صحيفة المثقف

صندوق النقد الدولي وفائض الطماطم

نبيل عرابييزخر أدبنا العربي، بقديمه وحديثه، بمآثر تعتمد الاسلوب الغير مباشر في نقدها للمجتمع وللسلطة الحاكمة، تندرج تحت عنوان (الأدب الساخر). هناك أسماء لامعة جداً في هذا المضمار. وكلّ أديب اعتمد أسلوباً حاول من خلاله إيصال أفكاره وآرائه متراوحاً بين الجدّ والهزل، ومعتمداً الأمثلة الخرافية حيناً وابتكار شخصيات رمزية حيناً آخر.

ومن الأدباء المعاصرين الذين استطاعوا إثبات قدرتهم، وحضورهم الجريء في هذا الميدان، الكاتب الساخر والشاعر الأردني باسل طلوزي (مواليد العام 1960)، الذي عمل محرراً في صحف يومية وأسبوعية وهو عضو رابطة اتّحاد الكتّاب الأردنيين واتّحاد الكتّاب العرب.

له إصدارات شعرية ونثرية منها:

- ما وراء العذاب. شعر 1981

- بقية المنفى. شعر 1985

- نشيد للمرأة العابرة. شعر 1992

- الثانية عشرة إلا أنت. 1997

وقد اخترت نموذجاً من نتاجه الساخر، والذي يحمل عنوان (فائض طماطم)،  نُشر في صحيفة "العربي الجديد" التي تصدر في لندن، بتاريخ 22/حزيران/2017، العدد 1025، حيث يكثر الحديث في هذه الأيام، عن صندوق النقد الدولي، والحل الذي يمكن أن يقدمه للبنان كي ينهض من كبوته، ويستعيد عافيته على الصعيد الإقتصادي، والمرتبط بدون أدنى شك بكل نواحي الحياة للمواطن الذي يدفع الثمن دوماً مع كل حلول مقترحة.

يقول الكاتب في بداية نصّه:

لم يكن الزعيم معنيّاً باعتصامات منظمات حقوق الإنسان الدولية، حول سفارات بلاده في الخارج، إحتجاجاً على اعتقال المعارض (فرج)، المُضرب عن الطعام في زنزانته منذ شهر، فمثل هذه الإعتصامات لا تحرك فيه أي عصب، غير أن جلّ ما كان يهمه البحث عن وسيلة لتحقيق أي فائض مالي في بلاده، يستطيع عبره الحصول على قرض جديد من صندوق النقد الدولي، الذي اتخذ قراراً بوقف القروض إلى بلده، لأنه لم يعد قادراً على السداد.

ويتابع بأسلوبه اللاذع:

طلب الزعيم من مستشاريه إيجاد حلول لهذا المأزق الذي يعني وقف القروض التي يصب معظمها، آخر المطاف، في رصيده الشخصي، فسارع هؤلاء إلى عقد إجتماعات مضنية، بحثاً عن حل يقنع صندوق النقد، لكن دون جدوى.

وبالتأكيد فإن الحل الذي يريده الزعيم لا بدّ أن يُبصر النور، فيكمل:

وفي غمرة الكآبة التي استبدت بالزعيم، جراء هذا المأزق الذي سيخفض من أرقام أرصدته البنكية، خطر في ذهنه المعارض (فرج)، فلمعت في ذهنه فكرة لا تخطر على ذهن الشيطان، وسرعان ما استدعى مدير السجن الذي ينزل فيه فرج، وسأله:"ماذا كنتم تطعمون هذا اللعين فرج يومياً قبل أن يبدأ إضرابه منذ شهر"؟

أجاب المدير مرتجفاً:"حبة طماطم يا سيدي".

إبتسم الزعيم وبرقت لذة الإنتصار في عينيه، والتي تعاظمت في أول إجتماع جديد مع مدير صندوق النقد الدولي، خصوصاً وهو يقدم له تقريراًعن تحقيق فائض قدره "30 حبة طماطم شهرياً".

 

نبيل عرابي

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم