صحيفة المثقف

هايكو فلسفي..

حاتم حميد محسنجورج بيركلي (1685-1753)

ترجمة: حاتم حميد محسن


لا وجود لشيء واحد

العالم مجرد فكرة

العالم مجرد فكرة

إله رحيم

إله رحيم

***

...................

جورج بيركلي: أسقف وفيلسوف ايرلندي، اقترح واحدة من أكثر النظريات جرأة وغرابة . على خلاف بعض الأساقفة، كان بيركلي مؤمنا بصدق وبإحساس مرهف. لقد صُدم من الفكرة التي كانت آنذاك شائعة بفعل تأثير نيوتن وديكارت، في ان الكون أساسا ليس الاّ ماكنة كبيرة وُضعت في حالة حركة بتوجيه من الله. حالما تعمل الماكنة، يقف الله فقط بجانبها في بزته كالميكانيكي السعيد، الذي يتدخل فقط عندما تتعطل الماكنة عن العمل. انها كانت فكرة قبيحة. ولكن أين الجمال في الرؤية؟

2254 جورج بيركليإستجابة بيركلي كانت عبقرية (او مجنونة): عالم المادة غير موجود حقا، أنت ربما تعتقد ان التفاحة التي تأكلها لها وجود مادي مستقل. ربما تراها، تتذوقها،تشمّها، وحتى تستمع الى صوت مضغك الرائع لها. ولكن بالنسبة لبيركلي، في الحقيقة ما موجود هناك هو فقط تجارب، لا وجود لشيء مادي خلفها. تلك التفاحة تشبه أي شيء آخر، توجد فقط في الأذهان: في ذهنك، وفي ذهن الآخرين، وبالنهاية، في ذهن الله. أشياء كالمنضدة والكرسي هي افكار تُدرك بواسطة الذهن وبالتالي هي لا يمكن ان توجد بدون ان يتم تصوّرها. في عبارة بيركلي اللاتينية esse est percipi "ما يكون هو ما يُدرك". صحيح ان العالم الذي ندركه بحواسنا يبدو ماديا، لكن بيركلي لا يرى ذلك الاّ وهماً: كل ما موجود حقا هي الافكار والأذهان التي تتصورها. لا وجود لمادة. اذاً، من أين تأتي تلك الأفكار في النهاية؟ من الله، طبعا.

فقط الناس الحمقى واللامبالون يستمرون بالاعتقاد خلاف ذلك. يقول الأسقف، اذا وجدت صعوبة في الاعتقاد بهذا، عندئذ انظر الى الانجيل، انه ايضا لايقول بوجود عالم مادي مستقل عن ذهن الله.

ربما لسنا وحدنا نواجه صعوبة  في قبول هذا، قيل ان الفيلسوف الفرنسي مالبرانش Malebranche لم يعد موجودا في العالم المادي بعد معاناته من سكتة دماغية بسبب الجدال مع أفكار بيركلي.

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم