صحيفة المثقف

في ذكراه الثالثة.. زغلول الدامور زجل ماتع ومنبر رائع

ناجي ظاهرامتلك الشاعر الزجلي العربي اللبناني زغلول الدامور منذ سنوات بعيدة شهرة واسعة النطاق وقد استمع الجمهور العربي من المحيط الى الخليج الى مبارياته الشعرية وشاهدها عبر المحطة التلفزية اللبنانية على مدار سنوات طوال. في هذه الايام تحل الذكرى الثالثة لرحيله عن عالمنا تاركا وراءه اسما كبيرا مدوّيًا، وتراثًا من القول الشعري الزجلي يستعصي على النسيان.

ولد جوزيف الهاشم وهذا هو اسمه الحقيقي في احدى قرى الريف اللبناني عام 1925 وعبّر عن موهبته في القول الشعري الزجلي قبل بلوغه العاشرة من عمره، الامر الذي لفت انظار اقرانه الطلاب ومعلميه، فاطلقوا عليه اسم زغلول الدامور نسبة إلى بلدة الدامور مسقط راس والده، وقد عُرف بهذا الاسم واشتهر به.. منذ سن التاسعة حتى مفارقته الحياة. يوم امس السبت السابع والعشرين من كانون الثاني عام 2018. عن ثلاثة وتسعين عاما مباركة وحافلة بالعطاء.

أسس زغلول الدامور فرقته الزجلية الاولى عام 1944. واقام برفقتها المئات من العروض الزجلية داخل بلده لبنان وخارجه، في دول مختلفة منتشرة في ربوع العالم، ويذكر الناس في بلادنا ايضًا عروضه الشعرية الزجلية في التلفزيون اللبناني قبل العشرات من السنين. وما حفلت به من براعات قولية شعرية ردّدها الكثيرون وحفظوها عن ظهر قلب، واذكر بالمناسبة كيف كنا نجتمع برفقة والدتنا الراحلة الغالية لنستمع إلى أجمل الاقوال المنظومة والمعارضات الشعرية المفهومة. وكانت تلك العروض تدخل البهجة الى بيتنا وتنشر فيه الحبور والسرور.

من المعروف ان زغلول واعضاء فرقته انتموا الى مدرسة الشعر الزجلي المنبري.. وهو يختلف نوعًا ما عن الحداء الشعبي، علما انه ينهل من منابعه الثرّة الغنية، والفرق بين الزجل المنبري والحداء يظهر اكثر ما يظهر في ان المنبري يتجلّى في الجمالي الابداعي، في حين ان الحداء يتجلّى في الاساس بالجمالي الاجتماعي تحديدًا، اما ما يجمع هذين الضربين من القول الشعري هو انهما يقومان على المواجهات فيما بين الشعراء، علما ان المنبري قد يعتمد على شاعر واحد مبدع، قريب جدا من شاعر اللغة الفصحى.. وقد اشتهر زغلول بالمعارضات الشعرية. ويسجّل له انه تفوق ايضًا في القول الشعري الذاتي، وسوف اورد في نهاية هذه الكلمة عنه واحدة من زجلياته الجميلة والمعروفة ايضًا.

برحيل زغلول الدامور انطوت صفحة اخرى من صفحات الزمن الحنون الجميل.. صفحة رائعة ومؤثرة.. ملأت حياتنا وحياة الملايين من ابناء امتنا العربية بالجميل من منظوم الكلام.. وجواهره النضيدة.

2177 زغلول الدامورمن أشهر قصائد زغلول الدامور

 صدفة التقو بعيونها عيوني

و عالبيت من غير وعد عزموني

و قلبي فلت مني وسبقني وطار

و مدامعي عالدرب دلوني

ولحقت قلبي وعملت مشوار

عبساط جانح ريح مجنونة

ومن غيرتي عليها خيالي غار

و تحارَب جنوني مع جنوني

وصّلت ... ولقيت القلب محتار

والــ عازمتني مقدّرة فنوني

و أحلى ما إيدي تحترق بالنار

عا بابها دقيت بجفوني

و سمعت صوت بيشبه الأوتار

حرّك شعوري وفيّق ظنوني

و قالت يا أهلا ... ودخلت عالدار

و عيونها بديو .... يحاكوني

وايدين مثل الشمعتين قصار

ما عرفت كيف وليش ضموني

ولفّوا ع خصري داير ومندار

و لولا ما أجمد كان حرقوني

والشعر ياليلي بلا أنوار

من عنبر كوانين مشحونة

وجبين طافح بالحلا فوّار

خلاّ عقول الناس مفتونة

والحاجبين الجار حد الجار

سيفين بالحدّين ذبحوني

وجوز الحلأ عا دَينتين زغار

من الجرح بعد الذبح شفيوني

والأنف قمقم شايلو العطّار

لدموع أحلى زهور ليمونة

لو شافتو بيّا عة الأزهار

بتقول منّو العطر بيعوني

وخدين متل الزنبق بنوار

أكتر ما بدي عطر عطيوني

إلــ بيشوفهم بيقول توم قمار

جاعوا وطلبوا الأكل والمونة

وشفاف حمر بيسكرو الخمار

من فرد نقطة خمر سكروني

وسنان شال الفل منها زرار

بيضا بلون العاج مدهونة

و العنق مثل الخيط عالبيكار

مسكوب لا ورقة ولا معجوني

و الصدر من أتقل وأغلى عيار

متحف درر وكنوز مدفوني

و تفاحتين بيبهرو الأنظار

عالصدر ... يا ريتن يقبروني

و عالخصر عيني بتحسد الزنار

لو مطرح الزنار حطوني

تا كنت أكشف قوة الأسرار

و معليش لو مجنون عدوني

يا ناس هيدا اللي جرى ولصار

و تتصدقوني .... وتا تعذروني

روحوا معي عا بيتها شي نهار

و تفرجوا عا حسنها من بعيد

.. وان ضل فيكن عقل ... لوموني

***

بقلم: ناجي ظاهر

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم