صحيفة المثقف

الواقعية في رسالة الغفران

يسري عبد الغنيأبو العلاء المعري؛ رهين المحبسين، ولد في معرة النعمان بشمال سوريا ومات فيها في ١٠٥٨م، أصيب بالجدري في الرابعة من عمره ثم فقد بصره، اعتنق مذهب البراهمة ، كان نباتياً فلم يأكل اللحم طيلة خمس وأربعون عاما، نال الكثير من النقد والتكفير ووصف هو وابن الراوندي وابن رشد بأشهر زنادقة التاريخ الاسلامي، شخصيا احتج على وصفهم لابي العلاء بالزنديق وخصوصاً بعد رسالة الغفران!!

دافع عنه عميد الادب العربي الدكتور طه حسين بشده.

أوصى ان يكتب على قبره "هذا جناة أبي علي وما جنيت على أحد"

اما هذه الرسالة (وهي رداً على ابن القارح) فهي من ابدع وأروع ما كتب في اللغة العربية، خيال جم ولغة باهرة زاخرة بالكلمات والمفردات الفصيحة التي محتها السنون من قواميسنا، ابدع في وصف الجنة والنار والحساب والتقاء ابن القارح بفحول الشعراء من شعراء الجاهلية وغيرها ثم أسهب في وصف القران الكريم ثم تحدث عن الزنادقة والقرامطة ..وغيرها من المواضيع مثل:

- نقد ورفض معتقد التعويض (أدخلت الجنة على ان لا اشرب الخمر).

- نقد بعض معتقدات الشيعة مثل الايمان بشفاعة آلِ البيت مهما كانت ذنوب المرء.

- التهكم والسخرية من معتقدا صكوك الغفران.

- نقد معتقدات العامة حول الجنة التي جعلت فقط للتمتع واللهو والمجون.

- نقد الحكام والساسة (يقودهم الى جهنم بسلاسل من نار).

- نقد الواقع الاجتماعي القائم على الفساد والرشوة والكذب والنفاق.

- نقد الطبقية في المجتمع.

- نقد شعراء التكسب (كانت صناعتي الأدب أتقرب بها الى الملوك) اي اتخاذ الشعر لكسب القوت بالكذب ونقد أيضاً السطو على شعر الآخرين.

وكما قال الدكتور طه حسين رسالة الغفران هي آية الأدب العربي، كما أن صاحبها آية كتّاب العرب، هي آية التفكير العربي، هي آية الخيال العربي، هي آية السخرية العربية، هي آية الحرية العربية، هي آية العرب في هذا كله، لا أغلو في ذلك ولا أسرف، بل أعترف بأني دون ما أريد.

 

بقلم د.يسري عبد الغني

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم