صحيفة المثقف

الثقافة والشطّار

علي المرهجقرأت الكثير من الكتب وشغلتني الكثير من الأفكار الفلسفية التي كُنت أظنها ستُغير التاريخ عند بعض المفكرين الغربيين والعرب والمسلمين، ولا أنفي أصالة بعضهم وإبداعهم، ولكنني وجدت الكثير منهم يُجيدون اللعب على وتر التغريب أو التدين الأصولي أو الطائفية المقيتة أو التحزب والدفاع عن (الحزب القائد) أو الانبهار بشخص القائد لحزب أو جماعة، فتحسبه هذه الجماعة أنه ملاذهم الذي لا ملاذ لهم غيره للخلاص!!..

ذكر لي مرة أستاذي الأحب الكبير (مدني صالح) عن أحد هؤلاء المفكرين الذين علا نجمهم في أواسط الثمانينيات وبدايات التسعينيات من القرن الماضي، بعد أن طلب مني بعض من كتبه، لأنه وجدني وجيلي مُنبهرين به، وبعد أن إطلع على كتب هذا المفكر أعادها لي، وقال لي عبارة لن أنساها، وهي: (علي هذا المفكر الذي أنتم منبهرون به شاطر، ولا أخشى على الثقافة إلا من الشطار)، ومعنى الشاطر عنده هو الذي يستطيع تأويل الكلام ليُظهر لك الباطل حقاً..

أظن أننا نعيش في زمن شطار السياسة والفكر، وشطار السياسة عرفناهم، أما شطار الفكر، والذين يُجيدون اللعب على سيرك الفكر، فهؤلاء هم الأخطر..

من لا يعرف بضاعتهم لا يعرف الحكم عليهم، هل هم مفكرون فعلاً ويصح عليهم المفهوم أم هم شطار يُتقنون اللعب على سيرك المعرفة، ومن خبر دروبهم يعرف أنهم لا جديد عندهم، وكل الجديد انهم يُجيدون تهويم بسطاء القراء على أنهم منتجون، وهم مستهلكون، كل الفضل لهم وعندهم أنهم يُتقنون إعادة إنتاج المقول من قبل بإنشاء جميل لقول مفكرين أو فلاسفة مبدعين أكلوهم لحماً ورموهم عظماً!!..

 

ا. د. علي المرهج

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم