صحيفة المثقف

شهر العسل بوجهة نظر حقوقية

نيران العبيدييقال شهر العسل سمي بهذا الأسم بسبب عادة بابلية قديمة يقوم فيها ابو العروس تقديم الجعة لزوج ابنته المخلوطة بالعسل لمدة شهر قمري كامل.

وهناك من يقول الرومان القدماء كانوا يقدمون كوب الماء المخلوط بالعسل الابيض للعريس لمدة شهر اعتقادا منهم العسل يزيد خصوبة الرجل .

عادة اهالي بغداد سابقاً الذهاب الى البصرة بعد يوم الزفاف لقضاء شهر العسل هناك والاستمتاع باجواء البصرة المنفتحة على شط العرب والكازينوهونات الكثيرة في جزيرة السندباد اضافة لفنادقها الراقية وحسن ضيافة اهلها .

غنت مائدة نزهت اغنيتها الشهير الليلة حنتهم وللبصرة زفتهم وعادة ما يكون الذهاب للبصرة لقضاء شهر العسل بحجز غرفة نوم خاصة بقطار بغداد البصرة ليلاً .

البعض من العراقيين يذهب الى مصايف الشمال لقضاء شهر العسل وبعد الحرب العراقية الايرانية ولقصر فترة الاجازة للشباب المجند اختصر شهر العسل على ايام معدودة بجزيرة أم الخنازير ببغداد او مجمع الحبانية.

اليوم اعرض لكم شهر عسل غريب عن مسامعكم نحن نتداولها بتشخص حالة تمر بها النساء المعنفات .

عادةً العنف الأسري يكون على شكل حلقة دائرية من الاضطهاد يمر بعنف ومن ثم هدوء وعنف مرة اخرى.

هذه الحلقة تبدأ عندما يستعمل الزوج يده ضد زوجته، او الأبن الكبير يده ضد أمه واخواته بعد ثورة غضب عارمة تنتهي بالضرب والسحل وجر الشعر للضحية بيده او استعمال جسم الجريمة او سلاح الجريمة، السلاح هنا ليس بالضرور آلة حادة او سكين قد يضرب الشخص الضحية بالحذاء او الحزام او اي شيء يقع تحت يده، هذا الشيء يُحرز وينقل مع التصوير للقضاء في حالة طلب النجدة من السلطات المختصة .

الرجل الذي يستعمل العنف بعد يوم او يومين يشعر بالندم ويعتذر من الضحية واحيان كثيرة يطلب المغفرة ويعطي وعداً بعدم تكرار ذلك .

الكثير من الزوجات والأمهات تصدق هذا الوعد وتغفر من اجل سلامة العائلة وعدم تفككها، تمر الأيام بهدوء بعد تلك العاصفة، لكنه الهدوء الذي يسبق العاصفة وبعد فترة تطول اوتقصر حسب كمية الغضب التي يحملها الشخص . تعيش الضحية الزوجة او الأم او الأخت بهذه الفترة، اجواء حالمة من السعادة متأملة انها الضربة الآخيرة، الفترة ما بين تلقي الضربة الأولى وقبل الثانية نسميها شهر العسل .

بعد انتهاء فترة شهر العسل يكون قد مرّ وقت قليل او كثير ويكون الشخص الذي يعنف الآخر قد تناسى فعلته الأولى حتى لحظات الندم، ويبدأ بالشعور بالغضب لاسباب يختلقها هو بمخيلته او صحيحة مرة اخرى واذا به على حين غرة ينسى وعوده بعدم تكرار فعلته فيفعلها ويستعمل يده ويضرب مرة اخرى وبقسوة اكثر من سابقتها ثائراً على نفسه التي تكره الاخر وعلى الضحية المتنفس النفسي الوحيد لامتصاص غضبه .

بالعراق الاهل والاقارب يحاولون السكوت عن هذه الحالة واعتبارها اسرار عائلية لايجوز البوح بها لكن هناك مبدا قانوني معروف او فلسفة قانونية معروفة تقول: (لو فلتَ الجاني من فعلته ِلفعلها مرة اخرى)

من هذه الفلسفة يستمد علم الاجرام والعقاب نظريته بضرورة معاقبة الجاني على فعلته وهذا ما تطرقت له رواية الجريمة والعقاب لدويستوفيسكي بشكل عمل ادبي استمدت شهرتها من هذه النظرية وتطرقت بشكل تفصيلي للمشاعر التي تنتاب الجاني .

في العقاب يمَر الجاني بمراحل عدة اولها مرحلة الأنكار، ينكر الفاعل ان ما قام به يستوجب العقاب، ويشعر بكره شديد للضحية ويلوم الضحية بقرارة نفسه قائلا لولا تصرفها لما فعلت فعلتي بعدها تمتد وتقصر فترة الانكار مع طول فترة العقاب وقسوة وروتين تعامل النظام القضائي مع الجاني .

بعد مرحلة الأنكار يمر الجاني بمرحلة الأعتراف بقرارة نفسه، لو تمالك غضبه ما كان له ان يصل الى هذه المرحلة، وهذه مرحلة يقصدها القضاء لايصال الجاني لهذه النتيجة لكنه لا يعترف بأنه يستاهل ما حل به من عقاب .

بعد فترة من الزمن وبعد ان تفشل جميع محاولاته الأفلات من العقاب يبدأ بتقبل العقوبة كجزاء على فعلته الشنيعة و يبدا الشعور بتعاطف نوعا مع الضحية.

من هنا الجرائم التي نسمع بها هذه الايام في العراق لا امل لخفضها كون الجناة يكررون فعلتهم بسبب افلاتهم من العقاب وعدم وجود قانون وجهاز قضائي صارم .

نرجع لفترة حلقة شهر العسل الذي تمر به الضحية والجاني، الفكر القانوني الصحيح يقول لابد من كسر هذه الحلقة واخراج الضحية من يد الجاني باي شكل من الاشكال ومن ثم ابعادها عن زوجها لبيت ثاني لحين طلب الطلاق او طلب المعونة من السلطات المختصة لمعاقبة الجاني .

هذه الفلسفة مبنية على اسس ضرورية مدروسة ومجربة لمعاقبة الفاعل حتى ولو كان من افراد العائلة .

ولابد من تثقيف المجتمع العراقي بضرورتها حفاظا على حياة المرأة المعنفة او الطفل المعنف او الرجل الكبير السن المعنف من قبل اهله .

اهل الاول قالوها للأم (لا تمدين يدك على ابنك بالضرب لانكِ بعدها لاتستطيعين التوقف) .

الغرب ادرك ضرورة كسر حلقة شهر العسل لبناء مجتمع سليم بعيدا عن العنف المنزلي لا يتهاون ابداَ بأي تعنيف ودائما ما يوصي بكسر حلقة شهرة العسل .

 

الحقوقية: نيران العبيدي - كندا

12 آذار 2021

 

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم