكرة القومية السياسية.

ووضع هذه النتيجة في موقفه من علاقة الوطنية والأممية. وانطلق الحصري هنا من استنتاج أو رؤية عادية تقول، بأن هناك صفات تعادي الوطنية وذلك لأنها تعادي الفضائل والنزعات الأخلاقية، مثل الأنانية. لكن هناك صفات تعادي الوطنية، لكنها لا تعاكس سائر الفضائل مثل الكوسموبوليتية[6]. واستشهد هنا بموقف جان جاك روسو الذي قال مرة، بأن هناك من "يحبون أبناء الصين لكي يتخلصوا من الواجبات الفعلية التي تترتب عليهم جراء حب أبناء وطنهم". أما انتشار الكوسموبوليتية في ألمانيا في مرحلة معينة من تاريخها، فقد كان لأسباب عديدة حصرها الحصري بكونها كانت آنذاك موافقة للروح الفلسفي السائد بين الألمان، إضافة لانعدام وجود نزعة وطنية وقومية ألمانية، وأخيرا بسبب صراع الآراء وعدم رغبتهم حينذاك في تشكيل نزعة قومية قوية. لكن الألمان حالما اصطدموا بالاحتلال الفرنسي، أي من جانب أمة كانت حينذاك مشبعة بالفكرة القومية والروح الوطنية (زمن نابليون)، عندها تغيرت آراء الألمان. بحيث نسمع الشاعر الألماني آرنت يقول: "عرفت وطني في ثورة الغضب، وأحببته في ساعة النكبة"[7].

ومن هذه المقدمات العامة حاول الحصري الانتقال إلى حالة العالم العربي وإشكالية الوطنية والأممية فيه. ووجد في الشيوعية و"دعاة السلم" القوى السياسية التي استحكمت في رؤيتها العملية تجاه إشكالية القومية والأممية، الرؤية الأيديولوجية الصرف. وعندما تناول "الحلم" البارد لدعاة السلم الذين يتكهنون بأن ساحات الحرب ستتحول إلى أسواق تجارية، بينما ستنتقل المدافع إلى المتاحف، فإنه توصل إلى أن الواقع يكشف عن أنه لم يجر لا هذا ولا ذاك. أما كون بعضها جرى إرساله للمتاحف، فلأنه أصبح تحفة مقارنة بما هو جديد وفعال[8]. من هنا معارضة الحصري لدعاة السلم ومناهضة الوطنية. وانطلق في موقفه هذا من أن لكل مرحلة متطلباتها. ولا يكفي وضع فكرة المستقبل المجردة في صلب الحياة السياسية الحالية. حينذاك تصبح فكرة معرقلة لما نسعى إليه.

أما الشيوعية فأنها تستكمل هذا التيار من حيث حرفها حقيقة الوطنية والقومية وأثرهما بالنسبة للحاضر والمستقبل والشعارات الاجتماعية التي ترفعها. وأعتبر لهذا السبب، أن الشيوعية معادية للوطنية والقومية. لكنها على خلاف فلسفة السلم تدعو للصراع والحرب، وأن الثورة عندها لا يجب أن تتقيد بقيود الوطنية، بل يجب أن تعمل ضدها[9]. إلا أن تحليل تجارب الشيوعية بهذا الصدد يكشف عن أن استيلاءها على روسيا كان بفعل الدعاية الخلابة بين الفقراء وآمال الرفاهية التي أدت إلى تقوية هذا الاتجاه. وأقامت بهذه الصورة أمام النزعة الوطنية عدوا جديدا خطرا جدا[10]. غير أن تجربة روسيا الأممية نفسها تكشف (وبالأخص بعد الحرب العالمية الثانية) عن انتصار فكرة الوطنية (وإلغاء الأممية الثالثة)، وإهمال النشيد الأممي المعروف[11].

لم يقصد الحصري من وراء آراءه النقدية هذه سوى تذليل الأبعاد الأيديولوجية (العقائدية) الصرف التي تميز هذا النوع من التيارات الفكرية والسياسية، التي لا تؤدي في نهاية المطاف إلا إلى إفراغ الفكرة الوطنية والقومية والأممية والاجتماعية من مقوماتها الذاتية. من هنا تشديد الحصري في قوله على أنه لا يخالف من يدعو للاشتراكية، بل وأنه حتى لا يعارض من يقول بالشيوعية. غير أنه يطلب منهم ألا يمزجوا دعوتهم هذه بالفكرة الأممية. وألا يجعلوا أحزابهم معادية للنزعة الوطنية. وذلك لأنه كان يعتقد، بأن الأضرار التي تنجم عن الإصغاء إلى الدعاية الأممية لا تكون متساوية في كل البلاد، بل أنها تزداد أو تنقص تبعا لحالة الوطنية فيها[12]. وكتب بهذا الصدد يقول، بأن "الأمة المتأخرة في حضارتها، المتفرقة في سياستها، المترددة في وطنيتها، المستيقظة من سبات عميق قريب العهد بحيث لم يتكون عندها الشعور القومي وتتأصل فيها النزعة الوطنية، لا تفعل رياح الأممية إلا على بعثرت ما فيها... لأنه يوقف اختمار الفكرة القومية في مبادئها ويحول دون تكوّن الشعور القومي العام"[13].

إن هذا النقد العقلاني للعقائد المغلقة والطوباوية، لا يعني استبدالها بأخرى ملبّسة بلباس الوطنية والقومية. على العكس. أنه يهدف إلى تأسيس الرؤية الواقعية تجاه إشكاليات الفكرة الوطنية والقومية نفسها. بمعنى الإبقاء على جوهرية الفكرة الوطنية والقومية باعتبارها المبدأ الأعلى، وتوظيف كل السياسة العملية من اجل بلوغ غاياتها الكبرى. من هنا فكرته عن ضرورة أن تكون أسس الوطنية والقومية اجتماعية وأصيلة. وأعتقد بأنه لا يجب ترك الأمور على حالها فلا نفكر في إزالة الجور عن أفراد الأمة، بل من الضروري قول العكس، أي وجوب بذل كل الجهود لإصلاح الأحوال وإزالة الجور ما يمكن من السرعة، على أن لا يخرج ذلك الأعمال والتدابير عن مقتضيات الوطنية، وأن يكون الاعتقاد السائد والدائم هو "أن الوطن قبل كل شيء وفوق كل شيء"[14].

إن المبدأ المشار إليه أعلاه يستند في مواقف الحصري إلى فكرته القومية ومبادئها الأساسية. وهذا بدوره ليس إلا الصيغة الملموسة لتجلي الفكرة القومية بمبدأ العروبة. فعندما يتناول فكرة العروبة، فانه يفرّق ويمّيز بين العروبة وبين الشعور بالعروبة. فإذا كانت العروبة تعود إلى تاريخ سحيق في القدم، فإن الشعور بها وتحولها إلى فكرة سياسية وعملية واضحة هو نتاج الفترة المعاصرة ومستقبلها، كما يقول الحصري[15]. فالعروبة كينونة خاصة مرتبط باللغة وتاريخها الثقافي. بينما الإسلام مكون تاريخي إضافي. لهذا نرى الحصري يربط الفهم العميق والسليم لتاريخ العروبة بفهم وقائع انتشار اللغة العربية واستقرارها[16]. بينما أدى ارتباط العربية بالإسلام ونشر الدين واللغة إلى نتائج مختلفة. ففي بعض الأماكن تغلبت اللغة العربية وصارت الديانة الإسلامية دين الأغلبية. وفي بعضها تغلب الإسلام فقط. بينما سادت العربية والإسلام في مناطق أخرى ثم انحسرت لاحقا كما جرى الحال في الأندلس وصقلية.

ووضع الحصري هذه الفكرة العامة في أساس موقفه من الإشكاليات الكبرى التي واجهت الفكرة القومية العربية مثل قضية الموقف من مختلف أشكال الوطنيات المنغلقة، وقضية تحديد ماهية "العالم العربي" و"الوحدة العربية" والسياسة العملية المتعلقة بالوحدة العربية، وعلاقة الوحدة العربية بالوحدة الإسلامية وغيرها من القضايا.

ففي معرض رده على فكرة "المصرية" المتماهية مع الفرعونية آنذاك، انطلق الحصري من السؤال العام المتعلق بماهية المصرية والفرعونية؟ وهل المقصود به اللغة أم الثقافة أم الحضارة أم الدين أم السياسة؟ أو مختلف تركيباتها المتنوعة؟ وفيما لو تناولنا كافة هذه الجوانب، فإن النتيجة الجلية تقوم في انعدام معنى وقيمة ما اسماه الحصري بصناعة خصم للفكرة العربية من الآثار الفرعونية. إضافة لذلك أن الفرعونية من وجهة نظر الحصري فكرة قديمة. بينما الفكرة العربية فكرة الحاضر والمستقبل. أما الادعاء القائل، بأن الدم المصري لا علاقة له بالعرب، فقد وجد فيه مجرد هوس وأوهام. أما الفكرة القائلة بخصوصية مصر، وأنها مستقلة بذاتها ولها تاريخها الخاص، فإن الحصري لم يجد فيها ما يتعارض مع الواقع والتاريخ[17]. كما أنه يمكن تطبيقها على اغلب الدول العربية. وضمن هذا السياق يمكن فهم نقده الفكري والسياسي لآراء ومواقف طه حسين (عميد الأدب العربي!!) الذي كان يقول ويدعم شعار "المصري مصري قبل كل شيء". وأن "المصري لن يتنازل عن مصريته مهما تقلبت الظروف". والشيء نفسه ينطبق على ما كان يسميه طه حسين "فرعونية مصر. وأنها متأصلة في نفوسهم".

وقد وجه الحصري نقده اللاذع للنزعة الوطنية الضيقة (المصرية والفرعونية). إذ وجد في هذه الكلمات والآراء والمواقف والشعارات عن حياة ودور وموقع مصر كلمات جوفاء، وتحتوي على كمية كبيرة من الأوهام. وقد أدت هذه الأوهام والانغلاق المغترب إلى انتشار ظاهرة المعارضة العلنية للفكرة القومية العربية في مصر آنذاك، وبالأخص بين مثقفيها المتأثرين بمختلف التيارات الفكرية والسياسية والأيديولوجية الأوربية. بحيث اتخذت أو بلغت ذروتها في الأفكار الشاذة مثل إطلاق عبارة "الغزاة العرب" على تاريخ مصر (كما قال بها فكري اباظه!). وأشار الحصري إلى أنه حالما نشر ناظم المقدسي(رئيس وزراء سوريا) عام 1951 مذكرة الوحدة العربية التي أيدتها الجرائد في العراق وفلسطين والأردن، فإن المعارضة الشديدة له جاءت في الأغلب من جرائد مصر ولبنان.

وعندما اخذ بنقد هذه الحالة، فانه اتخذ من حالة ألمانيا التي كانت تشبه في الكثير من جوانبها حالة العرب. وكتب يقول، بأن أهل بروسيا لم يقولوا أن بروسيا أولا وألمانيا ثانيا، بل كانوا يقولون "بروسيا في خدمة الفكرة الألمانية"[18]. وتتبع الحصري هذه الحالة في واقع وتناقض هذه الحالة في مصر آنذاك، بوصفها "قلب العالم العربي". فقد كانت مصر آنذاك أهم مركز من مراكز الثقافة، وأقدم الدول العربية في تشكيل الدولة العصرية وأقواها في الآداب، كما يقول الحصري. وليس مصادفة أن يتوجه إليها آنذاك كل من عمل من اجل الوحدة العربية والنهضة العربية. لكن المفارقة تقوم في أنهم جميعهم أصيبوا بخيبة الآمل بسبب إعراض مصر عن الفكرة العربية. إلا أن ذلك لم يمنع الحصري من التنبؤ الدقيق حول أن "مصر ستسير بالضرورة صوب الفكرة العربية"[19]. وسوف يكتب لاحقا في ملاحظاته التاريخية والسياسية حالما تناول قضية الوحدة العربية وعلاقة مصر بها، إلى انه عايش المرحلة التي كان المصريون المتنورون ينكرون فيها عروبتهم إنكارا تاما. ويصرون على فكرة "مصر لا غير" و"مصر بس!". لكنه بالمقابل كان يتأمل مصدر الفكرة القومية العربية الحديثة ومنبع نموها التاريخي في الشام. وأشار هنا إلى أن سوريا أشد البلاد العربية تشبعا بالفكرة العربية. وأن بلاد الشام ظلت بعيدا عن النزعة الإقليمية وتواقا إلى الوحدة العربية. والتجربة السورية كشفت عن أنها الدولة العربية الوحيدة (آنذاك) التي أدخلت في دستورها (مادة) الشعب السوري جزء من الأمة العربية[20].

وضمن هذا السياق يمكن فهم يقينه عن نمو الفكرة القومية العربية في مصر و"رجوع" مصر إلى كينونتها العربية الأصلية. وانطلق في ذلك مما اسماه بتلازم المصرية والعروبة. من هنا يقينه، بأن فكرة ومبدأ وشعار "العروبة أولا" سينتصر في مصر مع مرور الزمن[21]. أما النزعة الفرعونية، فإنها آيلة للزوال. وذلك لأن "العهود الفرعونية مدفونة تحت رمال الزمان منذ آلاف السنين مثل الحضارة السومرية في العراق والفينيقية في سوريا". وبالتالي، "لا يجوز للمصريين أن يتنكروا للعروبة بحجة الارتباط بالحضارة الفرعونية" كما يقول الحصري. فالحضارات القديمة، حسب رؤية الحصري قد اندثرت ولا يمكنها العودة للحياة. أما العروبة فليست من محنطات الماضي، بل هي نوع من الحاضر الحي. وبالتالي، فأن "العروبة ليست خاتمة لماض سحيق، بل هي فاتحة مستقبل باهر"[22]. ووضع هذا الاستنتاج النظري والتاريخي والسياسي في أساس نقده لمختلف الاتجاهات المعارضة لأهمية وآفاق الفكرة العربية الجامعة بالنسبة للمستقبل، كما نراه في مواقفه النقدية القوية من آراء سعد زغلول وطه حسين وعدد لا يستهان به من ساسة ومثقفي مصر آنذاك.

ففي مجرى نقده لعبارة (فكرة) سعد زغلول، الذي قال مرة في موقفه من الوحدة العربية: "إذا جمعت صفرا إلى صفر. ماذا تكون النتيجة؟"، بأن هذا الموقف لا علاقة له بالعلم والتاريخ والسياسة المستقبلية. وعلق على ذلك قائلا، بأن "الاجتماع لا يشبه الجمع"، و"أن تشبيه الاجتماع بعمليات الجمع والضرب الحسابية يكون بهذا الاعتبار نوعا من الهرطقة العلمية"[23]. كما أنه يجعل من كل شيء ليس بذي معنى ولا قيمة له. إذ لا تعني عبارة سعد زغلول سوى أن الشعوب العربية صفر، ومصر كذلك. وهذه مواقف وآراء لا تدل على حصافة عقل في ما يتعلق بتأثيرها بالنسبة للهمم والمستقبل. إضافة إلى تعارضها مع ابسط مقومات الرؤية الواقعية والعقلية والعقلانية. فالاتحاد يوّلد قوة ليس عن طريق جمع القوى فحسب، بل وعن طريق إيجاد حياة جديدة وأوضاع جديدة تولد قوى جديدة، تفوق مجموع القوى المتفرقة، كما يقول الحصري[24].

كما نراه يقف بالضد من فكرة طه حسين عما اسماه برابطة البحر المتوسط. وأعتبرها فكرة ناقصة ومزيفة. وذلك لأن التاريخ والواقع يكشف عن أنه ليس بإمكان بحر أن يكون مصدرا لوحدة. كما لا تستند هذه الفكرة على أساس علمي صحيح. ووجد الحصري فيها مجرد ترديد غير نقدي لما سبق وأن كان يدعو إليها ويروج عدد غير قليل من كتاب فرنسا وساستها بغية إدامة حكمهم على المغرب العربي وبسط سيطرتهم على بلاد الشام. بل نرى الحصري يشدد على أنه إذا كان من الضروري الحديث عن أهمية البحر، فمن الأجدر الحديث عن البحر الأحمر، لأنه "أكثر أهمية لمصر من البحر المتوسط"[25].(يتبع....).

 

ا. د. ميثم الجنابي

...................

[1] ساطع الحصري: آراء وأحاديث في الوطنية والقومية، ص9.

[2] ساطع الحصري: آراء وأحاديث في الوطنية والقومية،  ص9.

[3] ساطع الحصري: آراء وأحاديث في الوطنية والقومية،  ص.16

[4] ساطع الحصري: آراء وأحاديث في الوطنية والقومية، ص10.

[5] ساطع الحصري: آراء وأحاديث في الوطنية والقومية، ص11-12.

[6] ساطع الحصري: آراء وأحاديث في الوطنية والقومية، ص74-75.

[7] ساطع الحصري: آراء وأحاديث في الوطنية والقومية، ص83.

[8] ساطع الحصري: آراء وأحاديث في الوطنية والقومية، ص87.

[9] ساطع الحصري: آراء وأحاديث في الوطنية والقومية، ص89.

[10] ساطع الحصري: آراء وأحاديث في الوطنية والقومية، ص90.

[11] ساطع الحصري: آراء وأحاديث في الوطنية والقومية، ص91-92.

[12] ساطع الحصري: آراء وأحاديث في الوطنية والقومية، ص93.

[13] ساطع الحصري: آراء وأحاديث في الوطنية والقومية، ص94.

[14] ساطع الحصري: آراء وأحاديث في الوطنية والقومية، ص95.

[15] ساطع الحصري: العروبة أولا!، ص185.

[16] ساطع الحصري: العروبة أولا!،  ص186.

[17] ساطع الحصري: آراء وأحاديث في الوطنية والقومية، ص122.

[18] ساطع الحصري: العروبة أولا!، ص126.

[19] ساطع الحصري: آراء وأحاديث في الوطنية والقومية، ص143-146.

[20] ساطع الحصري: العروبة أولا!، ص142-143.

[21] لقد كتب الحصري آراءه هذه وتنبؤاته قبل صعود الناصرية، التي جسدت الصيغة الدقيقة والعميقة لفكرة الحصري بهذا الصدد، بمعنى أنها الأيديولوجية والمرحلة التي تكاملت فيها مصر بوصفه قوة عربية خالصة. وفي هذا كان يكمن سر قوتها الكامنة.

[22] ساطع الحصري: العروبة أولا!، ص113-114.

[23] ساطع الحصري: العروبة أولا!، ص64.

[24] ساطع الحصري: العروبة أولا!، ص67.

[25] ساطع الحصري: العروبة أولا!، ص98. وهنا كان الحصري أكثر دقة من حيث تنبؤه بهذا الصدد، كما نراه جليا بالنسبة لقناة السويس ومشاريع السياحة الحالية في مصر، على الأقل بالنسبة للاقتصاد المصري.

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم