صحيفة المثقف

المطاردة

صالح الرزوقبقلم: إيما دونهيو

ترجمة: صالح الرزوق


 

 كان بالخامسة عشرة أو ما قارب ذلك. واعتقد أنه سيكون في بيته في عيد الميلاد. هذا ما نما لعلمهم، وعندما قدموا لهم معاطفهم الحمر، وأبحروا بهم في المحيط لمواجهة الوطنيين: كانت التقديرات أنهم لن يستغرقوا أكثر من شهرين. وها هو شهر كانون الأول على الأبواب، والثلوج في نيوجرسي كثيفة مثل كعكة، والجميع ينتظرون تحقيق أمنية العودة. ولكنه يتساءل هل هذا صحيح أم أنه محض افتراء وأكاذيب.

فقط لو أمكن الصبي في الفرقة الألمانية، أن يتكلم بلغته على الأقل. هنا لم يسمع أي إنكليزي بمنطقة أنهالت - زيربست، ناهيك عن اسم قريته. ومع أنه لم يذهب إلى هيسة أبدا، كان زميله في المهجع يناديه في كل حال:”أنت الموالي من هيسة، بوش وغد”. أضف لذلك أنه أقصر بقدم أو اثنين من قامة إنسان كامل، وهكذا أصبح يعرف بـلقب “نصف بوش”.

إذا العودة للوطن ليست قريبة. كم سيطول الفراق؟. تعرضت قوات المعطف الأحمر لخسائر ثقيلة في فورت ميرسير، ولكنها نظفت فورت لي بنهاية تشرين الثاني. و هم الآن ينسحبون مثل الجرذان، ومهمة صبيان الفوج تتلخص بالضغط عليهم وطردهم من نيو جيرسي. وكان يرى رجال هوبويل خارج القاعدة في صبيحة كل يوم، فهم يفكرون بتوقيع معاهدة تحالف - وهذا لم يثبت تماما. ولم يتمكن جيش واشنطن الوطني من الاتفاق على انسحابه إلى بنسلفانيا لأن الريف موبوء بالخونة. وكان بمقدورهم تجهيز الأسلحة الخفيفة، والثياب والطعام، ملح ولحوم. كان لبعض رجال الفوج زوجات شابات، وآخرون ادعوا أن زوجاتهم جميلات جدا ولا يمكن تركهن وحيدات. وكانوا جميعا قلقين من هذه الحملة التي لا تبدو لها نهاية. أما الصبي فلديه أم فقط. في الليل، وهو تحت الغطاء، يفكر بسريره في المنزل في قريته في أنهالت - زيربست، والطريقة التي تطرق بها أشجار التنوب على زجاج نافذته. لقد كان يبكي لهذه الذكرى حتى يهزه البكاء.

قال له زميله في المهجع:”اهدأ قليلا والتقط أنفاسك يا صاح”.

كان هذا محض هراء لتمضية الوقت. في مطر كانون الأول المثلج، لا يكون بمقدورك أي شيء غير الانتظار. ثم صفت السماء ذات يوم. وأصبحت الأراضي المحيطة بهوبويل قاسية كالطبل.وحينها قال أحدهم:”هذا طقس مناسب للصيد”.

إذا يسمونه الصيد. ولم يسر ذلك الرائد. لكن هز الكابتن رأسه وقال له: على الرجال أن يحصلوا على القليل من التسلية. وبدأ هوتون وبرايان ووليامز والصبي المطاردة في بيت مزرعة على ضفاف البلدة، والمسدسات جاهزة لمواجهة المقاتلين الوطنيين. كانت معدة الصبي متشنجة، كما لو أنه على وشك الدخول بمعركة.

بعد أن قرعوا البابولم يرد أحد. فحطم برايان نافذة التهوية ببارودته. ثم سمعوا صوت أقدام تجري، وتبع ذلك تحرير الرتاج. قبض برايان على الخادمة من تنورتها وقال له وليامز:”أمسك نفسك يا رجل. أين السيدة، إيه؟. أين يختبئ الجميع؟”. هزت رأسها، وهي تبكي. فتنحى الصبي لجانب الجدار.

قال له:“إلى أين يا نصف بوش؟”.

رد:“لتفتيش المنزل”.

قال هوتون:”كأنك تفكر مثلي يا صاحبي”. فك أزراره بيد زاحدة وهو يضحك للخادمة.

في الطابق الثاني، ران على الممر السكون، باستثناء أنين الأرض تخت خطوات الصبي. وأمكنه سماع أصوات غامضة من الأسفل، ثم صرخات توقفت حالا. تفقد الصبي كل غرفة على حدة بنظراته، ودون تسرع. ماذا عليه أن يفعل لو قابل السيدات؟. عاهرات يانكي، عاهرات وطنيات. عاد أدراجه للطابق الأرضي. في المطبخ وجد إناء مخلل فالتهم منه قليلا،، كان هشا بالمقارنة مع مخللات أمه، ودون طعم تقريبا. تحسس حبوب كيس قديم، وقرأ ورقة على الجدار كتب عليها: سعرها أعلى من الجواهر الكريمة.

ثم رن شيء ما. تبع الصوت الخافت حتى المخزن، وتبين أنه فارغ، ثم فتح بابا صغيرا ووجد فتاة تجلس القرفصاء في في مكان اللحوم. وكانت تسد أذنيها بيديها.

2179 emma donoghueقال من تحت أنفاسه:”قردة”.

ردت:“هذا كلام غير متحضر!”.

أشار وقال:”اليدان على الأذنين؟. مثل القرد في الصورة”.

خفضت يديها مكرهة وقالت.”أي صورة؟”. ولمعت أذناها الشاحبتان من بين خصلات شعرها.

فكر الصبي: تشبه ابنة التنين.ثم قال:” ليس في ذلك شيء سيء”.

قالت: “أفهمك. ليس فيه شيء شرير”. وزحفت لتخرج من الخزانة، ثم وقفت، وكانت أطول مما توقع. وترتدي مريولا لماعا من النوع الذي يناسب الاستعراضات. وخصلة من شعرها مضمومة بشريط ملون. ثم قالت تتهمه:”أنت لست إنكليزيا”.

“كلا”. قال وهو يكاد أن ينزلق بسبب المفاجأة.

“مرتزق!”. خرجت الكلمة من فمها مثل شيء فاسد. وأصبح وجه الصبي خاليا من التعابير، وشرحت له بقولها:”أنت تخدم لقاء أجر، لتلقي النقود”.

قال لها:”بلا نقود. أحصل على معطف وبوط وتموين”.

وذكره ذلك بضرورة فحص الرفوف. ووجد سلة، تلمس بعض الأواني، ورأى كعكة في ورقة، وسقطت يده على زجاجة داكنة وكانت الأولى من نوعها.

سألته:”ماذا أحضرك إلى نيوجرسي إذا؟”. واقتربت منه من الخلف.

“أميري باعني. للمعاطف الحمر”.

ووجد ثلاثة زجاجات فوضعها فوق الكعكة.

“كيف أمكنه أن يبيعك. أنت أبيض مثلي؟”. قالت البنت. ثم أضافت:”هذا براندي خالتي. وهو من أفضل أنواع الكرز ولا يمكنك أن تسرقه”.

قال:”هذه مصادرة وليست سرقة”. وتعثر بالمفردات الإنكليزية التي يعرفها.

وصاح صوت برايان:”نصف بوش”. جاء صوته ضعيفا لكن عن مقربة.

و خرج الصبي من المخزن مع السلة وهو يعول:”شراب. وجدت شرابا”. ولم يكن لديه وقت لينظر إلى الخلف. لكنه فكر بالبنت. في تلك الليلة، في الثكنة، حينما كان الرجال يتبادلون القصص القذرة، وكان وليامز وهوتون وبرايان يتكلمون عن الخادمة في المزرعة المهجورة - تظاهر الصبي أن البراندي غلبه ودفعه للنوم. أغلق عينيه وفكر بالأذنين البارزتين مثل ثمار الأجاص.

وانتشرت إشاعة أن جيش واشنطن الوطني سينحل ويتلاشى في يوم أول السنة الجديدة، ستنتهي خدمة معظم المتطوعين. وحاول الصبي أن يتخيل أنه في البيت ويعتني بأزهار الحديقة الربيعية.

في اليوم التالي استمرت المطاردة. وتقدمت المعاطف الحمر في هوبويل. كانت هناك أشرطة حمر تقريبا على كل باب، ولكنها أشرطة رخيصة، وتعلن عن الولاء، دون أي دليل. كانوا يقرعون الأبواب ويصيحون:” نريد نساءكم!”.

ووقف الصبي للحراسة أمام العيادة بينما كان البقية في الداخل مع زوجة الطبيب وبناته. وبعد نصف ساعة، مد وليامز رأسه من النافذة ليقول:” تعال يا نصف بوش، حان الوقت لتصبح رجلا”.

لكنه تماسك وقال:”لا زلت أشعر بالدوار من البراندي”

وضحك وليامز وطرق على غطاء النافذة بقوة وسقط الجليد كالرماح.

واقترح هوتون في تلك اليلة:”علينا أن نعود للمزرعة. أكره أن أترك عذراء واحدة في ولاية نيوجرسي الحقيرة”.

وضحك وليامز بقوة كأنه يسعل.

في الصباح تشقق الحقل مثل الزجاج تحت أحذية الجنود. ولم يكن الصبي يرغب بالعودة من هذا الطريق ولو بالإكراه. ووصلوا خلال نصف ساعة، وفي هذه المرة بدأوا من الباب الخلفي: بهجوم مباغت.

ولكن كان المكان مهجورا، ولا أثر للخادمة. صعد الإنكليز الثلاثة إلى أعلى، وتوجه الصبي إلى المستودع. وكانت الفتاة هناك، كما توقع. كانت تحتفظ له بقليل من الجبنة. وكانت صلبة لدرجة مدهشة. ووجد نفسه يفشي لها بأحداث اليوم الذي انتشل به جزدانا من حزام سيد في أنهالت - زربست.

قالت: “علمت أنك لص”.

قال بلا مبالاة:”وأنت وطنية”.

“أنا لست كذلك!”. قالت بصوت مرتفع لا تسمح به ظروف المستودع الخانق. وتابعت:”أنا موالية مثلك. ولم أحلم بالقدوم لعش الخونة هؤلاء”. ورفعت يديها لتغطي بهما أذنيها. ومن على بعد قدمين، لاحظ الدموع وهي تملأ عينيها على طول رموشها. قالت له:”كان والدي في الفرسان. ولذلك صادر الوطنيون مزرعتنا في بنسلفانيا، وطردونا مع فرشة وطبق لكل واحد منا. وتوجب على شقيقي أن ينتظر معهم لينضم لجيشهم الوطني بالإكراه”. وتابعت بصوت أعلى:”وأرسلت الوالدة بناتها الثلاثة إلى الأقارب، لنكون بمأمن. ولم تكن تعلم أن خالتي في هوبويل من المرتدين. أما أولاد خالتي” قالت كأنها تبصق:”فقد عاملوني مثل منديل قديم لمسح الأصابع. وحرموني من وجبة الظهيرة، ولم يقدموا لي ولو سروالا داخليا -”.

دق قلبه في صدره بصوت خافت وقال:”وأين يختبئون؟ خالتك وأولادها؟”.

ضاقت حدقتاها وقالت بلا عاطفة:”لا أعلم. بعيدا”.

“ومتى غادروا؟”.

هزت منكبيها. وزحفت يداها إلى الأعلى ومسدت شعرها.

وفاجأ نفسه بالقبض على يديها وقال:”أذناك جميلتان. لا تغطيهما”.

“أنت تسخر مني”.

هز رأسه بعصبية وقال:”يا لك من جميلة”.

بحثت عن تفاحة وسكينة للتقشير، ثم قطعت له شريحة ولها شريحة. وحينما حاول تقبيلها، انسحبت بعيدا، ولكن ببطء. هل عليه أن يستأذنها أولا؟ أم يجب أن يصر؟. ولكنه قال:”أخبريني أين هم، أولاد الخالة الذين أساؤوا إليك”.

قالت:“فقط أكبر بناتها إن شئت الحقيقة”

احمر وجهه دون جدوى وقال:”الرجال - الآخرون الذين معي - يبحثون عن نساء”.

ضغطت أطراف أصابعها على أذنيها حتى التصقتا برأسها، كما لو أنها تريد أن تمنعهما من السقوط.

تابع: “يجب أن أجد لهم امرأة. هل تفهمين؟. لكن ليس أنت”.

واعتقد أنها قد تنهار بالبكاء، ولكنها تابعت النظر لحضنها. وقالت شيئا ما بصوت منخفض.

سألها:“ما هذا؟”.

قالت همسا أيضا:”في كومة التبن”.

عندما عاد إلى وليامز وهوتون وبرايان وجدهم في الطابق العلوي يملأون حقائبهم بأطباق فضية، أخبرهم أنه سمع أصواتا في الحظيرة. لكمه وليامز على ظهره بقوة حتى كاد أن يسقط. وقال للآخرين:”ربحنا لأنفسنا كلبا صغيرا للصيد. بوش كلب مفترس لا يمكن التغلب عليه”.

في الحظيرة، كان الصبي آخر شخص يصعد على السلم. وهناك أعول ولد يجلس في حضن سيدة مسنة، وخلفها اختبأت بنت طويلة. صاح هوتون وهو يفرك يديه مثل شرير على خشبة المسرح:”حسنا، حسنا، حسنا”.

واستقامت الخالة بقامتها وقالت:”من فضلك يا سيد - ”.

رد:“آه، سوف أكون سعيدا معك يا مدام، وسوف تسعدين كلنا جميعا”.

وأطلق وليامز عاصفة ضاحكة.

قال: “وإذا تذمرت إحداكن سوف أقطع أذنيها”.

تلكأ الولد في الخلفية. ودمدم شيئا حول الرغبة بالشرب.

قال برايان وهو يقبض عليه من كوعه:”تعال الآن، لمجد المجموعة، اختر من تريد - هل تريد اللحم الطازج أو المسنة؟”.

كانت عينا السيدة الكبيرة رماديتين مثل عيني أمه. تهرب من قبضة برايان، وتقريبا سقط وهو يتخبط على السلم نحو الأسفل.

وشعر كأنهم استغرقوا ساعات. وقف بالانتظار على عتبات الحظيرة، يرتجف بسترته الرقيقة والحمراء.

في تلك الليلة، كان موضوع كل الثكنة. وضع الضابط إبهامه على نحر الصبي وقال:”ماذا سمعت؟. ألا يمكنك أن ترفع علم المجموعة لمجد الملك جورج؟”. ولم يعرف الصبي كيف يرد بشكل مناسب.

أعلن هوتون قائلا:”هذه آخر فرصة يا نصف بوش. غدا سيغادر الرائد إلى برنستون لثلاثة أيام، ولذلك يجب أن نعد لذائذ هوبويل وتكون أمامنا هنا. وإن لم تحسن سلوكك مع الإناث ولم تقنعنا أنك قادر على أن تضبطهن..”.

قال الضابط وهو يميل وأنفاسه يتطاير منها شراب الجن:”الموضوع هو: هل أنت بنت أم رجل؟”. وتحركت قبضته من رقبته إلى حنجرته وقال:”لا يوجد احتمالان يا نصف بوش. رجل أم بنت”.

قال الصبي وهو ينسحب بحالة يرثى لها:”ضاجعت إحداهن. في المزرعة. قابلتها في يومي الأول. وهي أجملهن”.

ربت برايان على كتفه وقال:”أوووو. تحتفظ بالأفضل لنفسك. حسنا. أحضرها غدا وأثبت لنا معدنك الأصيل”.

معدنه الأصيل؟. عبارة لم يسمعها الصبي قبل الآن، ودفعه ذلك للتفكير بالصبي ذي اللحية العنبرية، الذي استمر بالهرب جريا حتى قبض عليه الذئب.

استيقظ قبل الفجر واستمر مضجعا مثل جثة. لم يكن يشعر بقديمه. ووجد نفسه يفكر بيدي أمه الطريتين المجعدتين، وهي تضع أمامه طبقا من الحساء. تخلص من ذاكرته. أمه لن تعرفه الآن. وأدرك بكل وضوح أنه لن يعود للبيت.

حوالي الظهيرة، وهو يركع قرب الفتاة في المستودع قبض على يديها. وحاول أن لا يسمع الصرخات البعيدة.

قالت ثانية:”أشعر أنني مكروهة”.

“و كيف علموا أنك -”.

اتسعت حدقتاها واسودتا وقالت:”لا تعلمن. دائما كنت مكروهة. والآن زادت الكراهية لأنني لم أكن برفقتهن في الحظيرة. خالتي فقدت عقلها. الصغيرة لم تبلغ الثانية عشرة. لم أعتقد -”.

همس يقول وعيناه منكستان:”لم أكن برفقتهم”. يا لهن من عاهرات. يانكيات. وطنيات. أضافت: “كانت تنزف طوال الليل”.

وارتفعت الأصوات البعيدة. وجمده وضوحها. قال:”تعالي معي الآن”. والتفت برأسه نحو الحقول.

قالت ووجها مشرق:”لأهرب معك؟. هل أنت أحمق؟. لم يمكنني أن أحلم بذلك”.

أساءت فهمه، ولكنه شاهد فرصته، اقترب منها وقبلها. لم يتوقع ذلك. كانت خفيفة كالريشة. وقال بصوت عميق:”أنت لي”.

قالت:”أعرفك قليلا”.

اتسعت ابتسامتها وشعر أنه كسب الجولة وغاص شيء في صدره وقال:”لن أنصرف دونك”.

“لكن خالتي، أنا - إلى أين سنذهب؟”.

تردد وقال:”من يعلم؟”.

“سيلقون القبض عليك. أتوقع ذلك؟”.

هز كتفيه. ونهض على قدميه. ولم يفلت يدها.

قالت:”دعني أسرع إلى أعلى وأحزم أمتعتي..”.

هز الصبي رأسه، وتنبه من فكرة حمل أشياء إضافية وقال:”لا وقت لدينا يا قردتي الصغيرة. يكفي معطفك”. وفي الخارج وهي تلهث من السرعة أذهلتها الحقول المغطاة بالجليد. قالت:”أليس لديك شيء نمتطيه؟”.

قال:”يمكنني أن أحملك فوق المياه الراكدة”.

ضحكت البنت وقالت:”ويمكنني أن أقفز من فوقها”.

ولدقيقة من الوقت، وهما يتابعان فوق المروج واليد باليد مثل طفلين، سمح لنفسه أن يعتقد أنهما يهربان. وأنه رجل ويمكنه أن يكون فارا من الخدمة. وأنه هناك مكان يمكنه أن يحمل هذه البنت إليه دون أن يسقط بأيدي المطاردين ويعود إلى هوبويل مغلولا بالسلاسل ثم يشنق على مرأى كل الصحاب. وأنه يمكنه أن يرافقها إلى الوطن وتتذوق حساء والدته.

ولكن طوال الوقت، كان يعلم كيف ستتطور الأمور. سوف يقودها إلى الثكنة المزدحمة ببنات أخريات حتما، بنات بأكمام ممزقة وأنوف وجماجم دامية، بنات وطنيات ومواليات، بنات ستخبرن بعيونهن هذه البنت كل ما تريد أن تعرفه. وحينما يصفق الضابط ويأمر نصف بوش أن يهجم، ستبدأ هذه البنت بالصياح، وسيمد الصبي أصابعه المتجمدة ويفك أزراره الواحد بعد الآخر.

ملاحظة: في نيو جرسي وستاتن آيلاند وخلال الشهور الأخيرة من 1776، واظبت القوات البريطانية والألمانية على الاغتصاب المنظم للأناث المحليات. وأحد آمري الفرسان، وهو لورد رادون، قال:”الحوريات الجميلات في هذه الجزيرة مصدر لكل المشاكل العجيبة، والبنت منهن لا يمكنها أن تزور الغابة لجني وردة دون أن تواجه الخطر الداهم بإلقاء القبض عليها”.

وهناك حكايات عن 16 بنتا من هوبويل وقعن لأيام في قبضة البريطانيين - وانتشرت هذه الحكايات المجهولة التي سجل عددا منها شارون بلوكس بكتابه “الاغتصاب والقوة الجنسية في بواكير أمريكا” (2006). وقد زحفت المعاطف الحمر من هوبويل إلى ترينتون في عيد الميلاد المذكور، وخسروا أمام قوات واشنطن بمعركة برنستون في 3 كانون الثاني من عام 1777.

 ***

 

نيو ستايتمان 2010

 ...........................

إيمال دونهيو Emma Donoghue روائية إيرلندية - كندية مولودة في دبلن عام 1969. من أهم أعمالها رواية “الغرفة”، “الاقتراب من هوليود”، “الغطاء” وغيرها...

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم