صحيفة المثقف

جبرا إبراهيم جبرا.. الشاعر والأديب والفنان (2)

محمود محمد علينعود وننهي حديثتا عن "جبرا إبراهيم جبرا": الشاعر والأديب والناقد، وهنا يمكن القول شخصية جبرا الإبداعية تتجلى في كتاباته السردية أكثر من أي حقل أدبي، وفني، ومعرفي آخر. وهذا لا يعني الانتقاص من قيمة مساهماته في تلك الحقول، وأهمها الترجمة. تراه حاضراً في كل جملة يدوِّنها على الورق ويرسلها في عالم الأدب، والفكر، والثقافة. إن أناقة أسلوبه، وذلك الفيض من الجمال الأخّاذ الذي يغمر به القارئ. والفخامة التي يستشعرها (القارئ) في بنى نصوصه. ناهيك عمّا في تلك النصوص من فرادة في التكنيك، وحذاقة في صياغة الجمل، واستثمار لممكنات البلاغة العربية بمرونة وطراوة ومن غير تكلّف.. أقول؛ إن هذا كله قد ينسيك لوهلة ما يريد أن يوصله إليك من معانيَ وأفكار ورؤى، فتجدك في حالة انبهار وإعجاب بما يكتب حتى وإن اكتشفت، أحياناً، وبعد لأي، أنك تختلف معه في الفكرة والمغزى فيها.

إن اكتمال الإبداع في حياتنا العربية لا يتم بانعزالنا عن العالم، وما يحصل فيه من تطورات، إنما يتم من خلال "كيانبة معرفية"، ومن فكر وإبداع فقد كانت البداية الفعلية له من بغداد، فجبرا وصل بغداد في أعقاب نكبة فلسطين العام 1984م . كانت تعيش حقبة غليانها السياسي، والفكري، والأدبي، والفني الجديد، لكن منذ وصوله الأولي إليها كان من أبرز المساهمين في بلورة الاتجاه التجديدي، كانت فيه الحياة الأدبية والفنية في العراق قد بدأت التحرك به، وبينت مساراته الفعلية  .

منذ مطلع الخمسينات من القرن الماضي، بدأت علاقة "جبرا" بالرسم منذ طفولته، فقد فتح عينيه في بيت لحم والقدس على بعض الأديرة التي كانت تشجع استنساخ الصور وتكبيرها لأسباب دينية. وقد كتب جبرا رسالة في هذا المعنى للفنان "إسماعيل شموط" مشيراً إلى جرف حجري ظل محتفظاً به منذ الطفولة. وفيها رسم منحوت لفنان من حيفا اسمه "عبد الله عجينة"، وقد بدأ "جبرا" الرسم، كما يقول في تلك الرسالة، قبل 1948، وبالزيت. وظلت تلك الرسوم في بيت لحم مع أنه لم يقدمها في معرض فردي أو جمعي. ويعيد جبرا الفضل في تعلمه الرسم إلى الفنان الحيفاوي الكبير "جمال بدران"، الذي لفت اهتمامه إلى الزخرفة وتشكيل الألوان. إلا أن وعيه التشكيلي حقق نقلة نوعية حين تعرف، كما يقول، على "إسماعيل شموط" واطلع عن كثب على فن التصوير والرسم.

وفي بغداد، لم تكن الحيوية الثقافية التي أشاعها "جبرا" مقصورة على العمل الكتابي. بل ان إسهامه في تأسيس “جماعة بغداد للفن الحديث”، كان ذا أثر ملموس في تطوير هذا الفن على مستوى العراق. والواقع أن "جبرا" في السنوات الثلاثين الأخيرة من حياته قد أولى الرسم والتصوير اهتماماً كبيراً على المستوى النظري بصورة خاصة. فبعد كتابه الذي أصدره عام 1961 بالإنجليزية “الفن في العراق اليوم”، عاد فأصدر بالعربية كتاباً حقق شهرة كبيرة بعنوان “جواد سليم ونصب الحرية” وذلك عام 1974. ثم أصدر عام 1983 بالإنجليزية كتابه “جذور الفن العراقي” وعاد فنشره بالعربية بعد عامين، ليصدر عام 1985 كتاب “الفن والحلم والفعل”. حتى ليمكن القول إن حضور جبرا لمعرض فنان عراقي كان يعني تزكية لهذا المعرض. بمعنى أنه كان فناناً ومنظراً محكماً. وإذا كانت رسومه الشخصية تدور في الفلك الواقعي التعبيري، فإن دعوته النظرية كانت تشمل مختلف المدارس وكان انحيازه إلى الجديد لا حدود له. وان كان ـ وهذا شأنه في النقد الأدبي أيضاً ـ يعطي الأولوية للإبداع بما هو إبداع. ومن الطريف أن رسوم جبرا الشخصية ذات لهجة بصرية فلسطينية، لكن تأثيره الأساس كان في الفن العراقي. ومع أن الفن، بما هو موهبة ومهارة، لا جنسية له، إلا أن الرسالة الفنية ذات جنسية بالضرورة. ولقد فتنت بغداد، والعراق عموماً، بحس جبرا الباحث الفنان،  فكان ما كتبه في هذا المجال بمثابة بعض الوفاء لوطنه الثاني.

ومنذ ذلك التاريخ كانت أكبر انطلاقه تجديدية في الشعر في العصر الحديث، عبر عن ذلك كله تعبيراً يقع في إطار التكامل بين " الرؤيا الإبداعية" و"الشكل الفني" الجديد فليس الأدب والفن عند "جبرا" إلا بما هما " لغة حياة" بكل ما لهذه الحياة من حرية وحركة، ومن قدرة علي الإنشاء والتكوين .

بدأت كتابات "جبرا" الأولي، بل المبكرة (قبل مجيئه إلي بغداد) من خلال اهتمامه بالحركة الرومانسية، والتعريف بشعراء الرومانسية الغربية أيام صباه، وهو طالب في الكلية العربية بالقدس، ودراسته لبعض أعمالهم الأدبية، فقد ترجم عدداً من قصائد " شلي" و" جون كيتس"، في أواخر العام 1938م، ونشرها في مجلة " الأمالي " . وتابع جبرا اهتماماته بالرومانسية في أثناء دراسته بإنجلترا، وبعد عودته منها، فكتب دراسات عن "شلي"، و"بايرون "، و"وليام بليك"...وغيرهم، والمعروف أنه أول من اقترح استعمال كلمة " رومانسية" بالعربية عوضاً عن " رومانتكية" و" رومنطيقية"، وذلك عام 1946م، وإلي جانب اهتمام جبرا المبكر بشعراء الرومانسية الأوربية، فإنه بدأ كتابة " الشعر الجديد" باللغة الإنجليزية في جامعة كمبردج بين سنتي (1940-1934)، جمعها الناقد محمد عصفور، وجعل لها اسماً هو (Fluctuations) يظهر أن شعره رومانسي الطابع، وخاصة في وقفته أمام البحر، أو في حديثه عن الموت، فيراه ضرورة لانبعاث الحياة في جمالها وطهرها .. إنه الموت المصاحب للحزن، فذلك يبين مدي تأثير الشعر الإنجليزي علي شاعرنا مضموناً ثم شكلاً حيث كانت قصيدة النثر أو علي الأصح الشعر الحر – بالمعني الأدق- ميداناً يخوضه "جبرا" ويجلي فيه، فعنوان مجموعته (Fluctuations) يعني التموجات، والتقلبات والتردد .

إذن فجبرا إبراهيم جبرا منذ الأربعينات نظم الشعر المنثور – وبالمعني الشائع اليوم " قصيدة النثر" فنظمه باللغة الإنجليزية وفي ميدان الرومانسية، يؤكد جبر صراحة بقوله إن قضية الشعر قضية مركزية من قضايا الحياة العربية، إنه وسيلة من وسائل إنعاش المخيلة العربية، الشعر الذي يعنيه ما يحمل التجديد فيه قلياً للمفهومات الموروثة، وفتحا لأرض جديدة، فالتجديد عنده مقترن بالتمرد علي أساليبه القديمة .. إنما هو انعكاس للتمرد العربي في سبيل حياة أغني وأعنف فالشعر إنما هو نوع من الكشف لا يعمل في النفس عن طريق الذهن (المنطق) بقدر ما يفعل عن طريق الحدس، وذلك ما يجعله يعتبر " الصورة أو الكتابة"، و" الرمز أو الأسطورة " من أهم أسرار الشاعر الموفق.

فالشعر بحسب وجهة نظره يمثل أحد الروافد التعبيرية، لاهتماماته الفنية، فهو يعطينا صورة حية، مرئية تعتمد التشبيه الذي يحمل قرائن خفية تعمق المعني، وتعمق أبعاد الصورة أيضاً، جاعلاً من الرمز عنصراً أساسياً في ذلك التعمق، إضافة إلي ما يحدثه من هزة نفسية وروحية، فالشعر هو في ما يخلق من صور، والشاعر من يكون له قراره الخاص في خلق الصور، فما يهمه من أهمية تأكيده علي الصورة في الشعر أن تكون مجسدة، و" دينامية تظل حية في خيال القارئ وتظل متحركة في نفسة" كل ذلك يجعله يقف سلبياً تجاه كل شعر يجد فيه ضعفاً في خيال الشاعر.

أول ما يلفت النظر في شعر "جبرا" أنه وهو يكتب قصدية النثر يتناول هموم القضية الفلسطينية ومعاناتها، فقد حمل جبرا علي كاهله عبء قضية فلسطين في المنفي والغربة بكل أبعادها وجوارها، فقد كان الهم الأكبر الذي يختمر في جوانحه وجراحه، كيفية العودة، إلي الوطن . في كل كتاباته يدور حول محور رئيسي هو تصوير المآسي التي حلت بشعبه، كما أنه جعل شخصياته دائماً من الشخصيات المكافحة المناضلة التي تبذل كل شئ في سبيل العودة إلي الوطن، كما نجح في إعطاء أبعاد ودلالات عميقة لألوان  الشقاء والغربة والمنفي، صور مختلف لألوان الشقاء والغربة والمنفي، صور مختلف ألوان وأشكال الصبر والعزاء والتحمل وصور مختلف المواقف التي يتعرض لها الفلسطيني في الشتات من المذلة والهوان، كل ذلك من أجل مقاومة الاستلاب والبقاء من أجل العودة للوطن.

كان لحبر ثلاثة دواوين شعرية أو ثلاث مجموعات شعرية – وهي:" تموذ في المدينة "، " المدار المغلق "، " لوعة الشمس" له مفهوم خاص للشعر فقد جدد في الشكل، فهو لا يحفل بالقافية إلا ما جاء منها عفو الخاطر، ويري علي أن الشاعر أن يتخفف من كل ما من شأنه الحد من قدرته علي التحليق والانطلاق وعليه أن ينصرف إلي ما هو أهم، وعنده أن الصورة الشعرية، والموسيقي الداخلية هما العنصران اللذان يعطيان  النص الأدبي صفة الشعر هناك قضيتان شاعتا في شعره هما: أزمة الإنسان المعاصر في معطيات المرحلة التاريخية الراهنة، وأزمة الوطن السليب بكل ما تعنيه تلك الكلمة من دلالات .

مما سبق يمكن القول بأن جبرا في الشعر لم يكتب الكثير ولكن مع ظهور حركة الشعر النثري في العالم العربي خاض تجربته بنفس حماس الشعراء الشبان.

أما في الرواية فلجبرا كتابات كثيرة مثل: صراخ في ليل طويل (1955)،  صيادون في شارع ضيق - بالإنجليزية (1960 )، والسفينة  (1970)، البحث عن وليد مسعود (1978)، عالم بلا خرائط (1982) بالاشتراك مع عبد الرحمن منيف، الغرف الأخرى (1986)، يوميات سراب عفان (1992)، إضافة إلى المجموعة القصصية عرق وبدايات من حرف الياء (1989)، والسيرة الذاتية الروائية البئر الأولى (1993)، ومثيلتها شارع الأميرات (1994).

وتلك الكتابات تكشف لا عن أديب متعدد في مراجعه الثقافية، احتضنت الشعر والفلسفة والرؤي الدينية، ففي روايته الأولي:" صراخ في ليل طويل" أدرج الأسطورة وعالم الإشارات والرموز، مستفيداً من كتاب جيمس فريزر " الغصن الذهبي" وكتاب " ما قبل الفلسفة " لهنري فرانكفورت اللذين ترجمهما لاحقاً . حاول جبرا المزاوجة بين العقل، الذي يفسر شروط الإبداع الفني وقوة الخيال، التر ترد إلي الروح والبصيرة ، قبل أن تستشير الواقع المعيش.

أعلن "جبرا" في روايته اللاحقة " صيادون في شارع ضيق"، عن انتسابه الصريح إلي الرومانسية، والإنجليزية منها بشكل خاص مشيراً، بإعجاب غير منقوص إلي سلي واللورد بايرون، إذ الأول حر ونصير للحرية المثمرة، وإذ الثاني فردي وموغل في فرديته . اعتنق الفردية الحرة، وأوكل إلي المبدع الحر الذي تسبق بصيرته غيره من الناس، وظيفة تغيير العقول والأرواح، التي تقيم بين المبدع والنبوة علاقة واضحة . ولعل العلاقة بين الفن والدين هي التي دعته إلي وضع مقالة عن الشاعر – الفنان وليم بليك، الذي كان يرسم أشعاره ويصوغ الرسم شعراً، والذي آمن بأن للأديان الإنسانية جميعها جوهراً واحداً، قوامه المحبة.

أنجز "جبرا" في " صيادون في شارع ضيق" عملاً روائياً محملاً منظور رومانسي وأخبر عن مراجعه الثقافية، التي انطوت علي معرفة بالرسم والموسيقا مدهشة. عاد في روايته اللاحقة " السفينة" وبرهن علي سعة منظوره الثقافي، فساءل "ديستوفسكي" وفرا دلالة الخير والشر في روايته " الشياطين " ومر علي أفكار "توما الإكويني"، رجل الدين الذي قارب قضايا فلسفية، و"سورين كيركجارد" الفيلسوف الدنماركي الوجودي الذي قرأ معني المأساة . لم يكن جبرا الروائي الفلسطيني مشغولاً بأسئلة الفلسفة من حيث، بقدر ما كان مهجوساً بالتصور الفلسفي لقضايا الروح والبصيرة، ذلك أنه آمن بأن روايته قادرة علي " الرؤيا" تري الحاضر والمستقبل، وبأن ما تراه حقيقة لا يخالطها الخطأ.

حاول البعض أن يقدم لنا تصورا عن "جبرا إبراهيم جبرا" الروائي، فنجد مثلا "د. فيصل دراج" يقول:" انطوت قراءتي للأديب الفلسطيني جبرا علي ثلاث مراحل: قراءة أولي مبتسرة متعسفة، اختصرته إلي روائي شكلاني، يخلق بطلاً فلسطينياً وهمياً لا علاقة له بالواقع، يطرد الوقائع الملموسة برغبات مجردة . وقراءة تالية، بعد أن حاورت جبرا وتعرفت عليه، لا مست فيها الوجوه الجمالية في روايات، دون أن أقبل بصورة " البطل الفلسطيني الاستثنائي" التي يتعايش فيها الحلم والواقع، ويلتبس البطل فيها بمدينته المقدسة: القدس. وقراءة ثالثة عاينت جبرا في وجوهه الإبداعية جميعاً: القصة القصيرة، الشعر، الترجمة، الرواية، السيرة الذاتية، ودراساته عن الفن، ومساهماته النقدية اللامعة، التي قرأ بها أعمالاً وفلسفات أدبية غربية، وحواراته الطويلة.

وعلي الرغم من تعددية إسهاماته الأدبية، كما ترجماته المتميزة الممتدة من شكسبير إلي "وليم فوكنز"، يظل الإنسان في جبرا أوسع من كتاباته، ويبقي " الفلسطيني" فيه أكثر رحابة من "رؤاه" الفكرية . فقد ساوي (في رواياته) بين فلسطين والقدس واختصر في القدس خير العالم وجماله . ولهذا كان في رواياته شاعرا، قبل أن يكون روائياً، وشاعراً رومانسياً بخاصة . واكن في الحالتين، مثقفاً تنويرياً بامتياز، نظر إلي إنسان تحرر من قيوده، وإلي مدينة فاضلة يسكنها إنسان حر يغرف الفرق بين الحاضر الضيق والمستقبل الذهبي .

وفي نهاية هذا المقال أقول: لا يُقرأ جبرا، الذي كان يهجس في سرّه بـ «الإنسان الكامل»، روائياً فحسب، أو شاعراً، ناقداً، أو رساماً مترجماً، بل يقرأ في العلاقات المتبادلة بين ممارساته الأدبية - الفنية المتنوعة، التي عبّرت عن «فائض الموهبة»، أو عن نزوعه إلى «مثال ما»، تتكامل فيه صورة المسيح وبيئة القدس وأصداء الصلوات وأنوار الكنائس.. ومع رحيل جبرا رحل معه نموذج نادر من المبدعين الفلسطينيين ومناخ ثقافي واعد. فلا قدس اليوم قدسه، ولا بيت لحم تنتمي إليه. وما كان رحيله المتوجّع عن بغداد مختلفاً، فبعد «شارع الأميرات» يأتي التحارب وركام السواد القاتل. رحل بلا رجوع عن وطنه «الأول»، وغاب بلا عودة عن مدينة عراقية كانت تدعى "عاصمة الرشيد".

 

د. محمود محمد علي

رئيس قسم الفلسفة وعضو مركز دراسات المستقبل بجامعة أسيوط.

..............

1- د. فيصل دراج: جبرا إبراهيم جبرا، كتاب دبي الثقافية يصدر عن مجلة دبي الثقافية ويوزع مجاناُ مع المجلة الإصدار 131..

2-تهاني ماجد مصلح فرج الله: السيرة الذاتية في الأدب الفلسطيني – إحسان عباس، وجبرا إبراهيم جبرا، وفدوي طوقان نموذجا، رسالة ماجستير غير منشورة ضمن الجامعة الإسلامية – غزة – عمادة الدراسات العليا، كلية الآداب، قسم اللغة العربية، 2013.

3- محمود أبو حامد: الراحل جبرا إبراهيم جبرا ابن مسعود التلحمي.. (مقال).

4- خالد علي مصطفى: "جبرا ابراهيم جبرا شاعراً" .. مقال منشور في مجلة آداب، عدد 3-4، سنة 43، عام 1995.

5- د. محمد ماجد مجلي الدخيل: الرؤية النقدية عند جبرا إبراهيم جبرا، مجلة جامعة الملك عبدالعزيز: الآداب والعلوم الانسانية، م 23، ص ص89-103-2016.

 

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم