صحيفة المثقف

كُتّاب لا يقرأون.. صدق او لا تصدق!

ناجي ظاهررغم اهمية القراءة والاطلاع بالنسبة للكاتب المبدع وجودة ما ينتجه، فان هناك كتابا اجانب عرفوا عالميا، اعلنوا في اكثر من محفل ولقاء، انهم لا يقرؤون الكتب، وقد ادعى بعضهم انه اكتفى بما حصله خلال دراسته بمراحلها المختلفة، فيما تذرع بعض اخر بحجج اخرى مختلفة نتطرق اليها فيما يلي.

* الكاتب الانجليزي كونان دويل: ذائع الصيت ومبتكر شخصية المحقق الشرطي شرلوك هولمز، ردد في اكثر من لقاء صحفي معه، انه لا يقرا الكتب، وان انشغالاته بالكتابة لا تترك له الوقت لقراءة المزيد من الكتب، الا في حالات قليلة وربما نادرة. معروف ان دويل هو مؤلف العشرات من المؤلفات البوليسية، وان الكثير من رواياته واقاصيصه تحولت الى افلام سينمائية شاهدها الناس في شتى بقاع العالم.

* الكاتب الفرنسي جورج سيمنون: مبتكر شخصية المحقق مجريه، ومؤلف المئات من الروايات بينها رواية "هذه المرأة لي"، التي اهلته للترشح للحصول على جائزة نوبل الادبية، كان يقول كلما سئل عما يقرأه من الاعمال الادبية المعاصرة، قائلا انه لا يقرا مؤلفات الآخرين، مبررا هذا بحجتين احداهما خشيته من ان يتأثر بسواه من الكتاب، والآخر ان المواضيع المتعارف عليها في عالم الكتابة والتأليف معروفة ولا يتجاوز عددها الثلاثة والثلاثين موضوعا. سيمنون هذا كان اسرع كاتب تأليفا في العالم. وضع خلال حياته الادبية اكثر من ستمائة رواية، وتحول الكثير من رواياته ايضا الى افلام مشهورة.

* الكاتب الروائي الامريكي إرسكين كالدول: مؤلف القصص القصيرة والروائي الذي عرف العالم قصته مع الكتابة وكفاحه من اجل ان يكون كاتبا، كما قرانا في كتابه المشهور" سمّها خبرة"( ترجم الى العربية مرتين، الجديدة بينهما صدرت مؤخرا عن دار المدى السورية، والقديمة صدرت عن دار منشورات الهلال المصرية)، هذا الكاتب كان يقسم الناس الى نوعين احدهما يقرأ والاخر يكتب، وقد فضل كما ورد في كتابه المذكور ان يكون من النوع الذي يكتب. لهذا انكب على الكتابة وانصرف عن القراءة.

السؤال الذي يطرح ازاء مواقف هؤلاء الكتاب من القراءة وانصرافهم عنها، هل حقا بإمكان الكاتب المعاصر الذي يقف امام تراث ضخم في شتى المجالات، ان ينصرف عن القراءة وان يتكرس للكتابة فقط؟ في رأيي ان الاجابة هي بالنفي، فالقراءة هي البطارية التي تشحن قريحة الكاتب المبدع لا سيما في عصرنا الحديث، كما انها هي التي تتيح له الامكانية لان يكون استمرارا لثقافة ومثقفين اخرين. اضف الى هذا ان تأليف اي من الكتاب كتابا واحدا قد يغني عن العشرات من الكتب، فالكتابة ليست كمًا بقدر ما هي كيف. اضف الى هذا ان ما قاله دويل وسيمنون وكالدول لا يعتبر قاعدة وانما هو استثناء.. ويمكن اعتباره حالات خاصة.

مُجمل الرأي انه لا يوجد كاتب في عالمنا جدير بصفته هذه ويمكنه الانصراف عن القراءة والاطلاع، والانقطاع للكتابة والتأليف، لسبب بسيط هو ان الكاتب ليس نسيج وحده في عالمنا وانما هو استمرار لثقافة وتاريخ ابداعي طويل. كما يرى الشاعر الانجليزي تي. اس. اليوت.. في اكثر من كتابة نقدية وتقعيديه له.

ملاحظة: في ادبنا العربي لم اقرأ تصريحا لكاتب معروف يذهب الى مثل ما ذهب اليه هؤلاء الكتاب فيما يتعلق بعزوفهم عن القراءة، وانكبابهم على الكتابة مكرسين لها جل اوقاتهم. ومما اذكر في هذا المجال ان طه حسين كان ينصح الكتاب الشباب بالقراءة والمزيد منها وقد تجسدت نصيحته هذه بقوله لأنيس منصور: اقرا ثم اقرا ثم اقرا. وكان طه حسين يقترح على الكتاب الجدد ان يقرؤوا اربعة كتب من ادبنا العربي القديم قبل مباشرتهم الكتابة. هذه الكتب فيما اتذكر هي: البيان والتبيين، الكامل في اللغة والادب، الأمالي والعقد الفريد.

 

ناجي ظاهر

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم