صحيفة المثقف

الدولة المصرية وتحديات التحول الرقمي

محمود محمد علييعد التحول الرقمي من أبرز الملفات التي طرحتها الدولة المصرية بهدف تقديم خدمات متميزة للمواطنين من خلال معاملات الكترونية والتي تُسهم في القضاء على الفساد، من خلال مشروع التحول لمجتمع رقمي يهدف إلى إتاحة الخدمات الرقمية بطرق بسيطة، وتكلفة ملائمة في أي وقت وأي مكان لجميع المؤسسات والمواطنين، من خلال تطوير منظومة رقمية متكاملة مؤمنة على المستوى القومي، وكذلك تحفيز الصناعات الرقمية من خلال جذب الاستثمارات الأجنبية، وخلق فرص عمل عن طريق دعم وتنمية الصناعة الرقمية والإبداع التكنولوجي، وإنشاء ممر مصر الرقمي لضمان تحقيق الاستغلال الأمثل لموقع مصر الجغرافي لتصبح مركزًا عالميًا لخدمات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات .

ويعد أمن المعلومات أحد أهم العوامل لضمان تحقيق هذا التحول وتعزيز منظومة الشمول المالي، والتي تعمل عليها الحكومة حاليًا، وسيكون هناك دور لكل وزارة في هذا الملف وذلك تنفيذًا لبرنامج مصر تنطلق  لتحقيق غد أفضل ؛ كما يعد أمن المعلومات أحد أهم العوامل لضمان تحقيق هذا التحول وتعزيز منظومة الشمول المالي، والتي تعمل عليها الحكومة حاليًا، وسيكون هناك دور لكل وزارة في هذا الملف وذلك تنفيذًا لبرنامج "مصر تنطلق" لتحقيق غد أفضل.

فلا شك في أن التحول من المعاملات الورقية إلى المعاملات الإلكترونية تطور عام، وقد نهجته دول العالم من زمن بعيد، فالتحول الرقمي سوف يوفر الوقت والجهد، هذا بالإضافة إلى أنه رادع رئيسي للفساد"، مضيفًا أن هذا التحول "سوف يقضي على البيروقراطية، مما يحدث معدلات رضا لدى المواطنين، لأن الخدمة سوف تتم دون أي عواقب وفي أسرع وقت".

كما أن تنفيذ ذلك يوجب الاهتمام بالبنية التحتية وشبكة المعلومات ونظم التأمين، مؤكدًا أن مصر تمتلك خبرات في ذلك المجال، هذا بالإضافة إلى تعميم هذا النظام على كل الجهات الحكومية.

ولذلك وجدنا في المؤتمر الوطني السابع للشباب بجمهورية مصر العربية، والذي انطلقت فعاليات بدورته السابعة تحت شعار (ابدع.. انطلق)، والذي عقد في العاصمة الإدارية الجديدة، أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن مصر مقبله خلال النصف الثاني من 2020 م علي التطبيق الخاصة للتحول الرقمي لكل منظومة الدولة، وأن مصر أضحت لديها استراتيجية رقمية وطنية تم تنفيذها من خلال خطط تنفيذية تستند على عدد من الركائز أهمها: تطوير البنية التحتية التي تعد صميم هذه الاستراتيجية؛ من خلال التوسع في نشر التغطية، وزيادة سرعة خدمات الإنترنت، وزيادة عدد المواقع التي يتم تغطيتها بشبكات الألياف الضوئية، حيث تم البدء بتنفيذ هذا المشروع في المدارس، مع العمل بالتوازي على زيادة نسبة النفاذ إلى الإنترنت سواء عبر الكابلات أو المحمول والقمر الصناعي.

ولا شك في أن توفير الخدمات الحكومية من خلال منصة رقمية موحدة، يعد أحد أهم ركائز استراتيجية التحول الرقمي مع العمل على تنفيذ البرامج التي تهدف إلى مواجهة تحديات الأمية الرقمية، لا سيما في المناطق الريفية والنائية؛ حيث يتم توفير الخدمات الحكومية الرقمية من خلال مراكز الاتصال والتطبيقات المحمولة، وتقديم منصة رقمية واحدة للخدمات الحكومية مع خيارات مختلفة للمواطنين للحصول على الخدمة.

علاوة علي أن أهمية عنصر بناء القدرات للشباب في إطار المساهمة في تنفيذ استراتيجية الدولة لبناء الانسان المصري؛ حيث يتم تنفيذ العديد من البرامج التي تهدف إلى زيادة عدد الشباب المُدرب على مختلف تخصصات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.

وقد صرح عمرو طلعت وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات المصري، إن وزارته تسعي الآن لتنفيذ استراتيجية تعتمد على 4 محاور رئيسية لمواكبة عصر الثورة الصناعية الرابعة اعتمادا على التحول الرقمي. وأضاف الوزير خلال مؤتمر "قمة صحوة العقول"، اليوم الأحد، أن أول محاور هذه الاستراتيجية هو بناء الإنسان من خلال تدريبه على استخدام تكنولوجيا المعلومات سواء كان متخصصا أو لا، وذلك من خلال عدد من المبادرات وذلك لتأهيل جيل جديد قادر على التعامل مع التكنولوجيا. وأضاف أن المحور الثاني هو التحول الرقمي، حيث لدى مصر خطة لتقديم الخدمات الحكومية من خلال منظومة رقمية بداية من محافظة بورسعيد بداية من منتصف العام الجاري وبعد ذلك يتم تعميمها في مختلف المحافظات. ويساعد التحول الرقمي على تحقيق الحوكمة وترشيد النفقات، ويرتبط بتحقيق الشمول المالي، بحسب ما قاله وزير الاتصالات.

والآن في 2021 تستعد مصر لإسدال الستار على المعاملات الورقية التقليدية التى دامت قروناً منذ تعريب «الدواوين» فى عصر الدولة الأموية وذلك من خلال تدشين منظومة التحول الرقمى العام المقبل، والتى بموجبها ستودع مصر عقوداً من «التسليم والتسلم» كان فيها "السركى" حاكماً لأى صادر أو وارد من المستندات والمخاطبات بين الجهات الرسمية.

فالتحول الرقمى أصبح من الضروريات بالنسبة للهيئات والحكومات والمؤسسات التى تسعى إلى التطوير وتحسين خدماتها وتسهيل وصولها للمستفيدين، وهو لا يعنى فقط تطبيق التكنولوجيا داخل المؤسسة، بل هو برنامج شمولى كامل يمس المؤسسة، ويمس طريقة وأسلوب عملها داخلياً، ويراقب كيفية تقديم الخدمات للمواطن المستهدف لجعل الخدمات تتم بشكل أسهل وأسرع.

وتعرَّف الخدمة الحكومية الرقمية بانها سلسة من الأنشطة أو الإجراءات أو العمليات التي توفرها جهة حكومية أو من ينوب  عنها في تقديمها، لتلبية احتياجات المستفيدين بصورة متكاملة رقميا عبر قنوات موحدة لتقديمها بشكل تفاعلي، و هي بذلك تعود بالفائدة على جميع شرائح المجتمع (المستفيدين) بحيث تشمل:

أ- المواطنين: توفير حياة افضل من خلال توفير الوقت و الجهد و المال للمواطنين، وتسهيل الوصول للبيانات لرفع المشاركة المجتمعية و الاستفادة منها.

ب- المستثمرين: تشجيع الاستثمار في مصر و جذب مستثمرين جدد من خلال تبسيط وتسهيل الإجراءات، و توفير بنية تحتية متينة.

ج- المقيمين والسياح : تسهيل الإجراءات لتوفير حياه أفضل لهم

د- الجهات الحكومية: الشفافية ورفع الكفاءة وزيادة الإنتاجية، بالإضافة إلى مشاركة البيانات التي تسهم في التنمية الاقتصادية.

ولضمان نجاح الاستراتيجية لا بد من وجود حوكمة مؤسسية E-Governorance  ممنهجة ومتينة وذلك بإيضاح ادوار والية التشارك مع جميع المستفيدين لضمان  المضي قدما في عملية التحول الرقمي الفعال للجهات   الحكومية وخدماتها، وبناء عليه تمت صياغة الحوكمة المؤسسية لتكون على ثلاثة مستويات او مراحل متعاقبة بشكل دوري وهي: (التخطيط،  والتنفيذ، والمراقبة والتقييم) .

ونعلم يقينا ان هناك  العديد من  التحديات والعوائق التي تعرقل عملية التحول الرقمي داخل المؤسسات والشركات منها نقص الكفاءات والقدرات المتمكنة داخل المؤسسة والقادرة على قيادة برامج التحول الرقمي والتغيير داخل المؤسسة، كما أن نقص الميزاينات المرصودة لهذه البرامج تحد من نموها، علاوة على التخوف من مخاطر أمن المعلومات كنتيجة لاستخدام الوسائل والوسائط الإلكترونية  يعتبر أحد أكبر العوائق خصوصا إذا كانت الأصول ذات قيمة عالية.  هذا بجانب ضرورة رفع ثقافة المواطن التكنولوجية، واستحداث منبر لنشر ثقافة  الامن المعلوماتي والتعامل السليم مع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات" .

إن المجتمع الرقمي هو المجتمع الحديث المتطور الذي يتشكل نتيجة لاعتماد ودمج تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في المنزل والعمل والتعليم والترفيه والصحة والصناعة وغيرها، ولا تنفصل في هذا المجتمع الثقافة والتجارة، وهو مجتمع ينمو ويزدهر اقتصاديًا إذا توفرت لمواطنيه الحرية والأمن وحماية الحقوق، ولاشك أن حرص الحكومة على التحول لمجتمع رقمي يحتاج لآليات متمثلة في الشمول  المالي والحكومة الالكترونية والحوكمة والاقتصاد غير النقدي، وتوافر بيانات ومعلومات صحيحة ودقيقة عن المواطنين، سواء عن الاستهلاك والدخل والتعداد السكاني والطلب والعرض على السلع والخدمات في السوق، وغيرها من المؤشرات الاقتصادية والسياسية.

إن الاستراتيجية الوطنية المصرية للتحول الرقمي تهدف إلى تأسيس اقتصاد رقمي يمكن الأفراد والقطاعات والشركات من رفع الإنتاجية وضمان النمو والازدهار، وخلق مكان تجاري محفز لاستقطاب  كم هائل من الاستثمارات والشراكات الدولية .

وتتضمن رؤية التحول الرقمي التطور الخاص بالخدمات الحكومية التى تقدم عن طريق الإنترنت كقطاع التعليم والتأمين الصحي والشمول المالي، وتعد مصر أول دولة على مستوى الشرق الأوسط وأفريقيا والمستوى العربي يكون لها استراتيجية خاصة بالتحول الرقمى والتجارة الإلكترونية.

ولتمكين ذلك ينبغي التأكيد على سهولة وسرعة وكفاءة تقديم الخدمات الحكومية من خلال رحلة التحول الرقمي للجهات الحكومية وذلك بغية تبسيط الإجراءات لتمكين الافراد والشركات من انشاء وتنمية مشاريعهم الاستثمارية بيسر وسلاسة .

وفي ضوء ذلك يجب ان تسعى وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات المصرية لعقد ورش عمل و مجموعة من جلسات العصف الذهني مع الجهات الحكومية وممثلي المجتمع المدني و القطاع الخاص وبالتعاون مع المنظمات الدولية، بالإضافة إلى دراسة التقارير الدولية ذات العلاقة بالحكومة الإلكترونية؛ ولاسيما مسح الأمم المتحدة للحكومات الإلكترونية، وعمل مقارية معيارية مع الدول المجاورة، وذلك من أجل صياغة الأهداف الاستراتيجية والمحاور الاساسية التي يتوجب على الحكومة تبنيها لتحقيق التحول الرقمي الفعلي للخدمات الحكومية.

وختاما أقول: علينا جميعا ان نسعى الى تضافر كافة الجهود لتحتل مصر مكانتها اللائقة على كوكب الأرض، بما يليق بحضارتها وتميز شعبها وقيادتها.

 

د. محمود محمد علي

رئيس قسم الفلسفة وعضو مركز دراسات المستقبل بجامعة أسيوط.

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم