صحيفة المثقف

فاتن عبد السلام بلان الضلع الرابع

سردار محمد سعيدأنا لا اجيد المديح والثناء، وغير متمرس فيه، إنما أقول ما أشعر وما اعرفه حتى ولو كنت ابدو قاسياً لمن يتوجه اليه الخطاب، وانا اليوم بصدد الحديث عن شاعرة متمكنة هي فاتن عبد االسلام بلان ولقد دهشت من كثرة التعليقات والمديح الذي انهمرعليها كالمطر مع قلة التحليلات، وأرى ان نصوص فاتن تستحق المدح ولكنها تستحق أيضاً التحليل والنقد، واعتقد ان فاتن ترغب في الجانب الأخير أكثر من جانب المدح والثناء، ولو ان الجانب الأول يشجي الكثير من الناس بل ويبحثون عنه، وفاتن لبست من الباحثات عن الشهرة وتبحث عن النقد الرصين الذي ياخذ بيدها إلى جعلها تحتل المساحة التي تستحقها .

شواعر النساء قليلات العديد نسبة للشعراء الذكور ولو انهن في زيادة متفاقمة بعد اتخاذ الشعر المنثور وسيلة وطريقاً قد يكون الأسهل تعبيراً، في حين أن شواعر القصيدة الموزنة المقفاة "العمودية" على وفق علمي في وقتنا الحالي يقرب من الصفر، على انه قديماً ذُكرت اسماء شواعر بنسبة اكبر ويمكن قراءة هذا في الكتب المعروفة مثل كتاب أشعار النساء للمرزباني وكتاب أخبار النساء لإبن قيم الجوزية وعلى وفق معرفتي بفاتن من خلال ما نشرته فأعتقد زاعماً أنها مشروع لتكون الضلع المكمل للمربع المكون من الشواعر 1 ليلى الأخيلية 2 علية الاميرة العباسية 3 ولاّدة بنت المستكفي الأميرة الأموية .

الشواعر اللواتي ذكرت رموز كبيرة ولها صفة الإنسانية وهن مفخرة الأنوثة العربية ولي أمل في أن يتصدى أحد الآكاديميين لدراستهن دراسة رصينة في مجتمع أبوي قاس، هن عاشقات لا يخفين حتى اسماء ممن يعشقن فليلى الأخيلية صاحبة أو حبيبة توبة وعلية حبيبة الخادم طل وولادة حبيبة ابن زيدون أما فاتن فحبيبة من ؟

إن الأبيات

حب يزلزلني ويجذبني وقليله خطر بأضرار

 رجل يقامرني على قدح سيجاره حلقات اسرار

والله ذي غمازة صلبت اجفان قلبي دون مسمار

لا يمكن أن توحي بغير الحب، أقول الحب وهل في هذا من عيب؟ الحب الشريف العفيف وإن لم تذكرالإسم صراحة في مجتمع أبوي مقيت ينظر للأنثى على أنها عورة .. وإن كيدها عظيم ... وتهجر في المضاجع، ولكني لشديد الثقة في قوة فاتن وجرأتها سيستدعيانها لتغرد يوماً، ولتتذكر القول "يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين، قال إني أريد أن انكحك احدى ابنتي هاتين ...".

فليس من المعقول أن نتجه الى وراء بعد حادثة ابنة شعيب وموسى وبعد عصر ليلى وعلية وولادة بمئات من السنين .

إن فاتن لم تتخذ سبيل التغطية والتمويه في شعرها مثل الكنى أو تقمص شخصية ذكورية فقد سبق وأن اتخذ أو تقمص مثلاً نزار قباني شخصية الأنثى ببراعة مثل صار عمري خمس عشرة

صرت احلى ألف مرة

ومتل

أيظن التي غنتها نجاة الصغيرة

لقد مدحت ليلى الأخيلية أمام الحجاج وفي مجلسه حبيبها توبة بن الحمْير بكل صراحة وجرأة

فتى فيه فتيانية اريحية بقية اعرابية من مهاجر

وقالت فيه بطلب من الحجاج

كأن فتى الفتيان توبة لم ينخ قلائص يفحصن الحصى بالكراكر

وقالت

فإن تكن القتلى بواء فإنكم فتى ما قتلتم آل عوف بن عامر

في حين أن علية العباسية بسبب الضغوط عليها كانت تكني أحياناً

ففد قاسمت اخوتها على أن لا تذكر اسم " طل" وعندما كانت تقرا القرأن كما يروى

وهارون يستمع من خلف ستار بلغت " فإن لم يصبها وابل فطل " فتجبجبت وقالت فإن يصبها وابل فـ فـ فالذي نهانا عنه امير المؤمنين .

وهي التي تقول في "طل"

قد كان ما كلفته زمناً   يا طل من جد بكم يكفي

حتى أتيتك زائراً عجلاً  أمشي على حتف إلى حتف

وقالت فيه

طل ولكني حرمت نعيمه  ووصاله إن لم يغثني الله

ومن كناها أنها كنت طل بـ "ظل" فقالت بعدغيابه

أيا سروة البستان طال تشوقي   فهل لي إلى "ظل" لديك سبيل

متى يلتقي من ليس يقضى خروجه  وليس لمن يهوى إليه دخول

وقالت فيه وغنته بعد أن صحفت اسمه إلى "غل "

سلم على ذاك الغزال  الأغيد الحسن الدلال

سلم عليه وقل له   يا غل ألباب الرجال

وكنته "بزينب "

وجد الفؤاد بزينبا     وجداً شديداً متعبا

أصبحت من كلفي بها   أدعى سقيماً منصبا

وغيرها كثير يمكن مراجعته في ديوانها وهنا لابد لي من أن أنبه لكثرة التصحيف فقد صحفت اسم طل إلى ظل وغل وكنته بزينب، فيا لهذا الحب العظيم

أما ولادة بنت المستكفي

انا والله أصلح للمعالي   وأمشسي مشيتي وأتيه تيها

أمكن عاشقي من لثم ثغري  وأعطي قبلتي من يشتهيها

و

اسامر في ليلي سنا طلعة البدر  لبعدك عن عيني وإن كنت في صدري

هواك له شغل بقلبي شاغل   به ضقت ذرعاً وهو- إن حققوا -عذري

 

إنني اتوقع في فاتن التي بلغ صدحها مرتبة متقدمة أن تكون الضلع الرابع إن سعت لذلك فالأرض خصبة ولديها البذروعذب الماء، وآمل أن يمد الله في عمري لكي ارى ذلك متحققاً .

وأذكّر اخيتي فاتن أن تعيد قراءة شواعر النساء للمرزباني و أخبار النساء لإبن قيم الجوزية وتراجع بعض الكلمات فيما إذا كانت مولدّة في المعاجم الكبيرة كلسان العرب والقاموس المحيط " وليس الوسيط" مثل لفظ مُشط بضم الميم ولفظ زغرودة

ولفظ حلقة .

تمنياتي للشاعرة المتصاعدة فاتن بالموفقية، راجياً أن أكون قد أفلحت.

 

سردار محمد سعيد

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم