صحيفة المثقف

ماذا يحمل غد عين الشمس الحمئة؟

محسن الاكرمينأيتها الشمس أُغربي وسنرى ماذا قد يحمله الغد من متغيرات؟ أُغربي لزاما من اليوم إلى الغد، و نكشف هل الغد سيحمل شمسا مشرقة أم رذاذ مطر غيمة؟ من صبح هذا اليوم قررت بألاّ أبحث عن منطقة الغروب، وألاّ أحكي عن جمالية شمس المغيب. قررت الصمت في منتهى مغيب العين الحمئة من مرقد الشمس. من الغد الغائب لن أفسد إيماني وأتصور أن الشمس على ضخامتها تنغمر انغماسا مثل كرة النار في ماء العين الحمئة، لكني اليوم أحكي لكم أن ذا القرنين توقف عند منتهى حد العين الحمئة واكتفى برؤية الشمس تمتد في نزول غروبها خلف تلك العين سقوطا عن نظرة الناظر المنتظر.

 من بكرة الغد سأنظر إلى متسع سماء بدايات الغسق، وانتظار شروق كل فجر صبح بهي، وأصف لكم شمسي الناهضة بعد القيام من العين الحمئة منتشية.، أحكي لكم أن شمس لن ولا تغوص في غفوة نومها بالغطس في الماء البارد، ولم تكن يوما في كبد السماء مريضة بحمى ارتعاد البرد تنتظر لقاح التطعيم. أحكي لكم عن حلم الحياة بين مطر الغيمة الرخو وشمس الصفرة المائلة بالدفء.

قبل الغد تعلمت من الشمس ألاّ أمارس الدوران في حياة البحث عن مستوى الظل. تعلمت الثبات في موضعي منتصب القامة، والبقاء وفيا لنقط انطلاقة البسمة وحلم المستقبل. تعلمت من الغيمة أنها لا تحترم قوة الشمس ومرارات متكررة تمارسها سلطة ثورتها وتحجب خيوط نورها عن الأرض عنوة. تعلمت من تحول الغيمة الممطرة تشبيها لتك العيون التي كانت تبكي على صدري مطرا حارقا. تعلمت من أشعة الظل المتموجة بالتقطيع، أن ظلي مرات عديدة لا يساويني قياما، ولا حتى طولا في تفكير الواقع.

كم أنت أيتها الشمس المفزعة بالانفجار الكوني بئيسة القوة !!! حين لا أراك مشاهدة بينة بشد العينين، كم أنت ضعيفة لمرات عديدة ومتكررة حين تحول بيننا غيمة منخفضة ضعيفة التكاثف تبكي ماء على الأرض للإنبات. كم أنت أيتها الأرض الراضية المرضية تتحملين قسوة شمس الصحراء بلا مناجاة ولا اعتراض، ولا تمارسين الاستمطار الصناعي ولا الدعائي. كم أنت أيتها الأرض البريئة قد تعلمنا منك دفن الحياة من غراب قابيل وهابيل بعد القتل، كم أنت أيتها الأرض الآمنة كنت عطوفة حين سكن مروجك آدم وحواء بعد الخطيئة الكبرى. كم كانت غيمة السماء مورقة أرضا بالاخضرار، ومتعسفة بحجب نجم الشمس كرها. كم أنت أيتها الأرض تحبين التسامح والتوافق وتنظرين للشمس أنها هي من أنشأ الغيمة الممطرة بالرذاذ الضعيف، وتتجاوزين ممارستها للجفاف حين تصوب أشعتها نحوك بالموت، وحين "تبكي الشجرات، وبكى النرجس في الساحات".

أيتها الشمس أُغربي ونرى ماذا قد يحمله الغد؟ فمن حرارتك تقرع أجراس "النهر المنسي في الأحلام". منك علّمتنا النملة درس الصبر وتكرار محاولات التصويب و ربح نجاحات الحروب و السلم. منك تعلمنا أن الغيمة تمر لزاما بقرب بلادي ومدينتي، و ممكن أن تترك لنا دمعات بخاخ مطر رقيق من البكاء. تعلمنا منك أن البذرة حين تموت في تراب الدفن تنبت زهرة شجرة برية لا شرقية ولا غربية، لكنها تسر الناظر وردا ودما عند القطف.

 

محسن الأكرمين

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم