صحيفة المثقف

قناعات راسخة كالجذور العميقة

نبيل عرابيحين اتّخذ قراره بمغادرة مدينة طرابلس اللبنانية حيث ولد في العام 1922، لم يكن يعلم بأنه سيسلك درباً صعباً ووعراً في حياته العملية. فقد عمل لفترة في إذاعة (الشرق الأدنى) في مدينة يافا الفلسطينية، وتوجه بعدها إلى مصر حيث تسلّم منصب سكرتير تحريرفي مجلة (روز اليوسف): المحطة الأولى في طريق مهنة البحث عن المتاعب، أي الصحافة، فكان ثمن اكتشافه فضيحة ما ونشر تفاصيلها، خسران وظيفته وطرده من مصر. فعاد إلى بيروت، حيث حرر في عدد من الصحف التي كانت تصدر هناك، إلى أن اشترى إمتياز صحيفة طرابلسية من لطف الله خلاط، يعود تاريخ تأسيسها إلى العام 1911.

حدث ذلك عام 1956، وتحولت هذه الوسيلة الإعلامية المكتوبة بجهوده منبراً لآرائه السياسية اللاذعة، وكأنه يُكمل مسيرة لطف الله خلاط الذي دفع ثمن مواقفه الناقدة للحكم والحكام في زمنه، فنُفِيَ مع عائلته إلى تركيا طوال سنوات الحرب العالمية الأولى، وعاد بعدها إلى لبنان ليعاود إصدار صحيفته من طرابلس.

وخلال حرب السنتين في لبنان (1975-1976)، لجأ صاحب المطبوعة الجديد إلى لندن ليتابع نشاطه الصحفي من هناك، في ظل احتقان نفوس جهات سياسية وعسكرية  لها نفوذها في وطنه تجاه ما كانت تتضمنه مقالاته حيالها.

وفي شهر شباط/فبراير من العام 1980، اضطر للسفر بشكل مفاجىء إلى لبنان بسبب وفاة والدته، لكنه تعرّض للخطف خلال توجهه إلى مطار بيروت للعودة إلى لندن، وكان ذلك في 25 من الشهر عينه، وبعد ثمانية أيام عُثِر على جثته في أحراج (عرمون) جنوب بيروت، وعليها آثار تعذيب حاقد واضحة المعالم.

إنه الصحافي اللبناني سليم اللوزي الذي خسر حياته، في سبيل الكلمة التي آمن بقوتها ووَقعها  فشكلت قناعاته الراسخة كالجذور العميقة، وانضمّ إلى قافلة شهداء الصحافة في الرابع من آذار/مارس لعام 1980.

 

نبيل عرابي

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم