صحيفة المثقف

سايكولوجيا المادة وأزلية الجوهر

علي محمد اليوسفتوطئة مفتاحية: نبدأ بتساؤلات مفتاحية. هل المادة جوهر مفكر؟ هل تستطيع المادة إمتلاك عقل إدراكي يدخلها بعلاقة جدلية مع الانسان وموجودات الطبيعة المادية الاخرى؟ هل المادة جوهر نفسي هو جزء من جوهر كلّي أشمل منه؟ هل يوجد إدراك ما فوق العقل يحكم المادة والانسان خاصة في مجال الايمان الديني والتحكم بالطبيعة؟

هل يوجد بديل يوضّح عملية الادراك العقلي غير التي تذهب الى أنه سلسلة من فعاليات تجري داخل المخ لتعطي الادراك العقلي معنى قصديا؟ هل النفس تتناوب الادراك المنفرد مع الروح أم بالتكامل بينهما النفس والروح في نشدانهما الإيمان الديني للانسان؟ هل النفس تجريد لتجليّات سلوكية بخلاف الروح التي هي تجليّات صوفية إيمانية دينية متفردة غير مدركة ولا منظورة بأية وسيلة إدراكية حدسية؟ هل تمتلك المادة نفسا self لا ندركها هي مافوق عقلي.؟

لوك وتفكير المادة

لا حظ جون لوك الفيلسوف الانجليزي الشهير في عبارة له وردت بكتابه " مقال في الفهم البشري" مانصّه " من الممكن أن تكون للمادة كلها القدرة على التفكير " بمعنى أراد الإفصاح التمهيدي غير المعلن عن ولادة مصطلح مذهب "وحدة الوجود" الذي تبلوّر لاحقا لدى اسبينوزا وهيجل في تقريبه من الصوفية الدينية وتقريبه من الميتافيزيقا بشكل عام. وتعتبر الإرهاصة الاولى لهذا المبدأ كان في الفرقة الدينية الانجليزية المؤلهة "الربوبية" التي رأت أهمية التوحيد المستمد من نظام الطبيعة الإعجازي الذي وصفه فولتير أنه سبب كاف يقودنا التسليم بالإيمان الديني في وجود الخالق.ويذهب وليم رايت في كتابه تاريخ الفلسفة الحديثة إن هذا المصطلح وحدة الوجود يعود بالأصل الى تولاند الذي وصفه رايت بالساذج قوله " العقل وظيفة لنشاط  المخ التي تناسب دينه الطبيعي بما أسماه وحدة الوجود وهي عبارة إستمدها منه سبينوزا وهيجل."1

فولتير والمؤلهة

ينسب لفولتير أنه بعد مكوثه لاجئا ثلاث سنوات في بريطانيا هربا من ملاحقة السلطة الفرنسية وقتذاك تأثر بمذهب المؤلفة الطبيعيين الانجليز الذين لا يؤمنون بالتثليث، وكان رأي فولتير واضحا "أن هناك نظاما كافيا في الطبيعة يؤدي بنا، كما سبق لنيوتن قال به، الى الايمان بالله، وبعد فترة آمن فولتير أن المادة أزلية مثل ازلية الله"2، لكن ما يؤخذ على فولتير تفسيره السطحي لحادثة زلزال لشبونة 1775 قوله "الله قدرة محدودة،"3، وبهذا المعنى الدوغماتي الإفتعالي حاول تبرير وجود الشرور بالارض خارج مسؤولية وقدرات الخالق إمكانيته درء أخطارها عن البشر. وسخر من مقولة لايبنتيز أننا نعيش أفضل العوالم.

تعقيب توضيحي نقدي

- ليس من المتاح ولا المبرر الخلط بين تفسيرين، أحدهما الايمان الديني الذي يقول لاعلاقة للخالق بحدوث الشرور التي تحدث للانسان على الارض، ومثال ذلك زلزال لشبونة الذي لم يتدخل الخالق في درء كارثيته البشرية. وذهب تبرير رجال الدين الكاثوليك وقتذاك لهذا الحادث المروّع أن المسؤولية تقع على عاتق السكان الذين بنوا بيوتا متهالكة لم يحسبوا حساب مثل هذه الكوارث. بينما التفسير المتوازن الذي يقبله العقل والايمان معا أن لا دخل ينسب للخالق أنه يتدخل في شؤون الانسان لا الدنيوية الخيرية منها ولا الشرّيرة الدنيوية ايضا، فقد أغنى الخالق نفسه عن مثل هذه الأمور في تزويده البشر بعقل يسترشدون به في معظم أمور حياتهم ولا يتّكلون على الله حلهّا لهم. فكما أن الخالق لا ينزّل بركاته بسّلة لمن يراه مؤمنا، ويحرم الآخرين منها. أيضا الخالق لا دخل له في أسباب حدوث الشرور التي يقع الانسان البريء ضحيتها كذلك غير مسؤول ولا دخل له أن يغدق خيراته على منتخبين من المؤمنين به ويحرم الفقراء منها. لكن ما لا يمكن الإجابة المنطقية عنه هو أن الظواهر الطبيعية المدّمرة للانسان مثل الزلازل والبراكين والأعاصير والأوبئة لا يستطيع عقل الانسان التنبؤ بها لكي يحتاط ويتجّنب شرورها.

- الملاحظة الثانية يوجد فرق كبير بين نظام الطبيعة الذي تحكمه قوانين طبيعية ثابتة تقوم على تنظيم إعجازي يصعب إدراكه هو فوق العقل حسب تعبير جون لوك من الناحية الإيمانية الدينية التي تقود العقل الانساني الايمان بوجود الخالق المنّظم لمثل هذا الإعجاز في الطبيعة. وهذا ينافي مقولة فولتير الخالق عاجز عن التدخل في شؤون الحياة الانسانية لأنه محدود القدرة، لا في درء الأخطار عن البشر ولا في توفير كل رغائبهم الدنيوية بكل يسر وسهولة، وبذلك ينتفي دور العقل عند الانسان كما تنتفي عنده إرادة صنعه الحياة التي يعيشها والتّغلب على مصاعبها، في نزعتي الخير والشر وبالتالي تكون معيارية ما يرضي الخالق لا معنى لها. كون كل ما يعجز الانسان الحصول عليه ينزّله الخالق بوسائله الإعجازية وهو محال.

-  مذهب وحدة الوجود الذي يرى في جميع مخلوقات الطبيعة وكائناتها ومكوناتها وظواهرها هي (جوهرا) واحدا يمكنه التفكير بكليتّه الجمعية كما في عبارة جون لوك المادة لها قدرة التفكير كونها تمثل جوهرا تابعا أكبر منها يستوعبها ويمنحها بعض خصائصه الصفاتية والماهوية، كلام عار عن الصحة ولا يمكن الأخذ به. فالطبيعة ليست جوهرا يستمد خصائصه المادية من جوهر خالقها الله الذي لا يمتلك خصائص مادية يدركها العقل ولا حتى حاسّة مافوق العقل. فالطبيعة المادية بما فيها الانسان موجودات لا تحمل أيّا من خصائص الجوهر الإلهي بذاتها وحقيقتها، الخالق لا يوزّع صفاته على موجودات طبيعية كي يدركها العقل و يستطيع إدراك خالقها بدلالتها.

ولو تطابقت الصفات الماهوية في المادة وموجودات الطبيعة مع الصفات الالهية للخالق، لأصبح من غير المتّعذر إدراك العقل المحدود إدراك المطلق الإلهي بنفس آلية ادراكه موجودات الطبيعة المادية التي تحمل الصفات الجوهرية الإلهية.

ولكي نزيل الإلتباس الذي يحاول مساواة الإعجاز في نظام الطبيعة التي تقوم على قوانين ثابتة مع صفات الموجودات والاشياء المستقلة التي تحمل خصائصها الصفاتية المدركة عقليا. وهذا يجعل من فجاجة "تولاند" أنه أصبح للمادة - وليس لنظام الطبيعة - إمكانية تفكير عقلي مرتبط بعقل كليّ يسيّره في أبسط وأعقد قضاياه ذلك هو الجوهر التي تتوزعه المادة في تنوّعاتها الطبيعية.حين ندّعي إمكانية إدراكنا بعضا من صفات الذات الإلهية في موجودات الطبيعة المادية هذا يبيح لنا إمكانية إدراك الخالق بمجمله كجوهر بنفس آلية إدراكنا بعض صفاته.. مابين الشارحتين لكاتب المقال.

- القوانين الطبيعية الثابتة التي تحكم الانسان والكائنات معها هي قوانين ثابتة زرعها الخالق في الطبيعة بنظام معجز يتّعذّر إدراكه العقلي المحدود وليس قدرة الخالق المحدودة كما ذهب له فولتير بشطحة تفكير. هذه القوانين الثابتة لا تدخل مع الطبيعة بعلاقة جدلية معها في ألتأثير وألتأثر المتبادل كونها ثابتة لا تتغير، وإنما الذي يدخل بجدل تفاعلي وثيق هو علاقة الانسان بالطبيعة وليس علاقة الطبيعة بذاتها وعلاقة الانسان بذاته. الجدل يجري في تضاد متجانس نوعيا. الجدل يجري بين متضادين تجمعهما المجانسة النوعية الواحدة داخل تكوين الشيء أو داخل تكوين الظاهرة، فكيف نبرر تداخل الانسان جدليا مع موجودات الطبيعة وهما مختلفين في المجانسة الواحدة؟

هنا يؤخذ الجدل بين الانسان والطبيعة في علاقة الفكرالعقلي بالمادة غير العاقلة التي هي علاقة جدلية على مستوى الفكر الذي نستطيع القول أنه غير مادي في مجانسة تجريد الفكر مع المادة. فالجدل الذي يحكم تطور المادة هو جدل يعمل داخلها ويعمل خارج رغبة الانسان كقانون يحمل كامل الإستقلالية، لكن جدلية الفكر الانساني مع الطبيعة المادية تتم وفق علاقة تحكم كيف يستطيع الفكر الانساني إدراكه قوانين الطبيعة من جهة، وسعيه إمكانية تحقيق فائدته من هذه العلاقة في تسخير ما تجود به الطبيعة للانسان الاستفادة منه في إدامة حياته.

حين نقول جدل نعني به تناقض داخل مجانسة نوعية لشيء واحد أو ظاهرة مادية واحدة. لذا حين نقول الانسان يدخل في علاقة جدلية مع الطبيعة وهما فاقدي المجانسة النوعية كليهما، فهذا النوع من الجدل لا يقود الى تطور يستحدث مركب ثالث نتيجة جدل علاقة الانسان بالطبيعة، ربما يتطور الانسان ويتكيّف بفعل تأثير قوانين الطبيعة الثابتة لكن رغبة الانسان تغيير ثبات تلك القوانين محاولة عبثية لا معنى لها.

إننا نقع بخطأ كبير حين نعتبر علاقة الانسان الجدلية مع موجودات الطبيعة هي علاقة المجانسة بالنوع. بل هي علاقة الفكر بالمادة، فالانسان علاقته الجدليّة بالطبيعة ليست علاقة ديالكتيك في المجانسة النوعية، بل تبقى تلك الجدلية بين الانسان والطبيعة عملية تعالي الانسان فوق الطبيعة بالفكر والعقل وفي تمايزه بالعديد من الصفات عن الطبيعة، واذا إفترضنا خطأ أن جدل الإنسان الفكري المجرّد مع الطبيعة يجعل من الانسان جزءا من الطبيعة كتكوين مادي منها عندها لا يمكن أن نقول عن الانسان أنه شجرة أو قرد يتبع في وجوده الطبيعة كجزء منها وليس جوهرا قائما بذاته منفصلا عنها.. ولا الحيوان أو النبات يمتلكان قابلية الدخول في جدل تطوري مع الطبيعة. النبات والحيوان غير المتكيّف مع الطبيعة يندثر وينقرض، لذا الانسان في الوقت الذي يتكيّف في العديد من الامور مع الطبيعة لكنه لا يفقد رغبة الإحتدام والصراع معها في تطيعه بعض ما يراه مناسبا لخدمته.

من الأمور المسّلم بها بديهيا أن جميع مكونات الطبيعة المادية لا تعقل القوانين الطبيعية التي تحكمها بإستثناء الانسان فهو يعي القوانين الطبيعية العامة التي تحكم الطبيعة والانسان معا.. كما أن نظام الطبيعة الإعجازي الذي ينتظم الطبيعة هي الأخرى لا تعقل سيطرتها على الطبيعة، ما عدا ما يعقله الانسان منها في عدم إدراكه لمعظمها وكيف تعمل . فما يعقله الانسان من العالم الموجود الطبيعي لا يتعدى 5% فقط من النسبة المئوية 90% الذي يجهله عنها. لذا يكون أي إفتراض إعجازي أن قوانين الطبيعة تمتلك قابلية الإدراك المفكر أنها هي التي تقود الطبيعة بدراية منها أو عدم دراية  محض هراء.

- تشبيه فولتير أزلية المادة هي ذاتها أزلية الخالق تعبير غير دقيق، فلا يمكن للعقل الانساني خاصّة الإيماني إعتبار أزلية المادة هي من أزلية الخالق بمعنى مساواة الخالق بمخلوقه حتى على صعيد توزيع الصفات الإلهية كجوهر كليّاني غير مدرك للعقل إلا في موجودات الطبيعة فقط. وحتى هذا التجزيء محذور تحققه، كون جميع صفات مكونات الطبيعة هي صفات لا تجانس الجوهر الصفاتي للخالق.

هنا نؤكد مسألة سبق لنا ذكرها هي أن صفات المادة التي يدركها الانسان في الطبيعة هي غير النظام الإعجازي الذي يحكمها بقوانين طبيعية ثابتة خارجة عن ارادتها وارادة الانسان معها ايضا. ولا تعتبر تلك القوانين من خصائص المادة ولا هي من خصائص خالقها أيضا،فالذي يدركه عقل الانسان من عالم الطبيعة هو ماسبق له أن إكتسبه خبرة مخزّنة بالذاكرة، لذا العقل لا يستطيع إدراك شيئ لم يسبق أن كوّن له فكرة معرفية مخزونة عنه. مثال ذلك هل بمكنة وقدرة عقل مزارع يعمل في حقل الزراعة طيلة حياته يمكنه إدراك عقليا ويتصور بذهنه كيف يتم إطلاق صاروخ بالفضاء.؟ صفات المادة بالطبيعة تختلف كليّة من حيث الإدراك العقلي لنظام الطبيعة في قوانينها. وهي قوانين لا تسري على إستيلاد فرضية خادعة أن المادة بصفاتها المدركة أصبحت جزءا من أزلية الخالق.

- النظام الإلهي المتحكم في ألطبيعة هو الذي يعطي الإيمان الروحي الذي لا يمكن التحقق الإدراكي العقلي له، فالمادة وجود كيفي غير متجانس بالخالق لا بالصفات ولا بالجوهر، لذا من اليسير على العقل إدراكها لأنها خبرة متراكمة على شكل تصوّرات تتماشى مع خصائص العقل الانساني، ولا تتماشى مع ما لا يمكن للعقل إدراكه الذي ينطبق عليه مقولة جون لوك إدراك "مافوق العقل" بمعنى التسليم بالإيمان غير المدرك عقليا.

ازلية المادة وازلية الخالق

الحقيقة الازلية التي يراها سبينوزا في وحدة الوجود هي الجوهر الذي لا يمكن تصوره من خلال الزمان، عليه يترتب حسب إجتهادنا أن الحقيقة الأزلية لكل شيء تطاله صفة اللاتناهي الوجودي غير المحدود، إنما يكون هو المرادف لمعنى الزمن. وما لا يحتويه الزمن ونعرفه بدلالته لا يكتسب صفة الأزلية خارج الزمن. الازل وجود يعرف بدلالة ازلية الزمن له. والزمن يدرك بازلية الخالق له.

يعتبر سبينوزا الجوهر موجود بالضرورة والذي يقصده هو "الخالق"، أي أن الوجود ينتمي لطبيعة الجوهر بشكل تجريدي منفصل، بمعنى المادة وكل موجود مادي لا يحتوي جوهرا مستمدا من الخالق، فالجوهر غير مخلوق بالنسبة للانسان والطبيعة، فأنت لا يمكنك القول الخالق لكل شيء بالطبيعة وخالق الانسان هو مخلوق. عليه لا يمكن أن يكون الوجود لاشيء حقيقي في تبعيته لجوهر الخالق غير المدرك. فإما أن يكون الجوهر حقيقة بدلالة الوجود، وهو تصّور خاطيء، أو يكون الوجود حقيقة بدلالة الجوهر وهو الصحيح المقبول كوننا أحلنا الوجود المخلوق الى الجوهر الخالق غير المدرك..

كيف لنا توضيح عبارة سبينوزا الجوهر موجود بالضرورة . هنا أراد سبينوزا التلميح الى أن الجوهر خالق غير مخلوق ويستمد أزليته خارج زمن وحدة الوجود الذي يحكم الطبيعة. فكل جوهر لا ندركه، هو جوهر صفاتي لذات إلهية لا ندركها بمحدودية إدراكنا العقلي. وأن تكون الجواهر ملازمة ضرورية للوجود في الدلالة على موجوداته وليس في حلول جوهر بها. الوجود نفهمه وندركه بدلالة الجوهر وهو الصحيح ولا ندرك الجوهر بدلالة الوجود وهو الخطأ الذي دام قرونا طويلة قبل إنبثاق فلسفة الجوهرفي وحدة الوجود عند سبينوزا. فهي بهذا المعنى جواهر لا يمكن التحقق منها بدلالة موجودات لا تحتويها.

قد يبدو مفارقة لم يسبق أن قال بها أحد قولنا أن الوجود في حقيقته كاملا لا جوهر له موزّعا في موجوداته يتداخل بها وجودا تكوينيا بل  الوجود يفهم بدلالة جوهر خالد أزلي غير مدرك يحايث الوجود ولا يداخله، هو جوهر خالق غير مخلوق محايث للطبيعة والانسان خارج مدركي المكان والزمان. وفي هذا أزلية الخالق خارج أزلية المادة ولا رابط بينهما كما فعل فولتير، وكلاهما خارج مدركاتنا التصورية عنهما. ربما يكون لنا عودة لهذا الموضوع، لذا أجد لمن يرغب مزيدا من التوضيح مراجعة مقالتي المنشورتين على موقع المثقف هما (الجوهر: سجالات فلسفية) والثاني (سبينوزا  جوهر وحدة الوجود).

 

علي محمد اليوسف /الموصل

..........................

هوامش:

1- وليم رايت تاريخ الفلسفة، ت محمود سيد احمد، تقديم ومراجعة امام عبد الفتاح امام ص 231

2- نفسه ص 234

3- نفسه ص 234

 

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم