صحيفة المثقف

العقاد منار سامق..!!!

يسري عبد الغنياستاذنا عملاق الفكر والادب العربي / عباس محمود العقاد -على حد قول أستاذتنا الدكتورة / نعمات أحمد فؤاد - رحمها المولى - بأسلوبها الرائق الشائق - هاديًا كالشعاع، عاليًا كالمنار السامق، وارفًا كالظل الظليل الوارف، زاخرًا كالنهر العذب المتجدد المعطاء، عميقًا كالبحر بكنه أسراره، حاليًا كالروض الندي العطر، رحبًا كالأفق المترامي، خصيبًا كالوادي الخصيب، مترفعًا كالنسر المحلق الفتي، مهيبًا كالعلم الجامع الشامل .

كان أستاذنا العقاد عنيدًا كالجبروت من أجل الحق والخير والجمال، لا يرجو ولا يخشى في الحق لومة لائم، إذا تكلم أسمع الجميع، وإذا حاجى أقنع قوي الحجة، وإذا عاد أفحم وهزم وفاز، كثير بنفسه وبعلمه وثقافته وفكره، سلاحه لا يفل، وقصبته لا تلين، عزمه لا يكل ولا يفتر، صبره لا يمل لأنه دون حدود، وجده لا يفتر لأنه طاقة رافدة، طاقة لا تعرف النضوب، كأن وراءها مددًا يرفدها من سر الخلود أو من روح المولى جل علاه .

لقد عاش العقاد حياة أدبية وفكرية خصبة فتية، وحياة كبرى لا تعرف إلا الأمور الجادة، وتنأى عن الصغائر والتفاهات ...

عزف في حياته عن الزواج، وكأنه منذور للمعبد، معبد الفكر والفن والأدب، معبد الكلمة السامقة الجادة المعلمة ...

ويحاول البعض أن يرجع عدم زواج الأستاذ / العقاد إلى أسباب متنوعة، منها تجاربه العاطفية الفاشلة، وبالطبع الله أعلم بالقلوب والمشاعر ولكل امرئ الحرية التامة والكاملة في حياته الاجتماعية يشكلها كما يحلو له، يعيش دون زواج أو بزواج، وإن كان من الأفضل اجتماعيًا أن يتزوج المرء، إلا أننا نؤكد أن العقاد رجل نذر نفسه وحياته للفكر والعلم والأدب والفن والكلمة الراقية البناءة المحترمة ...

وهب نفسه للكتابة والإبداع، فما كان منهما إلا وأن وهب أنفسهما لراهب الفكر والأدب أستاذنا / عباس محمود العقاد ... الكتابة هي صاحبته، هي ابنه هي ابنته، التي وفى لها أعظم وأنبل الوفاء، لا يكاد يخلو إلى نفسه أو إلى الناس إلا وهو على موعد دائم معها، يعود إليها في الموعد المحدد، تنتظره لأنها تعرف أنه ولا بد أن يأتي لها ...

 

بقلم: د. يسري عبد الغني

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم