صحيفة المثقف

علي بن الجهم!!

صادق السامرائيعلي بن الجهم (803-863) ميلادية، (188 - 249) هجرية، وكنيته أبو الحسن، ولد في بغداد، من أسرة عربية قريشية، جمعت بين العلم والأدب والوجاهة والثراء، وإهتم بالثقافة العربية ووهب نفسه للشعر، ومال إلى مذهب أهل الحديث وأعرض عن مذهب المعتزلة.

بدأت شهرته في خلافة المأمون (198-218) هجرية، وفي خلافة المعتصم (218-227) هجرية، تولى ديوان مظالم حلوان، وله قصيدة يمدح المعتصم لفتح عمورية.

وفي خلافة الواثق (227-232) هجرية قل شعره وخفت صيته، لكنه بزغ في خلافة المتوكل (232 - 247) هجرية، الذي إتحذه خليلا ونديما ويأنس يمجالسته منفردا، مما أغاض ندماء المتوكل وبدأت الدسائس تحاك ضده، فأغضبوا المتوكل عليه فحبسه ونفاه وأمر بجلده ثم عفا عنه، ويذكر أنه قُتِل مجاهدا في سبيل الله، بعد أن إعترضه جمع من أعدائه من الأعراب الكلبيين وأعداء أفكاره الدينية.

ويبدو أنه قد أمضى فترة من حياته في مدينة سامراء، قريبا من خلفائها الذين عاصرهم.

ومن شعره القصيدة المشهورة:

"عيون المها بين الرصافة والجسر.. جلبن الهوى من حيث أدري ولا أدري، أعدن لي الشوق القديم ولم أكن.. سلوت ولكن زدن جمرا على جمر".

وله قصيدة يمدح فيها المتوكل مطلعها:

أحسن خلق الله وجها إذا.. بدا عليه حلة تزهر، وأخطب الناس على منبر.. يختال في وطأة المنبر، فأمر الله إمام الهدى.. والله من ينصر ينصر".

وقصة وصفه للمتوكل بالكلب مشكوك بها، وتبدو وكأنها من تلفيق أعدائه، والبحتري في مقدمتهم.

"أنت كالكلب في حفظك للود...وكالتيس في قراع الخطوب، أنت كالدلو لا عدمناك دلوا... من كبار الدلا كبير الذنوب".

يقول إبن الفقيه الهمداني، في كتابه بغداد مدينة السلام: "وعلي بن الجهم شاعر معروف من بني سامة بن لؤي، كان آباؤه من عرب خراسان ثم إنتقلوا إلى بغداد بعد تأسيسها، وأشغل أبوه وأخوه عدة مناصب في الدولة، وقد نشأ في بغداد، وكان واسع الإطلاع في فلسفة الإغريق وأشعار العرب، ميالا إلى الحديث، وقد شغل بعض الأعمال في الدولة وسافر إلى بلدان كثيرة، وكان شاعرا ممتازا ومقربا إلى المأمون والمعتصم وخصه الواثق بمكانة خاصة، وقد نظم بمدحهم قصائد كثيرة ثم غضب عليه الواثق فحبسه وصادر أمواله ونفاه إلى خراسان، ثم أطلق سراحه فعاد إلى بغداد وإعتزل الحياة العامة منصرفا إلى الشعر والأنس".

وإن صح ما ذكره إبن الفقيه الهمداني، فيبدو أن المتوكل قد طلبه ليكون نديمه، لكنه غضب عليه، مثلما فعل معه أخوه الواثق، لكن غضبه كان أخف، ويُقال أن قُبيحة قد شفعت له عند المتوكل، وربما للبحتري عدوه اللدود دور كبير فيما حصل له في الحالتين.

فالشاعر نشأ في بغداد وتعلم فيها فكيف يوصف بالبداوة والجلف؟!!

 

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم