صحيفة المثقف

شامبليون!!

صادق السامرائيجون فرانسوا شامبليون (1790 - 1832)، عالم لغويات وشرقيات، إشتهر بفكه رموز اللغة الهيروغليفية المصرية، ومن واضعي علم المصريات، ويتحدث اللغة القبطية والعربية، وتمكن من قراءة حجر رشيد المكتوب بثلاث لغات.

مات بالسل او التدرن الرئوي.

هذا الشاب ظاهرة خارقة، فتحت للبشرية آفاقا معرفية لولاه لبقيت مغلقة ومجهولة، ففي سن مبكرة إستطاع أن يقرأ اللغة الهيروغليفية .

ظاهرة تطرح أسئلة، أن يأتي شاب من فرنسا مولعا باللغات وموسوسا بالمصريات، وعاكفا على قراءة كتابات الأولين، وواثقا من فكِ رموزٍ مُسْتعصياتٍ، إنه لأمر محيّر!!

فمن الذي زرع فيه هذا التوجه والإنجذاب؟

وكيف لصبي أن تتفحر في أعماقه رغبة غريبة وإرادة عجيبة تأخذه إلى مصر، وتشده إلى حجر رشيد وتدفعه إلى حل رموزه، وإزالة الحجب عن فترة زمنية حضارية مبهمة!!

من العوامل التي أجدها فاعلة في البشر أنه يولد وفيه  قوة دافعة تأخذه إلى حيث تريد، وهذه القوة هي البوصلة التي ترسم خارطة حياته، وتحدد مستقبله وما سينجزه أثناءها.

ووفقا لهذا المنطلق أشك في أن شامبليون فيه موروثات مصرية تحرك واحدها فأطلق الطاقات التعبيرية عما فيه، فكأن قراءته لحجر رشيد أشبه بالإلهام أو الوحي، رغم أنه ربما إعتمد على محاولات غيره لقراءته.

وكلما أقف أمام حجر رشيد أتخيله أصما مجهولا لولا شامبليون!!

ترى هل هناك طاقة خفية تسيّرنا وتكشف لنا الخفايا عندما يحين وقتها، ونكون مؤهلين لقبولها والتفاعل معها، كما يحصل في الثورات المعرفية والمعلوماتية التي أجدنا قد تفاعلنا معها بعد أن إكتسبنا مهاراتها، ولو أنها ظهرت قبل قرون لما إمتلكنا قدرات الإستفادة منها، بل ربما أن هناك من تخيلها ووضع أسسها قبل مئات السنين، لكن الزمن لا يناسبها.

إنها من الظواهر التي يعجز البشر عن إدراكها وفهمها بسهولة!!

 

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم