صحيفة المثقف

قيود كسرتها السماء !!

لابد لنا ونحن نتحدث عن امة من الأمم أن نتذكر رموز هذه الأمم، والمؤثرين في مسيرتها سواءً في الجانب السياسي أو الديني، لان قيمة أي امة تعتمد على هذه الرموز،لذلك عمدت الأمم الحرة إلى إحياء واستذكار عظمائها واستذكار مواقفهم البطولية التي سطروا فيها مراحل ويوميات تاريخ الأمم، وهنا لابد من تساؤل: هل الشهيد زاهد في الحياة يائس منها؟ هل يضحي بحياته لأنها تعيسة أو مملة؟ هل هو انتحار؟

كلا لان الشهداء أكثر حباً للحياة وفهمهم لها، ولكن ثمة فرق كبير بين الأحياء والشهداء، فنحن نحب الحياة حتى نبخل بها، وذلك للأسف تصور وفهم ضعيف وينم عن قصور في البصيرة وخوَّر عزيمة، ولكن بالمقابل فأن الشهيد يحب الحياة لا لأجلها بل لأجل أن يعيش فيها كريماً عزيزاً في غير هوان أو ذل، لذلك فقد بلغ الشهيد قمم الفضائل، وعلى الرغم من مرور الأيام إلا أن منزلة الشهيد تزداد رفعة ومكانة في المجتمع عموماً، وحتى أمست الشوارع تزدهر بصور الإبطال المضحين والشهداء المؤثرين على أنفسهم أمام حق كبير ألا وهو الوطن .

اتسمت حياة شهيد المحراب السيد محمد باقر الحكيم بهذه السمات والصفات حتى أصبح ركناً مهماً من أركان التضحية والتحرر في سبيل القضية العراقية الأم، لأنه أصبح درساً كبيراً في الإيثار، وهو يعلم وقت قربانه ليقمها إلى نحر الشهادة، يقيناً منه بان دمائه ستكون النهر الذي يسقي الحرية المستباحة طيلة أربعة عقود من الظلم الفاحش والتسلط الأعمى الذي رقد على حياة العراقيين عموماً، ولكن رغم كل هذه المقدمة لا زلنا بأمس الحاجة إلى أناس مخلصين أحبوا وطنهم فأحبهم واحتضنهم ليكونوا بين ذرات ترابه درساً وعبق للأحرار في كل مكان وزمان، لذلك عملية المواجهة مع شهيد المحراب وشهادته لم تكن شريفة،بل كانت من أيادي قذرة وبأسلوب قذر، لأنهم عجزوا عن مواجهة الحق وأن الأبطال والعظماء لايمكن مواجهتهم ومنازلتهم، وظل ذلك الصوت الهادر يدوي في صحت أمير المؤمنين (ع) راجزاً كل ملاحم القوة والشجاعة والصبر للشعب العراقي الذي كان السند الحقيقي رغم المحن لمرجعيته الدينية وقيادته السياسية آنذاك، لذلك أستشعر شهيد المحراب ذلك من خلال الاستقبال الكبير الذي قوبل به أثناء دخوله البلاد بعد غربة دامت لأكثر من ثلاثون عاماً يدافع فيها عن حقوق شعبه أمام العالم أجمع، وعلى الرغم من أن المنية كانت أسرع بشهيد المحراب ولكن بقي ذلك الصوت والفكر الأساس المحرك لأي عملية سياسية جاءت بعد عام 2003 .

 

محمد حسن الساعدي

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم