صحيفة المثقف

إبن بُطوطة!!

صادق السامرائيبُطوط: جمع بطة

كُتِبَ الكثيرعن إبن بطوطة (703 - 779) هجرية، الرحالة القرطبي الأندلسي المشهور، وإشتهر كتابه "رحلة إبن بُطوطة"، على مر العصور والأزمان، ولايزال مثار دراسة وتحقيق.

وقصتي مع إبن بطوطة، بدأت منذ الصغر حيث أوقد في نفسي روح السفر، والإطلاع على طبائع البشر.

وذات يوم وجدتني في "مول" في مدينة دبي يحمل إسمه، فتجولت فيه وقرأت ما كُتب عنه، وكأنني في رحلة بطوطية إفتراضية حية.

وكانت الأسئلة تطاردني ومنها:

ما الذي دفع بشاب أن يقرر السفر في ذلك الزمان المشحون بالأخطار؟

ما هي الغاية من ترحاله، وكيف يعيل نفسه ويعرف طريقه؟

ولماذا يكون تواصله مع وجهاء وقادة المجتمعات التي يحل بها؟

وماذا يريد أن ينجز، وهل كانت مهنته الترحال؟

وكيف طافت شهرته في الآفاق؟

ظاهرة!! إبن بطوطة ظاهرة سلوكية عبّرت عن حاجات نفسية ونوازع كامنة في البشر تجمعت وتفاعلت وترجمت إرادتها بواسطته، فكان الممثل الإتساني لرسالة حب المعرفة والإطلاع، والقوة اللازمة لإطعام الجوع الشديد لسبر أغوار المجهول، والتعرف على معاني الحياة ومشاربها، وكيف يعيش البشر في أصقاع الدنيا.

وقد سبقه إلى هذا السلوك الإستطلاعي عدد من الرحالة العرب في زمن الدولة العباسية، لكن رحلاتهم كانت مختصرة وذات مهام دبلوماسية، كأن يرسل وفد إلى بلاد ما وأحد أعضائه يسجل مشاهداته في الطريق وما يشابهها من المدونات.

إبن بطوطة ثورة معرفية متوثبة تحلت بالجرأة والثقة بالنفس والصدق والإيمان المطلق بالقدرة على الإنجاز، وإحساس كامل بالسلامة والأمان، وهذه لا تتوفر في أي شخص بتلك الأزمان.

 

د. صادق السامرائي

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم