صحيفة المثقف

لا تعذلي

عبد الفتاح المطلبيهذه القصيدة محاولة على بحر المنسرح

الذي لا تكتب القصائد عليه إلا لُماماً:


  

لا تعذلي

أسرَى بهِ في خَيــالهِ شَفَقُ

إذ شاقَهُ من ديــارِهمْ عَبَقُ

 

حَـلّوا بهِ فالفـؤادُ مَسـكَنُهم

كأنّهم من شـَـــغافِهِ خُلقوا

 

يا حبذا صَمتُهم إذا صمتوا

وحبذا صوتـُـهم إذا نطقوا

 

وبالرّضا حبـذا مَجالسُهم

وحبذا غيظُــهم إذا حَنَقـوا

 

وحبذا شمسُهم إذا سَـطعتْ

وحبذا بدرُهــمْ إذا غَسـَقوا

 

العمرُمن بعدِهم غَـدا طللاً

تأسى بهِ روحُـــهُ وتختنِقُ

 

ياريحُ مُــرّي عليهِ حاذرةً

لهُ فــــــؤادٌ كـــأنّهُ ورَقُ

 

لا تطرقي بابَهُ  سيــفزعهُ

ظنٌّ بأن الوشاةَ قـد طرقوا

 

سربُ المُنى كأسـُهُ معللةٌ

تشتدُّ غَلواؤهـــــا فتندلقُ

 

ما أظلمَتْ ليلةٌ على دنِفٍ

إلاّ تلظّتْ بـِـــها فَتـَــــأتلقُ

 

حتى إذا استنزفتْ مَباهِجَها

يَبقى بهِ من سُــلافِها رمَقُ

 

رُحماكِ لا توقظي مواجِعَهُ

إنّ الأسى فـــي فؤادهِ نَزِقُ

 

لا تَعذُلي عاشــــقاً بمحنتهِ

ما للهوَى رادعٌ  إذا عَشقوا

 

فكلهم في هــــواكِ مُمْتحَنٌ

كأنّهم مِنْ نفوسِــهمْ سُرِقوا

 

واستُعبِدوا فالجمالُ سيّدًهمْ

ولو يطيقون مهرباً أَبِقـُـوا

 

فهل يُلامُ الفتــى إذاعَلِقَتْ

روحٌ بروحٍ وأشـرَقَ الأفقُ

 

حتى إذا أزهرَتْ نياسِـمُها

مالتْ بهمْ للمتــاهةِ الطرقُ

 

ولو تساءلتَ عن مصائِرِهم

قد بالغوا بالغيابِ فافترقوا

 

كم ناضلوا في قلوبِهم لهَفاً

لو لذتَ في نارهِ ستحترقُ

 

كأنّهمْ  أبحـــــــروا بأفئدةٍ

نوتيُّها في هواهُـــــمُ أرَقُ

 

فأينما قادَهُــــــــمْ لهُ قدمٌ

فارتْ تنانيرُهُ وقد غرَقوا

 

وما بهمْ ما تظنُّ من وَهَنٍ

لكنهم في صدورهمْ حُرَقُ

 

ماهمّهمْ أن يموتَ عاشِقُهم

حبّاً وما بدّلوا ومــا فَرَقوا

 

لايدّعي العاذلون شأوَهمُ

وهل تساوى الظلامُ والألقُ

 

ما شابَهمْ في هواهمُ جَنَفٌ

تنبأوا بالجوى وقـد صدقوا

 

أكنتُ أبغي النجاةَ من غرقٍ

فكيفَ فـي قشّةِ الهوى أثِقُ

 

بحرُ الأسى هائـجٌ ومحتدمٌ

لا ينفع اليوم قــاربٌ خَرِقُ

 

لو كان أمري ومـــا أكابدهُ

يفيدُهُ السَبقُ كنـــتُ أسـتبقُ

 

لكنني فيهِ لاحــــــمٌ زَغِبٌ

بلا جنـــاحٍ فكيفَ أنطـلِقُ

 

أولئك العاشقون لو علموا

ما علمَ السابقون ما عشقوا

 

أحزانُهُم فيهِ أصبحتْ جبلاً

عُقبانُهُ فيهِ طــــــائرٌ طَلِقُ

 

يا لائمَ العيــن كلما وكفتْ

إن الجوى فيهِ ماكرٌ حَذِقُ

 

صَبوحُهُ العينُ وهي والهةٌ

غَبوقُهُ الجــفنُ وهو منفتِقُ

***

عبد الفتاح المطلبي

..............................

* رغم أن القصائد التي أنشرها من النوع الذي يصفهُ البعض بالمستهلك والقديم والذي عفا عليه الزمن  لكنني لا أستطيع مغادرة هذا القديم، أرجو أن يجد لي القارئ عذرا عند حداثته الموقرة،

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم