صحيفة المثقف

الكلبتوقراطية أو حكم الحرامية

مصدق الحبيبالكلبتوقراطية  Kleptocracy هي سلطة اللصوص وحكومة الفاسدين والمفسدين التي تقوم بشكل اساسي على سرقة اموال الشعب واستنزاف الثروة الوطنية من اجل الاغراض والمنافع الشخصية لافرادها. وهذا ما يؤدي الى تراكم الثروات الفردية واستحداث طبقة اجتماعية جديدة متميزة بثرائها المغتصب مما يثبت دعائم الهيمنة الاقتصادية ويقوي النفوذ السياسي في البلاد.

والمصطلح المركب يعود لأصله الاغريقي حيث Kleptes  تعني لص وKratia تعني سلطة او نظام. على ان من الضروري تمييز النظام الكلبتوقراطي عن النظام الپلوتوقراطي Plutocracy  الذي تؤسسه طبقة الاغنياء، أي اولئك الذين اغنوا قبل استلامهم السلطة. وهذا النظام يقوم على التأثير الحاسم للقوى المتميزة بثرائها ونفوذها السابقين لتكوين النظام. كما ينبغي تمييز الكلبتوقراطية ايضا عن النظام الأوليگاركي  Oligarchy الذي تقوم فيه الحكومة على سلطة القوى المؤثرة اجتماعيا، ليس فقط على اساس الغنى والثروة التي تملكها انما ايضا على اسس مؤثرة اخرى كالجاه والانتماء العشائري والتأريخ العسكري والمنزلة الدينية.

يستمد النظام الكلبتوقراطي هيمنته وديمومته من اشاعة الفساد الاداري والسماح لاعوانه باستخدامه كماكنة لانتاج الثروة الفردية عن طريق الخداع والدجل والرشاوي والاختلاس وغسيل الاموال وحصر المقاولات بأيدي معروفة قليلة وتلفيق العقود واتخام الحسابات الاجنبية بالودائع الشخصية وتزوير الشهادات وحصر النشاطات الاقتصادية المربحة بشركات قليلة تسمح بتضخيم وصولات الكلف ومستندات الخدمات من أجل ادخال هامش متفق عليه لعملائها في الدولة والقفز على نظم وضوابط المزايدات والمناقصات التجارية.

كما تستمد السلطة الكلبتوقراطية هيمنتها عن طريق سلطة البنوك المالية والتلاعب بقيم العملات ومعاملات الاستيراد والتصدير. ولاشك فان كل ذلك يتطلب وقوف سلطة القانون الى جانب من يدير دفة البلاد وسن التشريعات وتنفيذها بما يخدم تلك النوايا والاغراض وتحجيم او الغاء دور الرقابة المالية والاداريةوغض النظر عن كل الجرائم والتجاوزات.

تنتعش الكلبتوقراطية عادة في الدول المنهارة بعد الحروب او بعد تغيير انظمتها السياسية وخاصة تلك الدول التي تمتاز باقتصاداتها الريعية التي يسهل فيها استنزاف الموارد الوطنية عن طريق السيطرة الحكومية الكاملة على انشطتها الاقتصادية وهياكلها الاجتماعية . وغالبا ماتتحول هذه البلدان الى مايشبه واحات سخية للنهب والفرهود كما يصفها المصطلح الالماني Roubwirtschaft . واشد ما يشرعن نهب الثروة الوطنية هو الدعاوى الزائفة للخصخصة وتفكيك القاعدة الصناعية والبنى التحتية في البلاد تحت حجج الاعمار ومن ثم توزيعها كحصص سكراب على تلك الايادي الامينة للنظام وتعطيل القدرات الاقتصادية الوطنية وتهيئة الفرصة للاعتماد شبه الكامل على القروض الخارجية، والاعتماد على قطاع الاستيراد لاغراق الاسواق بالسلع المستوردة من اجل ابهار المستهلك واستحصال رضاه. وطبيعي فإن الاستيراد هو القطاع المناسب للابتزاز والاجازة الذهبية للفوز بالغنائم. 2255 بسام فرج وضياء الحجار

اللوحتان للفنانين بسام فرج وضياء الحجار

مصدق الحبيب

 

 

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم