صحيفة المثقف

عن الجزء الثاني لكتاب: الادب الروسي والعالم العربي

ضياء نافعصدر الجزء الثاني لكتاب – (الادب الروسي والعالم العربي) بقلم المستشرقة الميرا علي زاده عن معهد الاستشراق التابع لاكاديمية العلوم الروسية عام 2020، ولكن – ومع الاسف الشديد – بعد موتها، اذ انها رحلت عام 2019 عن عمر يناهز 79 عاما . لقد صدر الجزء الاول من هذا الكتاب عام 2014 (انظر مقالاتنا الخمس بعنوان – العراقيون في كتاب الادب الروسي والعالم العربي)، والذي  يعّد  واحدا من أهم المصادر الاساسية حول الادب الروسي في العالم العربي وتاريخ العلاقات العربية الروسية الادبية، وكيف تناول الادباء والباحثون العرب الادب الروسي منذ اواسط القرن التاسع عشر والى بداية القرن الحادي و العشرين، وهو جهد علمي هائل وفريد من نوعه في مجال العلاقات الثقافية العربية – الروسية  أنجزته المرحومة الميرا علي زاده  طوال سنين طويلة من عملها في معهد الاستشراق التابع لأكاديمية العلوم الروسية . لقد تحدثت المستشرقة  في الجزء الاول  من كتابها  عن  نتاجات  الادباء الروس  في القرن التاسع عشرمن  بوشكين وتورغينيف وتشيخوف ...الخ، اما الجزء الثاني من هذا الكتاب، فكرّسته للحديث عن تولستوي ودستويفسكي فقط. 

يقع الجزء الثاني لكتاب – الادب الروسي والعالم العربي في 382 صفحة من القطع المتوسط . ويحتوي على فصلين،  الفصل الاول بعنوان – ليف تولستوي غازي الشرق العربي ويتضمن اربعة أقسام هي – على مشارف المجد في العالم العربي (نهاية القرن 19 – اوائل سنوات القرن العشرين)، ثم، تولستوي فنانا في مركز اهتمام الادباء العرب في السنوات 1920 – 1940، ثم، الترجمات الجديدة والنقد في النصف الثاني للقرن العشرين، ثم، تراث تولستوي الابداعي في الشرق العربي في القرن الحادي والعشرين . الفصل الثاني من الكتاب بعنوان – حياة وابداع دستويفسكي بعيون العرب، ويتضمن خمسة أقسام هي – الترجمات الاولى (بداية القرن العشرين)، ثم،التاثير على الادباء العرب في سنوات 1920 – 1940، ثم، ابداع دستويفسكي  بتفسير وترجمات الباحثين  العرب في سنوات 1950 – 1990، ثم، علاقة القراء في سنوات 1970 – 1990، ثم، دستويفسكي والادب العربي في نهاية القرن العشرين – وبداية القرن الحادي والعشرين . وتاتي بعد ذلك قائمة بالمصادر (من ص 331 الى ص 365) وهي باللغتين الروسية والعربية مع ملحق خاص بالمجلات العربية . وتختتم المستشرقة الميرا علي زاده كتابها بقائمة لاسماء الاعلام التي وردت في الكتاب (من ص 365 الى ص 382)، ثم تأتي الخلاصة للكتاب باللغات العربية والانكليزية والفرنسية  .

من الواضح للقارئ (حتى من هذا العرض السريع لفهرس الكتاب) سعة هذا الجهد العلمي الكبير، الذي بذلته المستشرقة المرحومة، وكيف انها استطاعت فعلا ان تغطي مرحلة زمنية واسعة من النشاطات الفكرية، التي قام بها الادباء والباحثون العرب لتعريف القارئ العربي بانجازات الادباء الروس الكبار، ولا نظن، ان هذه السطور الوجيزة يمكن ان تفي هذا الكتاب حقه، ولهذا، فاننا نريد ان نقترح – قبل كل شئ – ان يكون هذا الكتاب مرجعا اساسيا في كل الاقسام الروسية في جامعات العالم العربي، مرجعا يستخدمه اساتذة تلك الاقسام في عملية تدريس مادة الترجمة الادبية في الدراسات الاولية والعليا (من الروسية الى العربية وبالعكس) لطلبتهم، واتمنى ان يكون هذا الكتاب يوما ما مصدرا محوريا لاطروحة ماجستيرعندنا،  تتناول موضوع تاريخ العلاقات الثقافية العربية الروسية  .

  نحاول - في ختام هذا العرض الاوليّ الوجيز جدا للكتاب -  الاشارة فقط الى بعض الاسماء العربية التي وردت فيه، والتعليق قليلا على ما جاء حولهم في هذا العمل الموسوعي  . الاسم الاول، الذي نتوقف عنده هو طه حسين عميد أدبنا وأجيالنا، فقد أشارت المستشرقة الى كتابه الموسوم - (صوت باريس) الصادر عام 1943 في القاهرة، حيث كتب فيه انطباعاته عن تولستوي، وترجمت الى الروسية مقاطع مهمة من ذلك الكتاب . الاسم الثاني هو سامي الدروبي، الذي أشارت اليه المؤلفة في ثمانية مواقع  في كتابها، اذ كيف يمكن الكلام عن دستويفسكي في العالم العربي دون التوقف عند سامي الدروبي، الذي نحت لنفسه تمثالا عربيا شامخا من نتاجات دستويفسكي . الاسم الآخر الذي اريد التوقف عنده هو حياة شرارة ، الرمز الابداعي الساطع  لقسم اللغة الروسية الحبيب في جامعة بغداد، فقد اوردت المستشرقة  ما كتبته حياة شرارة حول تولستوي بسبع صفحات كاملة..... وكان بودي طبعا ان اتوقف – ولو سريعا - عند اسماء اخرى من المبدعين، لكن العين بصيرة واليد قصيرة   يا اكرم فاضل وعلي الشوك ومحمد يونس ومحمود احمد السيد و نجيب المانع وبقية اسماء  الادباء والباحثين  الكبار من العراق ومن البلدان العربية الشقيقة الاخرى، الذين ورد اسمهم في هذا الكتاب ...

الرحمة والغفران  للمرحومة الميرا علي زاده (1940 - 2019)، والصبر والسلوان لنا جميعا على هذه الفاجعة  التي اصيبت بها حركة الاستشراق الروسية، وسيبقى اسمك خالدا  يا  الميرا  علي زاده، لأنه يرتبط ببحوثك وكتبك التي تحوّلت الى مصادر اساسية دائمية في حدائق مكتبة العلاقات الثقافية العربية – الروسية ...

 

أ. د. ضياء نافع

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم