صحيفة المثقف

أَلإِرهابُ لادينَ لَهُ

كَتَبَ الاستاذُ والاعلاميُّ المُتَأَلِقُ "محمد عبدالجبار الشبوط"، مقالَيْنِ مُهِمَّيْنِ حولَ الارهاب هما: " دينُ الإرهابِ"، والاخَرُ " الارهابُ... اسلامِيّاً "، ولا اختلفُ معَ الكاتبِ على مضمونِ مَقالَيْهِ، وانما اختلفُ معهُ على العباراتِ واستخدامِ الأَلفاظِ . أَنا لا أَرى انَّ عبارة " الارهابُ لادينَ لهُ" عبارةٌ مُضَّلِلَةٌ بل اراها عبارةً صحيحةً . وهنا يجبُ أنْ أُفَرِقَ بينَ الدِّينِ والْتَدَيُّنِ، والاسلامَ والتَّأسْلُم . ممارساتُ داعشَ واخواتِها ليست ديناً، بل تَدَيُّناً مُشّوَّهاً مريضاً اجرامِيّاً هو اسقاطٌ لنفوسهم المريضةِ، ولنزعاتِ الحقدِ والاجرامِ القابعةِ في نفوسِهم، وليستْ اسلاماً بل تَأَسْلُماً في فهمِ الاسلامٍ وممارستهِ، . سَلْ ايَّ انسانٍ مهما كان مستواه الثقافي، هل انَّ ماتمارسُهُ داعشُ ديناً؟ سيكون جوابُهُ لا كبيرةً وقاطعةً . ولذلك يجب أَنْ أُفَرِّقَ بينَ الدينِ الذي هو نصوصٌ يعتقدُ من يدينُ بها أَنّها مُقَدَّسَةٌ وبينَ الْتَدَيُّنِ الذي هو فهمُ وَممارسَةُ الدين . فهمُ داعشَ للدينِ وممارستُها لهُ ليس ديناً . الدينُ برئٌ من فهمِ داعشَ وممارساتِها الاجراميةِ . نعم : لداعش مرجعية ولكنها مرجعيّة تدينيّة أنشأها هذا الفهم المشوه للدين .هذا التمييزُ بينَ الدينِ والتديّنِ ضروريٌّ جداً لتبرِئَةِ الدين مما يُنْسَبُ اليهِ.

فَهْمُ الْخَوارجِ للدينِ وممارستُهم لهُ ليسَ ديناً بل هو تَدَيُّنٌ مُشّوَّهٌ ؛ ولذلكَ النبيُّ (ص) أَخرجَ هذا الفهم َ المُشَوَّهَ والممارساتِ الاجرامية عن الدين، فقد وصف النبيَّ (ص) الخوارجَ بِأَنَّهُم:

(إِنَّ فيكُمْ قَوْمًا يَعْبُدونَ ويَدْأَبونَ، حتى يُعْجَبَ بهمُ النَّاسُ، وتُعْجِبَهُمْ نُفوسُهم، يَمْرُقونَ منَ الدِّينِ مُروقَ السَّهْمِ منَ الرَّمِيَّةِ) (رواه أحمدُ بسنَدٍ صحيحٍ). يمرقون من الدين اي: يخرجهم فهمُهم هذا وممارساتُهم تلك عن الدينِ .

فهمُ داعِشَ وممارساتُها الاجراميّةُ ليستْ اسلاماً بل هي تَأَسْلُمٌ ناتجٌ عن مرجعيتهم التأسلميّة في فهم وممارسة الاسلام .

واشارَ الاستاذُ الشبوطُ الى ارهابِ محاكمِ التفتيش ووصفه بأنّهُ " كانَ دينيّاً مسيحيّاً " واعتبر ارهاب طالبان في افغانستان بِأَنَّهُ :" كان دينيّاً اسلاميّاً سنيّاً"، في حين انّ ارهابَ محاكم التفتيش كان تديناً مشوهاً للمسيحيّةِ الكاثوليكيّة، وارهاب طالبان كان تديناً مشوهاً للاسلام السنيّ الذي اختطفته الوهابية وتدثت باسمهِ .

واحياناً من يمارسونَ الارهاب لاعلاقةَ لهم بالدينِ ولا بالتديّن، وانما يوظفون الدين اسوأ توضيفٍ لتحقيق اهدافٍ سياسيّة . فقادةُ الكيان الصهيوني لاعلاقةَ لهم بالدين ولابالتديّنِ ولكنَّهم يُوظفون التوراة والديانة اليهوديّة من اجل اهداف سياسية ومصالح ايديولوجية ضيّقَةٍ .

واحياناً يكون الارهابُ لادينيّاً، ليس لهُ مرجعيّة دينيّة، ولامرجعيّة تدينيّة، كإرهاب ستالين ومجازره، وارهاب ماوتسي تونغ وقمعه للحريّات، وارهاب هتلر لم يكن ارهاباً باسمِ الله ولاباسم الدين، وانما كان باسم الداروينيّة الاجتماعيّة، والتي هي رؤيةٌ كونيّةٌ تقوم على استبعاد الله من حياة الانسان . الداروينيّة ومبدأ تنازع البقاء وبقاء الاصلح وظَّفَها هتلُر في القول بتفوق الجنس الالماني على بقيّة الاجناس وتبرير قتل الضعفاء بحجة بقاء الاصلح . هذا الارهابُ لم تكن مرجعيتُهُ دينيّةً، فكيف يقالُ انَّ الارهابَ لهُ دينٌ ؟

 وفي الختام : الارهاب العالمي لاعلاقة له بالدين، وانما سببهُ التديُّنُ المشوه، وممارسات طالبان والقاعدةُ وداعش ليست اسلاماً وانماهي تأسلماتٌ أَفرزَها الفهمُ السقيمُ وَأَدّتْ الى ممارسات اجراميّة، الاسلامُ بريءٌ منها ولايتحملُ مسؤوليتها .

 

زعيم الخيرالله

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم