صحيفة المثقف

الماء أحرقني فاطفئيني بلظاك

يحيى السماويوأنا نزيلُ متاهتي العمياءِ

أبحثُ عن خَلاصٍ من ضَلالي

في هُداكْ


 

مُـتـعَـثِّـراً بـخـطـايَ جـئـتُـكِ

هـاربـاً مـنـي إلـيـكِ

دخـلـتُ لـيـلَ الـغـابـةِ الـحـجـريَّـةِ الأشـجـارِ (1)

أبـحـثُ عـنـكِ

لـكـنْ

لـيـس مـن أثـرٍ يـقـودُ إلـيـكِ

فـالـلـيـلُ الـبـهـيـمُ أضـاعَ خـطـوي عـن خُـطـاكْ

*

فـجـلـسـتُ مُـفـتـرشـاً بِـسـاطـاً مـن نـديِّ الـعـشـبِ

مُـسـتـتِـراً بِـبُـردةِ ظُـلـمـةٍ

وغـفـوتُ ..

أيـقـظـنـي هـديـلُ حـمـامـةٍ

فـتـلـبَّـسَـتـنـي رغـبـةُ " الـحَـلاّجِ " يـسـتـجـدي " الـهَـلاكْ (2)

*

وبـقـيَّـةٌ مـن طـيـشِ أمـسـي

أنْ أمُـصَّ نـدى زهـورِ الـلـوزِ فـي الـوادي الـمُـقَـدَّسِ

كـنـتُ مُـنـشَـطِـراً الـى نـصـفـيـنِ

قِـدِّيـسٌ وضِـلِّـيـلٌ

ومـا مـن جـامـعٍ إلآكِ

كـاذِبـةٌ سـمـاواتـي وصـادقـةٌ رُبـاكْ

*

أطـبـقـتُ أجـفـانـي عـلـيـكِ

لـكـي أراكْ

*

أنـثـى عـلـى مـا يـشـتـهـي جـسـدي ..

ومـحـرابـاً عـلـى مـا تـشـتـهـي روحي ..

فـحـيـنـاً نـصـفَ شـيـطـانٍ أراكِ يَـدكُّ إيـمـانـي

وأحـيـانـاً مَـلاكْ

*

فـأنـا صـريـعُـهـمـا معـاً :

جَـسَـدي وروحـي فـي اشْــتِـبـاكْ

*

الـمـاءُ أحْـرَقَـنـي

ومـا مـن مُـطـفِـئٍ إلآ لـظـاكْ

*

مُـتـسـانِـدانِ عـلـيَّ فـي حـرب الـلـذاذةِ والـتـقـى

فـأراكِ بـابـاً مُـسـتـحـيـلاً يُـدخِـلُ الـفـردوسَ

لـكـنْ

لـيـس يـفـتـحُـهُ سِــواكْ

*

وأنـا نـزيـلُ مـتـاهـتـي الـعـمـيـاءِ

أبـحـثُ عـن خَـلاصٍ مـن ضَـلالـي

فـي هُــداكْ

*

حَـيـرانَ بـيـن اثـنـيـنِ أضـحـى مُـسـتـبـاكْ

*

أُدنـي قـطـوفَـكِ مـن يـدَيَّ

أجـوبُ فـيـكِ مـن الـطـبـاقِ الـسـبـعِ أبـعَـدَهـا

ويـحـمـلـنـي بُـراقُ الـحـلـمِ نـحـوَ جِـنـانِ خِـدرِكِ

أسْــتَـدِلُّ الـى ســريـرِكِ مـن شــذاكْ

*

أمـتـارُ مـا وَسِــعَــتْ قـواريـري (3)

وأهـبـطُ مـن سَــمـاكْ

*

طـفـلاً خُـرافِـيـاً

تُـهَـدهِـدُهُ يـداكْ

*

هَـرَبَـتْ مـن الـقـلـمِ الـقـصـيـدةُ

والـنـعـاسُ الـغَـضُّ فـرَّ

وأنـتِ أبـعَـدُ مـن غـزالِ الـحُـلـمِ عـن صـحـوِ الـشِـبـاكْ

*

فـكـأنـنـي مـا كـنـتُ يـومـاً

مُـبـتـغـاكْ

*

وسـريـرَ صـدري مـا احْـتـواكْ

*

وكـأنَّـنـي فـي الأمـسِ لم أُبْـلِ الـبـلاءَ الـحَـسْـنَ

يـومَ غـزوتُ بـالـقُـبُـلاتِ فـاكْ

*

وركَـزْتُ رمـحـي فـي رُبـاكْ

*

" شـامـاتَ " كـنـتِ (4)

وكـنـتُ " أنـكـيـدو " نـديـمَ الـوحـشِ

أنْـسَــنَـنِـي هــواكْ

*

بـيـنـي و" أوروكَ " الـبـحـارُ

ولـيـس مـن ريـحٍ فـتـأخـذ بـالــشــراعِ

ولـم يـعُـدْ كـالأمـسِ بَـحّـاراً فَـتـاكْ

*

الـبـحـرُ لا مـوجٌ ولا ريـحٌ

ولـيـلُ الـغـابـةِ الـحـجـريـةِ الأشـجـارِ وحـشـيٌّ

وأنـتِ الانَ مـن عـيـنـيَّ أبْـعَـدُ مـن هـنـاكْ (5)

*

الـشـمـسُ مُـظـلـمـةٌ بـدونِـكِ

فـادْخـلـي كـهـفـي لأنـهـلَ مـن ســنـاكْ

*

حـتـى دُجـاكِ ـ إذا دخَـلـتِ الـكـهـفَ ـ

سـوفَ يُـضـيءُ ظُـلـمَـةَ غـربـتـي ..

حـتـى دُجـاكْ !

***

 

يحيى السماوي - أديليد

15/3/2021

...............................

(1) الغابة الحجرية الأشجار: هي غابة كثيفة الشجر قريبة من بيتي إعتدت ممارسة رياضة المشي فيها .

(2) إشارة الى ماكان يردده الحلاج في الأسواق: " أيها الناس اقتلوني تؤجروا "

(3) أمتارُ: أتزوّد .

(4) شامات: هي الحسناء التي أغوت الوحش أنكيدو ومكّنته من نفسها فتأنسنَ بعد توحّش .

(5) أبعد من هناك: المعروف أن " هناك " اسم إشارة يدلّ على البعيد أو المتوسط في البعد .. وأنا أردت بهذا التعبير القول: أبعد من البعيد ، أي اللامتناهي في البعد .

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم