صحيفة المثقف

هوامش للمقارنة أو للتذكير

كاظم الموسويمن إيجابيات وسائل الاتصال الجديدة أنها تطلع متابعيها باشياء كثيرة، وتمكن من معرفة ما يصب  في الصالح العام أو مما لا يضر أو يشكل خطرا، وساختار منها بعض ما اسميه بالهوامش في الحياة العامة، وفيها ما ينفع للمقارنة والتذكير بما يفيد ويخدم كل من يعنيه أمره أو يهمه وضعه. وهي بالتالي تحمل معانيها ودلالاتها وكذا العبرة منها رغم أنها ليست الشاغل الرئيس.

هذه الهوامش انقلها من فيديوهات كثيرة، تصور سلوكا أو تصرفات أو أعمال مسؤولين في بلاد "غير العرب والمسلمين"! أو الغرب، عموما، غير ما تبثه الوسائل الإعلامية عن خطب أو أوامر الحمقى والعنصريين من أندادهم أو اقرانهم في بلدان اخرى، مجاورة لهم أو محسوبة عليهم. من بين الكثير من الفيديوهات صور عن وقوف وزير أو رئيس وزراء في طابور بشري أمام الصراف الالي لسحب نقود ببطاقته الشخصية، أو يتنقل بدراجة هوائية للذهاب إلى العمل او عائدا إلى البيت وينتظر ايضا عند إشارة المرور الحمراء لتتحول إلى خضراء ويمر كغيره من المواطنين راكبي الدراجات الهوائية في ممرهم الخاص بالدراجات وليس على رصيف المارة العابرين. كما نشر عدد من الفيديوهات لوزراء عديدين يستعملون الدراجات الهوائية في تنقلاتهم وذهابهم الى العمل الرسمي صباح كل يوم ومع كل ظروف المناخ وتغيراته في بلدانهم المعروفة بتقلباتها اليومية. وهناك قصص كثيرة عن هذه الظاهرة بعينها، ظاهرة الدراجات والمناصب، وكذلك هناك فيديو عن وزير يجلس على درج أمام بناية حكومية ويقرا في اوراق تخص عمله باهتمام انتظارا لخروج زوجته الموظفة في تلك الدائرة للذهاب سوية الى موعد لهما، وتلك مشاهد عادية في الأيام الاعتيادية في تلك البلدان، لا تثير دهشة عند السكان، الا عند بعض المهاجرين واللاجئين فيلتقطون فيديوهات ويبثونها على الانترنت. مثلما حصل لشاب جزائري مقيم في النمسا، حين صعد داخل عربة "المترو" في العاصمة فينا، ووجد نفسه واقفا الى جانب الرئيس النمساوي الكسندر فان دير بيلين، فالتقط الشاب الجزائري صورة "سلفي" مع الرئيس. وكتب عند بثها "فان رئيس جمهورية النمسا متوجها الى مقر عمله برئاسة الجمهورية، لاحظوا معي الرئيس واقفا في العربة، لا يوجد كرسي فارغ، ولم يقدم أحد له مكانه، ولا أحد قربه يهوّس ويصفق بالروح بالدم.... لان شعب النمسا لا يُصنع الطغاة والجاهلين .. ولا يحمي الفاسدين"!.

ومن الصور التي تداولتها الوسائل الإعلامية مؤخرا عن المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، (67 عاما) وهي التي حكمت بلدها اكثر من عقد ونصف من السنوات في ظروف سياسية متموجة، وإدارت الحكم بحنكة مشهود لها، وقررت عدم الترشح لرئاسة الحزب المسيحي الديمقراطي بعد خسارته في الانتخابات التشريعية الأخيرة في مقاطعة هيسه التي تشكل اختباراً وطنياً لميركل وفريقها في برلين.. ورحبت في الانتخابات الأخيرة لحزبها بفوز، أرمين لاشيت، (تولد 18 شباط/ فبراير 1961) الحليف لها برئاسة الحزب والترشح من بعدها لمنصب المستشارية بعد أكمال فترتها وانتهاء عهدها حيث اختارت أن تتقاعد عن الهم الوظيفي لتواصل حياتها الخاصة والسياسية من الداخل الحزبي والمعنوي الشخصي. فإضافة لموقفها هذا ولموقعها الرسمي تداولت صور عنها في الأسواق العامة تتسوق بنفسها وتحمل ما تشتريه بنفسها وتدفع ببطاقتها البنكية الخاصة بها، كاي مواطن، وتركب سيارتها دون تطبيل وتزمير وحرس وجرس. وكذلك نقلت صور عن رئيس وزراء كندا، جاستن ترودو، (تولد25  كانون الاول/ ديسمبر 1971) وهو يلتقط صورا شخصية مع العابرين، بطلب منهم، في محطة مترو، يستخدمها لتنقلاته في نهار يوم عمل له. ويحكم حكومة ملونة بكل الالوان المكونة للشعب في بلاده، بازيائهم وتقاليدهم، دون تمييز أو تفريق للون أو دين أو عرق أو جنس. مع احترام كامل للقانون والأعراف والتعايش الإنساني.

واخر اخبار هولندا، استقالة الحكومة ورئيس الوزراء مارك روته، بعد اتهام آلاف العائلات عن طريق الخطأ بإساءة استخدام أموال رعاية الأطفال التي تقدمها الحكومة ومطالبة العوائل بإعادتها. واعترفت الحكومة لاحقا بعد التنسيق مع مسؤولي الضرائب بالخطأ الذي تعرضت له هذه الأسر التي تنتمي في الغالب لجذور من الأقليات والمهاجرين ما أدى لتعرض بعضها لأزمات مالية. ونتيجة الضغوط المتعددة الاتجاهات، قال روته "لقد تم اتهام وتجريم مواطنين أبرياء وتعرضت حياتهم للدمار". وأضاف في تصريحات صحفية أن المسؤولية الكاملة تقع على عاتق حكومته، بسبب تصريحاته التي اتهم بها بعض سكان البلاد بالغش في المساعدات الاقتصادية والاجتماعية. وسبق أن اشتكت عوائل كثيرة من ذلك. واعترف في العام الماضي، مسؤولو الضرائب بأن 11 ألف شخص تعرضوا لتدقيقات إضافية بسبب حملهم جنسية أخرى مع الجنسية الهولندية. وعزز ذلك الاعتقاد السائد بين الأقليات العرقية المختلفة في هولندا بأنهم يتعرضون للتمييز السلبي بشكل مؤسساتي ممنهج من جانب السلطات.

ووفق ما نقلته مراسلة بي بي سي، أن بعض المراقبين ينظر لاستقالة الحكومة على أنها تقدير للمسؤولية عن الفشل، إلا أن البعض يرون أنها جاءت بهدف تجنب تصويت بنزع الثقة من جانب البرلمان.

وعودة الى النمسا، حيث قدم الرئيس النمساوي فان دير بيلين اعتذاره، على مخالفته للقواعد التي فرضتها الحكومة على عمل المطاعم في ظل جائحة كورونا. حسب ما أفادت صحيفة نمساوية بأن الشرطة وجدت رئيس البلاد مع زوجته جالسا في شرفة أمام أحد المطاعم الإيطالية في العاصمة فيينا بعد منتصف الليل، أي بعد انتهاء الموعد المحدد لعمل المطاعم.

وقد غرّد الرئيس النمساوي على حسابه في "تويتر": "لأول مرة منذ بدء الإغلاق خرجت من المنزل مع زوجتي واثنين من أصدقائي لتناول العشاء، وأطلنا الحديث ولسوء الحظ داهمنا الوقت... آسف حقا... كان هذا خطأ". وأضاف أنه سيتحمل المسؤولية عن أي ضرر يلحق بصاحب المطعم بسبب المخالفة، في إشارة إلى أنه سيدفع عن المطعم 30 ألف يورو جراء المخالفة المرتكبة هذه.

وهناك فيديوهات وهوامش اخرى مشابهة وفيها صور للمقارنة والتذكير، عسى أن تأخذ باي قدر أو مقدار.  كما هناك روايات وتعليقات عليها تنفع ايضا في الاعتبار والعبرة، لمن يستفيد رغبة لا أمرا ويترك بصمته وذكره مثلما تناقلت هذه الصور الواقعية في مشاهدها وتاريخها، فهل تتمدد وتتسع جغرافيا ويسجل التاريخ تطورات وتحولات لا حدود لها؟!.

 

كاظم الموسوي

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم