صحيفة المثقف

أسلوب الحكم واحد!!

صادق السامرائيلكي تحكم عليك أن تخترع قميصا تدين به الآخرين وتقضي عليهم، ولم يكن قميص عثمان بدعة وإنما آلية ذكية للحكم، مضى على نهجها الذين حكموا فيما بعد، وهي فكرة كانت قائمة في المجتمعات الغابرة، وتعرفها قريش وبنو سفيان ذوي الخبرة الطويلة في السيادة والحكم.

فلا يوجد حكم في تأريخنا منذ إنطلاق الدولة الأموية وحتى اليوم لم يخترع قميصا بموجبه يحكم، أو إن شئت يقهر ويظلم.

وقد تنوعت الأقمصة وتطورت، ولا تزال فاعلة فينا، إبتداءً من الزندقة إلى الإرهاب، وما بعده وما قبله، التي يتم إنتاجها وققا لإيقاع العصر ومقتضيات المصالح والأهداف المطلوبة.

فعندما نقيّم أي نظام حكم، علينا أن نتساءل عن القميص الذي بموجبه يحكم، ويتحكم بمصائر الناس.

فلكل كرسي قميص!!

ولكل مرحلة قميصها!!

وهذا منهج حكم متوارث عند العرب ومعظم المسلمين، فلكي تحكم عليك بخياطة قميص للحكم، يساعدك على التواصل إلى أن يتمزق ويأتي آخر بقميص غيره.

ويعود سبب ذلك إلى فقدان القيم الدستورية منذ إنطلاق الحكم في مجتمعاتنا، التي عجز قادتها ومنذ البدء عن الإتيان بآليات عملية راسخة تترجم وأمرهم شورى بينهم، فأصابها الإنحراف والتعامل بالفردية والإستبداد، وتقديس الرموز التي تمكنت من السلطة والحكم.

فلكي تحكم لا بد أن تكون مقدسا، ولا تنتمي إلى البشر، وإلها أو نائبا لإله، وعلى الرعية أن تضفي عليك ما يحلو لها من خيالاتها وفنتازيا رغباتها الشوهاء.

والعجيب في الأمر أن مجتمعاتنا يسهل تمرير آليات الحكم بالقمصان عليها، والتحكم بمصيرها بموجبها، واليوم تجدنا في بعض المجتمعات أمام إنتاج للقمصان بالجملة والمفرد، والناس تخشى أن تلبس أيا منها لأنها ستموت فيها، كما مات إمرؤ القيس في القميص المسموم.

فإلى متى سنترتضي التحكم بنا بقميص؟

وهل آن الآوان لتمزيق القمصان، والرجوع إلى العقل والدستور وإحترام قيمة الإنسان؟!!

 

د. صادق السامرائي

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم