صحيفة المثقف

هل بدأ المسيحيون الصهاينة كم الافواه في العراق ايضاً؟

صائب خليلمجلس نواب ووزارات تتحول الى بهلوانات رعباً

تعرض طالب الماجستير، السيد عمار اياد لحملة شعواء اطلقها قائد جواكر تشرين المشبوه بعلاقاته في واشنطن، ستيفن نبيل، وشاركه فيها النائب(ه) عن المكون المسيحي ريحان حنا أيوب، والتي ذهبت الى حد تزوير اسم رسالة الماجستير لا خفاء حقيقتها وجعل العنوان مناسبا لحجة "الدفاع عن المكون". فقامت بتحويل العنوان الواضح للرسالة "المسيحية الصهيونية الامريكية ودورها في غزو العراق 2003"، بإضافة حرف "و" بين كل من الكلمتين "المسيحية الصهيونية" والكلمتين "الصهيونية الامريكية" ليصبح العنوان "المسيحية والصهيونية والأمريكية"، وقدمت طلبا إلى لجنة التعليم العالي النيابية لـ "فتح تحقيق فوري وعاجل" في "قضية" مناقشة تلك الرسالة، باعتبارها مهينة للمكون المسيحي!

هنا نريد ان نلفت الانتباه الى النقاط المحددة التالية:

1- المسيحيون الصهاينة ليست إهانة للمسيحيين، بل هي كنيسة بهذا الإسم تأسست في جنوب افريقيا عام 1924 على يد من ادعى ان وحياً اتاه من الرب، ولها ملايين التابعين في افريقيا (16 مليون عام 2017) وكذلك اميركا وتعتبر من انشط الكنائس واكبرها توسعا. وهناك أيضا "المركز المسيحي الصهيوني" والأكاديمية المسيحية الصهيونية" و "الجامعة المسيحية الصهيونية" و"الجندي المسيحي الصهيوني" الخ.. ويمكن لمن يبحث في كوكل ان يجد الكثير جدا، وكلها منظمات شديدة التطرف الديني والعدوانية ضد المسلمين والعرب ولتحقيق اسرائيل الكبرى.

2- باعتبار النائب ريحان حنا أيوب مسيحية، ليس من المعقول ان لا تكون قد سمعت بهم، وبالتالي فليس من المحتمل ان تكون قد فعلت ما فعلت عن جهل.

3- الرسالة التي قدمتها النائب لمجلس النواب، فيها تزوير لا يمكن ان يكون عفوياً، وهو عبارة عن إضافة حروف الواو، فلا أتصور ان واوات تقفز من كيبوردها لتضاف الى الكلمات التي تجعل حجتها قابلة للتصديق، بالصدفة. لذلك نقول ان النائب تعمدت تزوير العنوان لخداع لجنة التعليم العالي.

4- لجنة التعليم العالي في مجلس النواب، يفترض ان تكون أيضا بالحد الأدنى من الثقافة، فلا يتوقع ان يشغلها اشخاص تعليمهم ابتدائية او متوسطة. وعلى اية حال، فرئيسها كاتب حتى في طمغته انه "دكتور" (مقدام الجميلي)، فيفترض به ان يستطيع ان يلاحظ أن عبارة "المسيحية والصهيونية والأمريكية" عبارة غير معقولة لأنها تجمع اديانا مع قومية. كما انه من المخزي ان يتخذ رئيس لجنة التعليم العالي موقفا من رسالة لم يقرأها، بل اعتمد على عنوانها المشبوه الشكل أصلاً.

5- أن يهمش رئيس لجنة التعليم العالي بأن الامر "عاجل" ويطالب "بوقف إجراءات قبول رسالة "فورا"، فما هو "العاجل" في الأمر؟ ولماذا يجب ان يوقف "فوراً"؟ هل هناك شيء سينفجر ولن يعود بالإمكان إصلاحه؟ حتى لو فرضنا ان في الرسالة إهانة للمكون المسيحي، فما هي الكارثة؟ يمكن محاسبة الطالب والأساتذة على ذلك لاحقاً بما هو مناسب.

6- رئيس اللجنة النيابية، الدكتور مقدام، يصدر كتابا مصنفاً "عاجل وعلى الفور"، وفي نفس اليوم، وبلهجة آمرة إلى وزارة التعليم العالي، "ينسب" بإيقاف مناقشة الرسالة، و"استدعاء" قائمة تتكون من لجنة مناقشة البحث مع مساعد رئيس جامعة الموصل ومدير قسم الدراسات العليا فيها وعميد كلية الآداب!

ما هو حق رئيس لجنة نيابية في إيقاف او منع مناقشة رسالة ماجستير في أية جامعة، دع عنك انه لم يقرأ سوى عنوانها (المزور)؟ ما الذي يدفع به ليتقافز كالبهلوان بهذا الشكل؟ ما هو الخطأ الذي ارتكبه هؤلاء؟

نلاحظ ان هذا الحمار (مع الاعتذار للحمار) غير في العنوان مرة أخرى فحذف احد حروف "الواو" المضافة، فصار "المسيحية الصهيونية والأمريكية"، وبلا أي اعتبار او تدقيق او مراجعة في كتاب صادر من اعلى سلطة تشريعية الى وزارة!

7- وزير التعليم العالي، (د. نبيل كاظم عبد الصاحب) باعتباره من الفريق الذي قبل لنفسه ان يكون تحت امرة عميل سفارة عدوة، فليس لديه أي إحساس بالكرامة وعزة النفس، يوجه كتاباً إلى كل الجامعات بضرورة مراعاة مسارات السلامة الفكرية! هذا الكتاب صادر في 31 ك2، أي ان أي من هؤلاء عديمي الكرامة لم يشعر بضرورة قراءة الرسالة قبل ان يدلي بولائه العظيم لـ "المسيحية الصهيونية"!

8- لنفرض ان الجميع كانوا بالفعل حميراً ولا يعرفون القراءة وفهموا ان الرسالة تتكلم عن دور المسيحيين، فما هي الكارثة في رسالة حتى عن الدور المسيحي في احتلال العراق، ان كان هناك سبب لصاحب الرسالة في الاعتقاد بوجود هذا الدور؟ لماذا لا ينتفض احداً عندما تبحث الرسائل عن دور "الإرهاب الإسلامي" في أي شيء في العالم؟ لنفرض ان النائبة التي زورت العنوان كانت حساسة لدينها، ألم يخطر ببال رئيس اللجنة الذي افترض انه مسلم وربما يباهي بتدينه او علمانيته التي لا تفرق بين الأديان أن هذا التصرف يضع المسلمين في درجة ثانية من ناحية الاهتمام ويلغي حتى عنصر المساواة بينهم وبين الأقليات الدينية؟ اليس الإسلام "اقلية دينية" أيضا في الغرب حيث يمتلئ المجتمع بالحديث عن ارهابه بالباطل قبل الحق؟ هل هو الشعور بالغيرة والعدالة والانتصار للمسحيين ام هو إحساس بالدونية لا أكثر؟

9- السرعة المثيرة للدهشة في معرفة الامر (موعد المناقشة) والتحرك (منشور ستيفن نبيل وكتاب النائب وتهميش رئيس اللجنة وكتاب مجلس النواب وكتاب وزارة التعليم العالي الى الجامعات) كلها جرت خلال ثلاثة ايام! هذه النقطة تذكرني بوثائقي تحدث فيه هولنديون عن قوة السفارة الاسرائيلية واللوبي الاسرائيلي في بلادهم. وكان ضمن من تحدثوا رجل قال انه كتب مقالة بسيطة في احدى النشرات التي تصدر في قرية نائية وتوزع على القرية، فيها انتقاد لإسرائيل حول احدى عمليات عدوانها. قال: في اليوم التالي اتصلت بي السفارة الاسرائيلية وطلبت مني توضيحا وما هي النقاط التي انتقد فيها اسرائيل. قال متعجباً عن سرعة وصول نشرة لا يقرأها إلا بضع مئات من الناس في نفس اليوم الى السفارة، وسرعة رد فعل السفارة. واعتبر الموضوع نوع من التهديد والترهيب لكل من يكتب شيئا عن اسرائيل.

10- قبل فترة كان هناك تحذير من حملة تبشيرية في سهل نينوى لتحويل مسيحييه الى كنيسة "المسيحيون الصهاينة"، ثم اسكتت أصوات التحذير دون ان نعرف الى اين وصلت تلك الحملة. وهذا سبب آخر يجعل من المستحيل على النائب ريحان ان لا تكون قد سمعت بالاسم. إضافة الى ذلك فلا اجد تفسيرا لرد فعلها العنيف والغريب افضل من التفسير الذي يقول بأنها كانت من ضمن من تم كسبه الى تلك الكنيسة!

11- الدور المشين الذي لعبه ستيفن نبيل الذي كتب باستصغار طالبا من "الطالب" ان يرسل له نسخة من الاطروحة (يعني معترفا بأنه لم يقرأها) مضيفا بشكل ساخر "متأكد كل مصادرك علمية و تليق بتاريخ جامعة عريقة مثل جامعة الموصل". ولم يعلق ستيفن على تعليقات متابعيه من امثاله المليئة بالسخرية والاحتقار والانتقاص والاتهام لطالب الماجستير، مما يعني انه موافق عليها. ولا كذلك رد على التوضيح المؤدب لصاحب الرسالة الذي كتب له:

" اخي الكريم انا عمار اياد، اخي وصديقي العزيز لديك لبس كبير في فهم رسالتي، المسيحية أقرب ديانه على العرب والمسلمين والدليل انا لم اتكلم الاه عن دور بعض الشخصيات الصهيونية التي اتخذت النصرانية غطاءآ لها، لكي تحقق مأربها وأهدافها، عمومآ اخي لك نسخة من الرسالة ولكل المعترضين على التسمية، حتى يتبين لكم كيف اني استعرضت تعريف المسيحية كديانة سماوية، وكيف أعطيت تعريف لأعداء المسيحية والمسلمين وههم المسيحيين الصهاينة الذين دخلو تحت تسمية المسيحية،، والمسيحية منهم براء،، اقسم بالله ان المسيحية منهم براء، وسؤافيك بنسخة بالزمن القريب أن شاء الله حتى تقدم لي الشكر لدفاعي عن المسحية التي هي بمعزل عن المسيحية الصهيونية.. تقبل تحيتي أخيك صاحب الرسالة،، عمار اياد".

لكن ستيفن قام بحذف منشوره، لأنه ربما شعر (او وصلته إشارة) بأن الأمر سينقلب الى ضد المرجو منه.

12- السؤال الخطير الآن: أي أستاذ سوف يتجرأ على قبول مثل هذا البحث مستقبلاً، بل أي طالب سيتجرأ على مجرد التفكير بأن يكون لبحثه علاقة بالصهيونية او اسرائيل والعراق؟ انهم يريدون التخرج والموظف يريد الحفاظ على وظيفته، وبالتالي ستختفي هذه الدراسات! لقد نجحت الخطة التي كلف ستيفن نبيل والنائب عن المكون المسيحي الصهيوني (كما يبدو) ريحان حنا أيوب بها! يمكننا ان نأمل بوجود الابطال، لكنهم سيكونون ندرة بكل تأكيد.

خاتمة: لست أرى الموضوع كحملة عفوية من اجل المكون المسيحي كما يراد تصويرها، فالجميع يعلم بوجود كنيسة باسم "المسيحيون الصهاينة"، دع عنك ان لا تعرف نائب مسيحية بهذا الاسم، إضافة الى التزوير في عنوان الاطروحة في مكانين، وبشكل يناسب تحويره لتوجيه الاتهام. ولا أتصور ان هذه السرعة بالتواصل والإجراءات امر اعتيادي، خاصة في بلد كالعراق. فلماذا لا يتصرف النواب في أمور هي من حقهم ومن اختصاصهم وواجبهم بعشر هذه السرعة؟ لماذا لم نجد نائبا يطلب وقف اتفاقية تجارية مدمرة "فوراً" خاصة ان اية اتفاقية يجب ان تكون من خلال مجلس النوب حسب الدستور، وان نتائج توقيعها قد لا يسهل تفاديها مستقبلا؟

ليست هذه الحملة سوى مؤشر خطير وبداية لعملية تكميم افواه تمارسها الصهيونية في العراق، كما تفعل في هولندا وكل مكان وجدت لنفسها موطئ قدم فيه. فبصماتها الغريبة في كل خطوة في هذا الحدث، من معلومات استخبارية وسرعة تواصل مدهشة وإجراءات غريبة مبالغ بها والشخوص الداخلين في الموضوع. ونحن لا نعرف حجم الاختراق الذي حققته في العراق في كل المستويات، لكننا نشعر بوطأته وعلامات وجوده المتنامي الخطر، ولذا يجب الانتباه والتصرف قبل فوات الأوان

إنني اقترح ما يلي:

1- تكلمت قبل ساعة مع صديقي البروفسور رياض المهيدي في استراليا، وهو ينوي العمل على تقديم اعتراض باسم "شبكة العلماء العراقيين في الخارج" (NISA-Iraq) الى وزارة التعليم العالي احتجاجا على أي اجراء يمس حرية البحث العلمي.

2- تقديم شكوى على النائب ريحان حنا أيوب لتزويرها عنوان الرسالة أولا، ولإثارتها اتهامات كاذبة بحق طالب الماجستير السيد عمار اياد، مشيرة الى الصيغة التي زورتها لعنوان الرسالة بكل وقاحة وقائلة ان هذا العنوان "إساءة كبيرة للمكون المسيحي ... العنوان يحث على الكراهية ويزعزع السلم داخل أبناء الشعب الواحد، سيما في مدن سهل نينوى" (لاحظوا "سهل نينوى"!).

3- اقترح على المسيحيين سحب ترشيحهم او عدم انتخاب هذه النائب مستقبلا، فهي مسيئة اليهم ومشبوهة، ومن يمثل "المسيحيون الصهاينة"، ومستعد لتزوير الحقائق بشكل متعمد من اجله، لا يمكن ان يمثلهم، بل يمثل من يريد تحويل دينهم واتباعهم ويسيء الى علاقاتهم ببقية المجتمع العراقي

4- توبيخ رئيس لجنة الدراسات العليا الدكتور مقدام الجميلي لتسرعه في التصرف وتدخله فيما هو خارج صلاحيته، وبلا دراسة.

5- نأمل ممن مازال يستمع الى ستيفن نبيل وامثاله ويتابعهم، ان يكون هذا التحرك كشفا إضافيا يعرف من خلاله حقيقة هذا الرجل وما يريده ومن يقف وراءه، وان لا يبقوا راكبين رؤوسهم وقد اخذتهم العزة بالإثم.

6- العمل على قراءة رسالة السيد عمار اياد ونشرها بأوسع مجال ممكن ونشر مقاطع منها. وهذا من ناحية أولى لأن ما يثير هؤلاء لا بد ان يكون مهما بالنسبة لنا وفيه من الحقائق ما يستحق ضجتهم هذه وتزوير العناوين والشكاوي. وثانيا لأن هذا الهجوم الشديد هو هجوم على حريتنا في الكتابة والنشر، وهو تهديد مبطن لنا جميعا. انه هجوم علينا مثلما هو هجوم على كاتب الرسالة، ويعنينا الرد عليه مثلما يعنيه، وافضل رد لوقف مثل هذا التعدي مستقبلا، هو ان يشعر من يقف وراءه ان عدوانهم تسبب بالعكس مما يرجون وانه نشر الحقائق بدلا من ان يدفنها. لقد نجحوا بإثارة الرهبة من هذه الدراسات وعلينا ان نبادر برد فعل معاكس قدر الإمكان لتخفيف الضرر، فلم يعد ممكنا وقفه في بلد يحكمه عميل للسفارة.

لقد جعلت لجنة التعليم العالي من نفسها مسخرة بهذا الموقف، لكنه كشف لنا الكثير. وأول شيء ان هناك أمورا يمكن ان تتحرك، لكن يجب ان تأتيها الأوامر من مناطق أخرى!

 2185 المسيحيون الصهاينة

صائب خليل

1 شباط 2021

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم