صحيفة المثقف

تُرى أيّكما الحالم بالجنة

امان السيد يغرسون أنصالهم.

يقعدُ منصتًا:

سماءٌ تتوسّطُ مدًى يتنفّسهُ العاشق،

ينفثهُ على جسدِ امرأةٍ

تعشقُ أن تفرِد نهديها في ظلال النخيل.

لا يسأم الموت من تأكيد حضوره،

لكنّ طفلا يبتسمُ،

فيتّسعُ الليلُ لمركب عاشقين.

تلك العارية في الظّلال المخملية:

هل وصلتها الرسالةُ؟

يا لهدبيها حين يغمضان أوائل الفجر،

يحلّقان، فترتعشُ طيور،

وتسكبُ ندى فضّتها فوق صفحة النهر.

 

هذه الليلة سأغيب.

قال طير مسافر إلى القمر.

ألحانكم نساء عقيمات.

سأجرّب أن أسكب لحنا

له طعمُ الخريف.

 

أعرفُ أيها المسافرُ

أنك تحبّ الاستحمام بمطر

لم تألفهُ الأرض،

وأعرف أنكَ

غصنُ شجرة يترنّحُ،

تائها، خائرا

لن يُجديهُ زخمُ توق الأنهار

ولا نبوءاتُ العرافين.

الحربُ تجمع حولك المبعثرين،

التائبين عن الحياة،

تنبحُ كما كلبٌ أعرجُ

يُسقى زلالَ الماء

من خفّ عاهرة،

تُرى

أيّكما الحالمُ بالجنة؟

**

حينَ الأجل:

الطيبون لا يحتاجونَ إلى مقابر.

يغدون أولياء صالحين

تُربُ الأرض لهم الأكفــــانُ،

والفضاءُ يتحوّلُ إلى ساحةٍ للتّحنيط

شاهدةٍ على ما ماتوا من أجله.

**

الصّراط الذي يرغمُني على ما لا أرغبُ:

رجلاي تُهرولان حين " بيكـَ بن "

تدقُّ ناقوسَها للمارين.

في رأسي سكائبُ الغجر الذين

يُعدمون في الساحات الغابرة،

وفي الساحات الممهورة بختم الآن.

الناقوس يطحنُ رأسي،

ولكني أشتهي المتعة.

الموتُ واحتكارُ المتعة في جسد حبيب.

سِيّانَ هما الآن لدي.

أعبرُ الصراطَ

أقصدُ أن أتعثّر بأفكاري،

وصورٍ سريالية

أطويها بيني وبيني.

الماشطةُ التي تُلاحقني

تهوى أن تمشّط شعري،

ورأسي المثقل منه

تتساقط الصّورُ تباعا.

صورةٌ تتلو صورة،

وكالشّهُب منه تَتكسّر.

قدماي حين تتلاقحانِ مع الشّوارع الأسفلتية

يسيلُ فيهما الصّديدُ،

غير أنّ الماشطة تدّعي أنها عمياءُ.

كلّ ما يهمّها تمشيط رأسي.

الغجر بثيابهم البيض

يلوّحون لي،

وظُهورُهم عني تفرُّ بظُهورها.

أراهُم يهبطون،

وعلى الصّراط يسّاقطون.

***

أمان السيد

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم