صحيفة المثقف

رسالة لاتخلو من الصراحة الى منظمات وجمعيات حقوق الانسان!

بما أن الشيء بالشيء يذكر فلا بأس هنا بالإستشهاد وقبل الولوج في تفاصيل الرسالة بالسينما كقياس وإسقاطها على الواقع، ففي الفن السابع على سبيل المثال لطالما سمعنا بممثلين معروفين سرعان ما تواروا عن الانظار وابتعدت عنهم الاضواء وهم في ذروة عطائهم الفني وفي ريعان الشباب ومرد ذلك وكما ذكر عشرات المخرجين والمنتجين والنقاد المعروفين مرات ومرات هو لحبس هؤلاء أنفسهم في إطار دور واحد فحسب حقق لهم من الشهرة ماحقق في بداياتهم الا انه مالبث أن صار مستهلكا يأكل من جرف موهبتهم ولايضيف لهم شيئا يستحق المتابعة بمرور الوقت نحوممثل يحصر نفسه في اطار ادوار الشر فقط، ادوار الفقير فقط، ادوار الشاب الوسيم فقط، ادوار الرجل الشقي فقط، ادوار الاب، الطالب الجامعي، المعقد نفسيا (محي اسماعيل انموذجا)..الخ، من دون مراعاة للذائقة الفنية المتغيرة بإستمرار، اضافة الى عدم الانتباه الى المتغيرات العمرية التي تستوجب شخصية تناسب كل مرحلة منها، هؤلاء كلهم وبرغم موهبتهم الواضحة التي لايختلف عليها اثنان، ولايتناطح عليها كبشان قد اختفوا ولم يعد يسمع بهم احد للاسباب الانفة، والان وبإسقاط معاصرعلى الجمعيات والمنظمات الحقوقية، اقول "ان حصر عمل وتقارير وجهود اية منظمة انسانية وحقوقية بمناطق معينة جغرافيا داخل البلد الواحد من دون سواها سيؤدي الى انطفاء جذوتها سريعا، قصور اهتمامها على شريحة محددة من دون سواها من الشرائح المهمشة والمظلومة الاخرى سيؤدي الى تراجع ادائها، التركيز على مواضيع بعينها من دون غيرها سيفضي الى تلاشي دورها وهكذا، نعم لابأس، بل قل لابد من التخصص ولكن على ان يكون في اطار العنوان الكبير للمؤسسة الأم وليس بعيدا عنه والا فسيطعن بمصداقية شعارها ورسالتها وهدفها ورؤيتها المنشورة على الملأ في النظام الداخلي لها، ولتلافي ذلكم الخفوت التدريجي وللحيلولة من دون دمغ المؤسسة بنشاط محدد سيحول بينها وبين انطلاقها وانتشارها ومتابعة انشطتها بأريحية تثير الاعجاب، ان تشرع هذه المؤسسة بتشكيل اقسام وشعب وفروع لها لكل منها تخصصه ولابأس ان يكون الاداء جماعيا في بداية الامر كذلك التقارير ريثما يتطور النشاط ويبدأ التخصص الدقيق في العمل المؤسسي، " قسم للنازحين ضمن منظمة كذا لحقوق الانسان يعنى بالنازحين ومآسيهم ..قسم للمعنفين اسريا ضمن نفس المؤسسة يعنى بمشاكل الاسرة عموما ..قسم للمشردين والمتسولين ضمن نفس المؤسسة ..قسم للارامل والايتام والمطلقات ضمن المؤسسة ذاتها ..قسم للكشف عن المقابر الجماعية ومصير المفقودين والمهجرين والمختطفين ضمن المؤسسة نفسها ..وهكذا دواليك "الا ان اية مؤسسة أو منظمة تحمل عنوانا عريضا لحقوق الانسان بلا تخصيص ثم تمارس دورا تخصصيا يتعارض وعنوانها العريض في الواقع العملي، فسيجعلها اشبه بالنجم الافل في عالم السينما والتلفزيون حتى انه واذا ما اراد ان يلعب دورا آخر بعد تراجع شعبيته وانحسار الاضواء عنه وانتباهه الى ذلك المطب المهلك بعد فوات الآوان فلن يجد ولن يسمح له بعد ان حصر نفسه لسنين طويلة بدور واحد مغاير ليلعبه امام الجمهور، وبناء عليه أنصح وبما أن هذه المنظمات تحمل عنوانا عريضا لحقوق الانسان فيتوجب عليها الاتي:

-التركيز على ملف النازحين والمشردين والمهجرين والمرحلين من مناطق سكناهم الاصلية .

- التركيز على ملف عمالة الاطفال وكريمي النسب ومشاكل العنف الاسري ضدهم في كل البلاد وليس لمناطق محددة من البلاد فحسب .

- التركيز على ملف ذوي الاحتياجات الخاصة والتحرك لرعايتهم وعلاجهم وتوفير فرص عمل مناسبة لهم .

- التركيز على المسنين والتحرك لرعايتهم وعلاجهم وبناء دور خاصة بهم .

- التركيز على معاناة الارامل والمطلقات والعوانس والايتام .

- التركيز على ملف المفقودين والمخطوفين والمغيبين قسرا .

- التركيز على كوارث الانتحار، الطلاق، النزاعات العشائرية، جرائم الثأر، المخدرات، تزوير الانساب والشهادات والعملات وتواريخ الصنع والنفاد للمستورد من البضائع، التسرب المدرسي، ارتفاع معدلات الفقر وآثارها الاجتماعية والنفسية والصحية السلبية، التهريب ودوره في تخريب اقتصاد البلاد واستنزاف العملة الصعبة، الاتجار بالبشر، بيع الاعضاء البشرية، ارتفاع معدلات البطالة، ارتفاع معدلات الامية الابجدية، ارتفاع معدلات الاصابة بالامراض المتوطنة والجائحات الوبائية بغياب الرعاية الصحية ونقص المستشفيات والمختبرات والادوية والكوادر الطبية فضلا عن ارتفاع اسعارها "النتائج والاسباب"، ازمة السكن والعيش في العشوائيات والمخيمات وبيوت الصفيح والطين في بلد غني بثرواته" المقدمات والنتائج "، آفة الاحتكار، القمار الذي دمر اسرا بأكملها، الربا المحرم الذي قيد اسرا واحال حياتها جحيما لايطاق، الاكتظاظ المدرسي ومعاناة الطلبة في المدارس ذات الدوام الثلاثي والرباعي اضافة الى المدارس الكرفانية والطينية وقلة المستلزمات المدرسية وارتفاع ثمنها، التفكك الاسري، ارتفاع معدلات الخيانات الزوجية، الابتزاز الالكتروني، ارتفاع معدلات انتهاكات حقوق الصحفيين وتكميم الافواه واغتيال النشطاء وملاحقتهم، ارتفاع معدلات الادمان الكحولي، بيع المواد التالفة والادوية الاكسباير من دون حسيب ولارقيب وامثالها ..فهذه كلها تندرح في ملف حقوق الانسان وكل واحدة منها تحتاج الى تسليط الاضواء الكاشفة على المقدمات والنتائح والاسباب التي تحتاج الى معالجات سريعة والى حلول ناجعة قبل ان تستفحل اكثر واكثر وتخرج عن نطاق السيطرة ولات حين مندم .

ففتح ملف المدارس على سبيل المثال لا الحصر سيفتح بدوره ملف اسباب خروج العراق من التصنيف الدولي للتربية والتعليم، ملف التسرب المدرسي، ملف العبث بالمناهج الدراسية، ملف الامراض التي تنتشر داخل المدارس بين الطلبة مع غياب الاجراءات ولا الحلول الناجعة، ملف غياب أو تهالك المرافق الصحية، ملف الابنية المدرسية المزدحمة والمتهالكة ونقص المستلزمات، ملف الاعتداء على المدرسين والمعلمين، ملف ضرب وتعنيف التلاميذ، ملف الغش وبيع الاسئلة، ملف الامية الابجدية والتقنية وهكذا ..لنقل انه بمثابة بوكس فايل اذا جاز التعبير يضم بين دفتيه ملفات شائكة كثيرة بحاجة الى حل كونها تصب في انتهاكات حقوق الانسان .

 

سامي جواد كاظم

 

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم