صحيفة المثقف

اللقاء العلني.. سيرة الامام علي ومراجع الشيعة

سليم الحسني(ألا وإنّ لكم علي ان لا أحتجز دونكم سراً إلا في حرب) الإمام علي.

في عام ١٩٦٣ أصدر الامام الخوئي بياناً شديداً ضد حكومة الشاه، دعا فيه الى نصرة الشعب الإيراني والى التصدي لمواجهة التوغل الصهيوني في إيران، كما خاطب علماء الدين بأن واجبهم توعيه الأمة وإرشادها لمواجهة أعداء الدين والوطن فقد قال:

(ونحن ندعو عامة الشعب الإيراني المؤمن بمقدساته إلى أن يحارب أعداء دينه ووطنه من دون فوضى أو اضطراب يستفيد منه الأعداء. وعلى العلماء الأعلام أن يرشدوا المسلمين إلى واجبهم: "اذا ظهرت البدع فعلى العالم أن يظهر علمه والا فعليه لعنة الله"). كراس: (تصريحات خطيرة لزعيم الحوزة العلمية الامام الخوئي).

لقد وضع السيد أبو القاسم الخوئي المسؤولية الأولى على عاتق العلماء، فهم الذين يجب أن يتصدوا لتوعيه الأمة وتوجيهها ومخاطبتها والتواصل معها، باعتبارهم يحتلون موقعاً قيادياً دينياً. وعدّ السيد الخوئي السكوت مخالفة شرعية طبقاً للحديث الشريف تجعل العالم الساكت عرضة للعنة الله وغضبه.

كان بيان الإمام الخوئي شديداً صارخاً ضد حكومة الشاه، وضد السياسة الاستعمارية في بلاد المسلمين وضد النفوذ الصهيوني، ودعا الى مواجهة بقوة وحزم. وبيّن السيد الخوئي بأن من واجب المرجعية التصدي لقضايا المسلمين في العالم والدفاع عن الشعوب المظلومة ونصرتها في مواجهة حكوماتها الظالمة التابعة للاستعمار والقوى المستكبرة، وذلك بقوله:

(إنّنا نريد الخير لأمتنا والسلامة لديننا، وفي الوقت نفسه نهدف إلى حكم غير خاضع للضغط الأجنبي والنفوذ الصهيوني. ومن واجبنا أن نقف إلى جانب الشعوب الإسلامية في صراعها مع الحكومات الخائنة الجائرة).

وفي تلك الأيام الساخنة حيث كان السيد الخوئي يوجه نقده وهجومه الشديد ضد حكومة شاه إيران، ويدعو الى الانتفاضة والثورة ضدها بقيادة علماء الدين، وجد محمد رضا بهلوي نفسه في موقف صعب، فسعى الى التفاوض مع السيد الخوئي للخروج من المأزق السياسي وتهدئة المعارضة المتصاعدة ضده.

حاول شاه إيران التفاوض مع السيد الخوئي عن طريق سفيره في بغداد. وجرى توجيه سؤال للمرجع الشيعي عن استعداده للتباحث مع السفير الإيراني، فأجاب السيد الخوئي بأن اللقاء يجب أن يكون علنياً وليس لقاءً مغلقاً، فقد قال ما نصه:

(الجواب: نعم، إذا كانت المحادثة علنية، إذ يمكن ـ حينئذ ـ الإشهاد على الوقائع وصيانة الحقائق من التلاعب والتحوير. فلسنا نهدف من ذلك إلاّ الحقيقة والصراحة، وإصلاح الواقع الذي تتوجع منه أمتنا اليوم).

والسيد الخوئي في حرصه على علنية اللقاء يأتي ضمن المنهج العام الذي تمسك به مراجع الشيعة في حواراتهم ولقاءاتهم مع مختلف الشخصيات والجهات، لمنع تشويه الحقائق، فليس لديهم ما يخفونه أو يخافون منه، وليس عندهم مشاريع سرية يريدون تمريرها باللقاءات المغلقة.

كان مراجع الشيعة يشدّدون على أن تكون اللقاءات علنية عندما يحمل الزائر صفة التمثيل لجهة كبيرة، كممثل عصبة الأمم ـ سابقاً ـ وممثل الأمم المتحدة وغير ذلك، فمراجع الشيعة يعرفون جيداً أن هذه الممثليات هي سفارات ثانية للدول الاستكبارية في بلاد المسلمين.

نفس الأمر ينطبق على لقاء بابا الفاتيكان، فلو أن السيد الخوئي أو غيره من مراجع الشيعة كان سيقابله، فانه لن يرضى إلا بأن يكون اللقاء علنياً مفتوحاً مسجلاً بالصوت والصورة.

 

سليم الحسني

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم