صحيفة المثقف

في التاريخ وكتابته

حمزة بلحاج صالحأتكلم عن هواة من المشتغلين بكتابة التاريخ من دكاترة وأساتذة وأصحاب مؤلفات وكتب وباحثين وطلابا بالتبعية.. لم تظهر في القديم بوادر كتابة ممنهجة إلا عند ابن خلدون في مقدمته لم يلتزم بها عند كتابته تاريخه وديوان عبره...

في كل الاحوال عندما يخضع التاريخ لفحص دقيق عند الغربيين وتظهر مثلا مدرسة مثل مدرسة التاريخ الجديدة.... ecole de la nouvelle histoire وأيضا يتم الإشتغال بموضوع فلسفة التاريخ وبمناهج كتابة التاريخ وفق ما يسمى بالمنزع التأريخي historiographie أو الاعتبار السوسيو تإريخي socio historique ومدرسة القيم القديمة والتاريخ الوقائعي واللحظي او الحادثي.... l'événementiel

وتتخلص مدرسة التاريخ الغربية من هيمنة الأسطرة خارج التاريخ والتقديس وإضفاء القداسة على حركة الإنسان والمجتمعات في التاريخ وهيمنة التفسير الديني والتقديسي لفعل الإنسان في التاريخ ويكتبون عن العقل في التاريخ ويتناولون السيرورات التاريخية...

نعجز نحن عن إقامة حصائل تقييم عميقة للمنجز التاريخي الغربي وأدواته ونعجز عن استيعابة وعن فهمه وعن توظيفه وتجاوزه وعن تأسيس مدرسة تاريخية عربية إسلامية بأبعاد كونية...

نحن مشغولون للأسف بجمع الوقائع وتدوينها وتبويبها وسردها كما سردها علينا الرواة ولازال فحصنا للوثيقة التاريخية باهتا أركائكيا باليا تجاوزه الزمن...

التاريخ يحتاج إلى أدوات وعلوم أخرى ربما للأنثربولوجيا والإثنولوجيا والإثنوميتودولوجيا والأركيولوجيا وأركيولوجيا المعرفة وحتى إلى الجغرافيا والجغرافيا البشرية والجغرافيا السياسية أحيانا والفللولوجيا وكل الأدوات النقدية التحليلية وأدوات الفحص الأمبيريقية والتجريبية...

لقد حاول الماركسيون العرب ان يستخدموا أدوات الماركسية والجدلية المادية والتاريخية وقدموا منجزات لا تخلو من فائدة غزيرة لكن عجزهم عن استيعاب أدواتهم داخل التراث وفرط أدلجتهم جعلهم يعزلون ولا يكتب لمقارباتهم الديمومة والنجاح الباهر...

فليست منجزات مثلا حسين مروة وابراهيم بيضون والطيب تيزيني وجواد علي..الخ بالهينة والتافهة كلا.. وليس عمل جواد علي ايضا من جهة اخرى بالهين والهامشي والتافه.. قد يطول القول في هذا الموضوع ولعلني نقلت لوحة عامة توجد فيها بعض الأجوبة لبعض الأسئلة...

التاريخ ليس سردا ولا انتصار للأشخاص ولا تأريخا للبطولة ولا مسحة قدسية تضفى على فعل الانسان في التاريخ وسيرورة حراك الأمم في التاريخ....

ولا يخضع للادلجة واضفاء منزع القيم عليه واخفاء سقطاته وكبواته لانه فعل البشر لا يسيس ولا يدين بدين ولا له لون...

بل يخضع للقراءة النقدية التي تفضح اسراره وكبواته وقوماته وفضائحه بلا تحيز ايديولوجي او ديني او سياسوي...

ولا يؤسس مدرسة للتاريخ فرد او دكتور او كاتب انه عمل شاق بعيد عن الشعارات والتحيزات يتطلب بناء المفاهيم والنظريات والأفكار  والأسس والمرتكزات والنواظم المنهجية ..الخ...

التاريخ ليس طائفية تمتد فينا تفتت وحدتنا وتقسمنا الى امم ونزعات تكفير وتفسيق واخراج من الملة ...

ولا هي بالمذهب وتعصب له ولا بالخصوصية والاستعلاء بها...

دار الإنسانية قبل دار الإسلام والإيمان لكي تتحقق الثانية يجب ان نعلم ان للاولى توجه خطاب القران الكريم....

دار السلم أولى من دار الحرب...

لا إكراه في الدين رأس عقيدتنا...

 

حمزة  بلحاج صالح

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم