صحيفة المثقف

ماذا تعني عودة "داعش"؟!..

كاظم الموسويلماذا يعود ما اصطلح عليه بمختصره "داعش" الى اعماله الارهابية، بعد أن انجز وظيفته الرئيسية، ولم يستطع الحفاظ على نتائجها، وانهزم وتم الانتصار عليه وانتهت ما سميت "دولته"  الاسلامية؟!. هل يعني أن مهماته لم تستكمل بعد وان داعمبيه لم ينهوا علاقتهم به ام ان هناك اسرارا أخرى لم تكشف لحد الآن؟!. المعلوم أن التحالف الدولي الذي تتزعمه الولايات المتحدة والذي تأسس على أساس محاربة "داعش" كتنظيم ارهابي هو الذي يبث اخبار عودته بين حين واخر، ويسرب معلومات عنه، عبر منظمات دولية أو أعضاء من التحالف أو متخادمين معهم. وتلك شهادة له بأنه مرتبط كتنظيم بمخططات التحالف والعمل في إطاره لبقاء اسم التحالف واستمراره، تنظيما وتحالفا، في المنطقة المخطط لها والموجه لزعزعتها وتدمير أمنها واستقرارها. وهو ما حصل قبل سنوات، منذ بدايات ظهوره وانتشاره ورفع رايته السوداء وإلى يومنا هذا. وبالتالي إستمرار بيع الأسلحة ومعداتها وتوفير الذرائع لبقاء قوات التحالف وبناء قواعد عسكرية وإقامة تحالفات محلية وإقليمية لخدمة المشروع أساسا وتوفير كل ما يخدمه، من أفراد وأجهزة  ومؤسسات إعلامية وغيرها مما يتوجب تحضيره أو إيجاده أو توفيره، والضغط به لنهب الثروات واستخدام الجهود وهدر الطاقات المحلية والإقليمية.

بثت وكالات أنباء أمريكية يوم 05 شباط/ فبراير 2021 تقريرا صادرا عن مجلس الأمن الدولي رصد وضع "داعش" والقاعدة في سوريا والعراق. مؤكداً أن التنظيم "لا يزال قادرا على شن عمليات تمرد في المناطق الحدودية بين البلدين، على الرغم من التحديات التي يواجهها، ومن بينها فقدانه عددا من قياداته في عام 2020", ولم يتطرق  التقرير إلى ما قام به التنظيم داخل العاصمة بغداد أو المدن الأخرى وكذلك في مدينة دير الزور أو الحسكة وغيرها من المدن السورية. وفي هذا اشارات لاهتمام المجلس وأصحاب التقرير في توجيه الأنظار والأضواء على المنطقة والجغرافية وليس على الأخطار الجدية والأهداف الأساسية من وجوده وصناعته.

وسجل المجلس في تقريره عن تنظيمي داعش والقاعدة الكيانات الإرهابية الأخرى المرتبطة بهما، واشار إلى قدرة "داعش" على الاختباء في أماكن سرية، وحصوله على دعم من مجتمعات محلية. وقدّر التقرير عدد مقاتلي داعش في البلدين بنحو عشرة آلاف شخص غالبيتهم في العراق، ومع ذلك، اعترف التقرير، بإن قدرة التنظيم على شن هجمات، أقل من السابق، بسبب ضغط القوات العراقية. وهنا ايضا دون تحديد التضحيات التي تقدمها القوات العراقية والسورية بمختلف عناوينها العسكرية والأمنية وفعاليتها في التصدي لخطر التنظيم، وتعرضها في مرات متكررة لهجمات ليس من التنظيم وحده، بل ومن مصادر اخرى، لم يعلن، لا المجلس ولا اعضاؤه، مصادرها أو جهاتها أو انواعها، ويكتفى بمجهولية المصدر، أو طائرات بدون طيار دون تحديد مسيريها، أو من هو وراؤها..

وقال تقرير مجلس الأمن الدولي إن قدرة داعش على شن هجمات في المناطق التي تشهد "نزاعا"! أكبر منه في المناطق الآمنة. وأوضح التقرير أن هناك ميلا داخل التنظيم في مناطق النزاع، نحو اللامركزية، وزيادة تفويض عمليات اتخاذ القرارات التكتيكية، إلى كل خلية من الخلايا المستقلة في الميدان.  وكشف التقرير ان سلسلة جبال حمرين في محافظات ديالى وكركوك وصلاح الدين العراقية، ملاذات حدودية آمنة للتنظيم، تضاهيها في سوريا منطقة دير الزور، وإدلب التي تسيطر عليها هيئة تحرير الشام الموالية للقاعدة. وبيّن التقرير أن مقاتلي التنظيم يستغلون صحراء دير الزور لشن هجمات ضد القوات العسكرية السورية، وضد ما سمي بقوات سوريا الديمقراطية (قسد) أيضا.

واكد التقرير هيمنة "هيئة تحرير الشام"، في شمال غرب سوريا، بقوة قوامها عشرة آلاف مسلح. وامتلاكها لموارد كبيرة مصدرها احتكار  معاملات الوقود في المنطقة عبر شركة واجهة تدعى "وتد للبترول"، علما أن إيرادات الجماعة من تجارة الوقود والطاقة، وحدها، تدر نحو مليون دولار شهريا. وقد تمكنت "هيئة تحرير الشام"، حسب التقرير، من احتواء تنظيم "حراس الدين"، الفرع الآخر للقاعدة في المنطقة، بسبب ضعفه وفقده لمعظم قياداته في عام 2020. ولم يسأل كتبة التقرير، كيف اصبح هذا التنظيم بهذه القوة وهذه الإمكانيات ومن هي الجهات أو الأطراف التي تستفيد من قوته ودعمه ودوره؟..

ذكر التقرير أيضا وجود كيانات أخرى بإدلب تتكون من إرهابيين أجانب لا يزالون خاضعين لهئية تحرير الشام. ومن أمثلة هذه الجماعات "لواء خطاب الشيشاني"، و"كتيبة التوحيد والجهاد" ( مقاتلون من وسط آسيا)، و"الحزب الإسلامي التركمستاني".

ورغم تاثير جائحة كورونا على أداء الحكومات، وكذلك على قدرة "داعش" للتحرك وشن هجمات كبيرة، الا أنه اقتصر خطره، على إطلاق التهديدات. وحذر التقرير من ترجمة هذه التهديدات إلى هجمات أوسع نطاقا خلال هذا العام 2021، ما لم تواصل عمليات مكافحة الإرهاب ضغطها المستمر عليه.

 هذه قراءة مجلس الأمن لعودة التنظيم ولعملياته، ولم يتطرق هنا ايضا إلى أعداد المعتقلين عند تنظيم "قسد" السوري تحت حماية القوات الأمريكية المحتلة لمناطق شمال شرقي سوريا ولا لأعداد الذين ينقلون بطائرات الهيلكوبتر الأمريكية من مناطق سورية إلى أخرى داخل سوريا أو العراق وحتى خارجها. وهذه الارقام والمعلومات تشير إلى التورط في السيرة والمسيرة للتنظيم وأعماله. ولكنهم  ينشرون خلاف ذلك ويمارسون دور شاهد الزور والتضليل في المعلومات والأخبار عن مصادر التنظيم وتاسيسه ودعمه وحمايته وتجهيزه وتوجيهه. وتلك جزء من مهمتهم ووظيفتهم بأسماء أخرى أو في صفحات اخرى.

 وبالتفصيل، حذر مسؤول مكافحة الارهاب في الامم المتحدة فلاديمير فورنكوف امام مجلس الامن الدولي في نيويورك (2021-02-12) من أن التهديد للسلام العالمي الذي يشكله تنظيم "داعش", يتصاعد مرة أخرى على الرغم من سقوط "خلافة" الارهابيين في كل من العراق وسوريا. وقال فورنكوف إنه على الرغم من الأولويات التي فرضتها جائحة كورونا، فانه من المهم بالنسبة لأعضاء الأمم المتحدة أن يبقوا على تركيزهم ووحدتهم في مواجهة الإرهاب.

واوضح في كلمته عبر الفيديو انه فيما لم يطور "داعش" استراتيجية هادفة لاستغلال الوباء، فإن جهوده لاعادة جمع صفوفه واحياء نشاطاته، اكتسبت المزيد من الزخم. واشار الى "ان التنظيم الارهابي احتفظ بالقدرة على التحرك والعمل بما في ذلك التسلل عبر الحدود الهشة". وحذر فورنكوف من ان نحو 10 الاف مقاتل، غالبيتهم في العراق، يسعون الى اشعال تمرد طال أمده، ما يشكل "تهديدا عالميا رئيسيا وطويل الامد". وتابع "انهم منظمون في خلايا صغيرة يختبئون في الصحراء والمناطق النائية ويتحركون عبر الحدود بين البلدين، وينفذون هجمات".

ولفت المسؤول الاممي الانظار الى "الاوضاع الصعبة للنساء والاطفال المرتبطين ب"داعش" والذين ما زالوا في مخيمات احتجاز كما في مخيم الهول في سوريا، وبينهم نحو ثمانية الاف طفل من 60 دولة بخلاف العراق، مشيرا الى ان 90% منهم، تقل اعمارهم عن 12 سنة". وهذه قنابل موقوتة أو مجهزة للانفجار، مع سباق الزمن وتعقد الظروف المحيطة بهم وتطورات الأوضاع والسياسات المرسومة للمنطقة.

في كل الأحوال خطر التنظيم وصناعته لم تنته بعد، ولن يتوقف تهديده العملي في إطار ما هو مرسوم من مخططات وأسباب لتفتيت المنطقة ونهب ثرواتها وتحطيم إرادتها و تدمير خياراتها الشعبية.

 

كاظم الموسوي

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم