صحيفة المثقف

قصيدةُ العراق

كريم الاسديبمناسبة زيارة بابا الفاتيكان

الى العراق حالياً ..


 اِقرأْ بما خطتِ الأقلامُ والصحفُ

لتقرأَ الكـــــونَ اذْ يحبو واذْ يقفُ

 

واِذْ يحــاولُ انْ يمشــــــــي فتسندُهُ

كفُ الفراتِ ويرعى خطوَهُ الجُرُفُ

 

واِذْ يحــــــاولُ انْ يعـــدو وتلهبُهُ

شمسُ الهجيرِ، فيبني ظلَه السَعَفُ

 

قبلَ الكــــــــــلامِ وقبلَ البدءِ مُبتدِئاً

كانَ العراقُ ، فكانَ العشقُ والديفُ**

 

هــــــــوَ المحبةُ اِذْ تُبنى جنائنُها

وهوَ السلامُ بقلبِ الكونِ مؤتلفُ

 

قيامةٌ مُذْ قيامِ الدهرِ قائمةٌ

قوامُها لقويمِ الخلقِ ينتصفُ

 

اِني لَأعجبُ مَــن خانوا ومَن نقضوا

عهدَ العراقِ ومَن باعوا ومَن عزفوا

 

عن حبِ لؤلؤةِ النهرين كيفَ لهمْ

انْ يستحلَ محلَ اللؤلؤِ الصَدَفُ؟!

 

هنا الهتافُ ابتدى مِنْ غيبِ موحِشَةٍ

فصـــــــــــارَ أولُ اِنشادٍ لمَنْ هتفوا

 

هنا هنــا سُرَّةُ الأكوانِ أجمعَها

حبلُ المشيمةِ منها مانحٌ رَعِفُ

 

هنا هنا النهــــرُ مَنّاحاً فكيفَ اِذاً

يسعى لقطعِ وريدِ النهرِ مُغتَرِفُ

 

هنا العراقُ عروق الأرضِ أترعَها

بالماءِ حتى غدَتْ يهفو لها اللهِفُ

 

فكلُ قطرٍ سعى يرنو الى هدفٍ

وللعراقِ العريقِ المطلقُ الهدفُ

 

مَسَّتْ لآليءُ آلِ البيتِ جبهتَهُ

فباتَ منهُ نجومُ الكونِ تغترفُ

 

وحاورتهُ دنىً قبلَ الدُنــى أزلاً

فقابستْ جوهراً ماضمَّهُ خَزَفُ

 

وسطّرَ السومريُ الحـــرفَ مبتدِئاً

مابينَ نهريهِ فأنصاعتْ لهُ الحِرَفُ

 

فكانَ منها حـــــروفيٌ وراويةٌ

وراصدٌ في مدارِ النجمِ يعتكفُ

 

وجابــــرُ الجبرِ ترميزاً وأمثلةً

وواضعُ الأسِ فوق الرقمِ ينضعفُ***

 

فيه المقيمُ علــى الأبراجِ خيمتَهُ

قَصْراً من الكلمِ المسبوكِ يأتلفُ

 

تغيبُ صورةُ شِعرٍ عن سبائكِهِ

حتى تعودَ ولا أبهى اِذا تصفُ

 

تغيبُ رسْمَةُ نجمٍ عن خرائطِهِ

حتى يضيفَ لها نجماً سيكتشفُ

 

والصابئيون اِذْ يحيى يعمدُهــــمْ

والنورُ والماءُ عرفانٌ لما عرفوا

 

أبا النخيلِ أبي الأعذاقِ حاملةً

أقراطَ ياقوتِها تمراً سيُقتطفُ

 

أبا المضائفِ والأسيادُ سادتُها

مِنْ كلِّ أبنِ أميرٍ جودُهُ شَغَفُ

 

أبنٌ لِعشرٍ وخطوي واثقٌ جَذِلٌ

لرفعِ رايِكَ والطلّابُ تصطففُ****

 

وفوق هاماتنا شمسٌ مُشعشِعةٌ

تكادُ من وهجِنا تذوي وتنكسفُ

 

والآن وحدي وجيشُ الضدِ يرقبني

من كلِ حامــــلِ أضغانٍ بِهِ صَلَفُ

 

موحَدٌ بكَ والأنذالُ ترصدنـــي

وقائلٌ فيكَ والمدسوسُ يرتجفُ

 

حملتُ اسمَكَ فوقَ النجمِ أرفعُهُ

فراحَ يشتمني المأفونُ والصَلِفُ

 

وما الصلافةُ طبعٌ في بسالتهِم !

لكنهُ سخفٌ مابعدهُ سخـــــــفُ

 

وتابعٌ لقطيعِ الحــزبِ يلعنني

ومِن غبارٍ لأقدامي لهُ شرفُ

 

أخوانُ يوسف لايدرون مافعلوا

ففي غدٍ قاتمٍ لاينفــــــعُ الأسفُ

 

سيعلمونَ بأن النورَ أروعــــهُ

لبدرِهم ذاكَ مَن ظنّوه ينخسفُ

 

سيعلمون بأن النبـــلَ أجملــــــــــــهُ

جميلُهم ّذاك مَن (واروهُ) وانصرفوا

              ***

اِذا مرَرْتمْ ببيتِ الرافدينِ قفــــــــــوا

واِنْ وصفتمْ فكونَ المعجزاتِ صفوا

 

واِنْ شعرتم بشيءٍ انَّ أروعَـهُ:

انَّ الشعورَ هنا خَلْقٌ ومُحْتَرَفُ

 

أطيانهُ مِـــــــن مجراتٍ مقدسةٍ

وفي ترابِهِ سراً تومضُ التُحفُ

 

وربَّ سمراءَ مرَّتْ هاهنا وقفتْ

فسهَّرَ السامرينَ السحرُ والتَرَفُ

 

وربَّ بيضاءِ جيدٍ هاهنا مَكثتْ

شفاعةً ، فغدا الممنوعُ ينصرفُ

 

وربَّ عاشقِ بَدرٍ شفَّــــهُ وَلَهٌ

فنافسَ البدرَ فيهِ الوالهُ الكلِفُ

 

فالعشقُ فيهِ أساطيرٌ مُحيِّـــــرةٌ

تجمِّلُ الناسَ حتى تُرفع السُجُفُ

***

شعر: كريم الأسدي

...........................

ملاحظات:

* كتبتُ هذه القصيدة في تموز العام  2015 في برلين ونشرتها في عدد من المنابر الأدبية باستثناء الأبيات السبعة الأخيرة اذْ أضفتها يوم الخامس من آذار 2021 وقد دفعني الى الكتابة حدث زيارة البابا ووفد الفاتيكان المرافق له الى العراق والى محافظات بغداد والنجف والناصرية (أور) والموصل (نينوى) وأربيل .

** الديف: درجة عالية من درجات الحب، وأسم من أسماء الحب المئة في اللغة العربية.

*** ألأس في الرياضيات والجَبر يضاعف الرقم أو الرمز أو الحد الرياضي أذا وضع فوقه فالرقم 2 مثلاً مرفوع للأس 3 يعني حاصل ضرب الرقم 2 في نفسه ثلاث مرّات أي 2.2.2 أو 2x2x2  والنتيجة تساوي ثمانية.

لذا أتى الفعل ـ ينضعفُ ـ هنا من المصدر ضِعْف والجمع أَضعاف ويدل على المضاعفة والكثرة، وليس من الضعف والخواء.

**** من الذكريات التي تلازمني من المدرسة الأبتدائية تقليد رفع العلم العراقي الذي يرقى الى مستوى الطقوس حيث كنتُ أتقدم بين أثنين من زملائي في فرقة الكشافة المدرسية لرفع العلم العراقي فوق ساحة المدرسة في اصطفاف مدرسي مهيب  يشرف عليه مدير المدرسة والمعلمون وتُقرأ فيه القصائد مثل:

عشْ هكذا في علوٍ أيها العلمُ

فأننا بكَ بعد الله نعتصمُ !

وحيث كان حب الوطن والأنتماء اليه عند العراقيين فخراً مابعده فخر !

***** في تاريخ العلم والفيزياء والفلك ان النموذج الفلكي الذي وضعه السومريون للكون والمجموعة الشمسية قبل حوالي خمسة آلاف عام لايختلف كثيراً في  تصميمه ودقته عن النموذج الذي وضعه العلماء الفيزيائيون الفلكيون الأوربيون بعد تطور المراصد وطرق البحث والرصد في القرن التاسع عشر والقرن العشرين، وان بعض الكواكب والأجرام مثل نبتون وبلوتو كانت ممَثلة وموجودة في النموذج السومري ولم يتم اكتشاف وجودها وتعيين مواقعها فكياً من قبل الفيزيائيين الفلكيين الأوربيين الا في القرن العشرين بعد اختراع المراصد الحديثة وتطور الرياضيات العالية بما فيها حساب التفاضل والتكامل والمعادلات التفاضلية والتحليل العددي والتحليل المعقد وبعد محاولات سابقة منهم في القرن التاسع عشر ، الأمر الذي يثير دهشة واستغراب وأعجاب العلماء المعاصرين ازاء المنجز السومري الرافديني المبكر جداً !!!

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم