صحيفة المثقف

إشكالية بناء الدولة العراقية في مرحلة التحول السياسي

محمود محمد علي"إشكالية بناء الدولة في مرحلة التحول السياسي.. العراق الشقيقة نموذجا"، رسالة ماجستير ناقشتها الأسبوع الماضي بصحبة الأستاذ الدكتور عبد الرحيم خليل (رئيس قسم العلوم السياسية بكلية التجارة بجامعة أسيوط بجمهورية مصر العربية)، للباحث العراقي "علي عايد عبد الله حرجان" .

والرسالة من إشراف كل من الأستاذ الدكتور إسماعيل صبري مقلد – أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بكلية التجارة– جامعة أسيوط، والأستاذ الدكتور عبد السلام علي نوير- أستاذ العلوم السياسية والإدارة العامة بكلية التجارة – جامعة أسيوط، عام 2021.

تقع الرسالة في 212 صفحة، وقد قام الباحث بتقسيم الرسالة إلي أربع فصول تسبقها مقدمة وتلحقها خاتمة، وقائمة بالمصادر والمراجع العربية والأجنبية.

الفصل الأول وتجسد في شرح الإطار النظري لفكرة بناء الدولة والتحول السياسي، والفصل الثاني وفيه تناول الباحث "بنية الدولة العراقية حتي عام 2003"، أما الفضل الثالث، وفيه شرح الباحث التحول السياسي وبناء الدولة في العراق بعد 2003، وأخيراً جاء الفصل الرابع ليبرز الباحث من خلاله لفكرة التحديات التي تواجه عملية بناء الدولة في العراق.

تناول الباحث في رسالته عملية بناء الدولة في فترة التحول السياسي في العراق، وما أفرزته المراحل الانتقالية في الفترة من 2003 وحتي 2018، وقد توصل الباحث بأن ما أفرزته عملية التحول السياسي التي تمت بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية ومجموعة ضيقة من النخب العراقية لم تكن مناسبة لمهمة إصلاح الدولة العراقية وبناء المؤسسات الديمقراطية، حيث اكتشف الباحث بأنه لم تكن هناك عملية سياسية شاملة ونقاش وطني حول مستقبل الدولة العراقية، وبدلا من ذلك قادت مجموعة ضيقة من النخب السياسية العملية الانتقالية في غياب مشاورات واسعة .

وقد توصل الباحث إلي مجموعة من النتائج ؛ منها أن التدخل الخارجي شكل عائقا كبيرا أمام عملية بناء الدولة من خلال تأثيره الداخلي في تشكيل التحالفات داخل العملية السياسية وامتد إلي داخل المجتمع العراقي، حيث شكل الفراغ الأمني الذي سببه القرار الأمريكي في حل الجيش والشرطة العراقية والتباطؤ في بناء جيش وطني جديد ليحل محل الجيش القديم للقيام بمسؤوليات الأمن والدفاع، علاوة علي نظام المحاصصة التي أسست لها حكومة الاحتلال ومجلس الحكم الانتقالي، وأيضا تصدع النخب وضعف التماسك المؤسسي، هذا بالإضافة إلي صعود الطائفية والانتماءات الفرعية علي حساب تهميش الهوية الوطنية، وأخيراً الاعتماد المفرط علي الاقتصاد الريعي وبطء مستويات التنمية.

إن رسالة بعنوان " إشكالية بناء الدولة في مرحلة التحول السياسي .. العراق نموذجا" موضوع لا أتردد في القول بأنه من الموضوعات الحيوية الهامة في مجال العلوم السياسية . هذا الموضوع قضي الباحث فيه وقتاً طويلاً، وتتمثل أهمية هذا الموضوع في أنه لا يعد من الموضوعات السهلة، خاصة وأنه يبحث في مجال به مصطلحات عديدة، وباحثنا قد بذل جهداً في تحليل وصياغة العديد من الآراء التي أبرزت إشكالية بناء الدولة في مرحلة التحول السياسي في العراق.

كما أن من مزايا هذه الرسالة أن الباحث لم يقتصر علي مجرد العرض الموضوعي لفصول رسالته، بل إنه حاول جاهداً نقد هذا الرأي أو ذلك من الآراء التي قال بها الباحثون السابقين عليه.

ومعني هذا أن الرسالة تتضمن الرؤية الموضوعية والرؤية الذاتية النقدية، وإن كنا نجد عند الباحث نوعاً من المبالغة في إثبات نظرية المؤامرة – وهذه المسألة كان ينبغي معالجتها بحذر حتي نبتعد عن الأساليب الخطابية الإنشائية والتي تعتمد علي المبالغة بوجه عام.

الموضوع إذن الذي اختاره الباحث يعد موضوعاً هاماً، والرسالة بها معلومات كثيرة يمكن أن تفتح المجال لكثير من طلاب البحث والدراسة – أي أن الهدف الذي سعت إليه الباحث يعد هدفاً نبيلاً إذ يسعي إلي التعرف علي حقيقة الأشياء.

أيضاً من مميزات الرسالة اللغة الواضحة التي تميز بها الباحث في هذه الرسالة، ورجوعه للكثير من المصادر والمراجع , وأمانته العلمية في النقل , وكذلك خلت الرسالة إلي حد ما من الأخطاء المطبعية المزعجة التي نعاني منها في الكثير من الرسائل.

أيضاً من مميزات الرسالة التسلسل المنطقي لفصول الرسالة ؛ فالباحث قسم الرسالة إلي أربعة فصول، الفصل الأول وتجسد في شرح الإطار النظرية لفكرة بناء الدولة والتحول السياسي، والفصل الثاني وفيه تناول الباحث بنية الدولة العراقية حتي عام 2003، أما الفضل الثالث وفيه شرح الباحث التحول السياسي وبناء الدولة في العراق بعد 2003، وأخيراً جاء الفصل الرابع ليبرز الباحث من خلاله لفكرة التحديات التي تواجه عملية بناء الدولة في العراق.

وفي النهاية توصل الباحث في رسالته إلى جملة من النتائج ؛ أهمها أن السياسة العامة في العراق غير واضحة المعالم، وتعاني من الضبابية، نتيجة للموروث السياسي الذي جلب المحاصصة السياسية والحزبية، والتي تجذرت في المؤسستين التشريعية والتنفيذية على وجه الخصوص، فضلا عن التعددية الحزبية، وهذا ما أدى الى ضعف التفاعل الذي يجري في إطار النظام السياسي بين مكوناته وعناصره المختلفة.

 

د. محمود محمد علي

رئيس قسم الفلسفة وعضو مركز دراسات المستقبل - جامعة أسيوط

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم