صحيفة المثقف

الكون اللقيط!

ظريف حسين- ما الدِّين؟

- هو ارتباطنا بسبب وجودنا، وجعلُنا له نُدين دَيْنا.

- وماذا تعني بالدَيْن؟

- معناه أخلاقي؛ فمن الصواب أن تعترف بالفضل لكل من دانَك في معروف. وهذا يعني أن الدين أساسه أخلاقي بحت.

- ولكن كثيرا من الناس لا يعتقدون بأن هناك سببا معلوما للوجود.

- من الصواب أن تقول إنني لا أعرف السبب علي وجه الدقة، ولكن ليس من المعقول أن تنكر وجود السبب!

- ليست كل الأشياء بسبب، والكون كله من الأشياء التي بلا سبب.

- هذه خرافة العقل: فإذا كان الكون كله هو مجموع الأشياء، وإذا كان لكل شيء سبب، فمن الضروري أن يكون الكون له سبب واحد رجَّح وجودَه علي عدمه.

- لا أصدق.

- دعني أسألك: هل تعتقد بأنك لقيط؟

- لا أعتقد!

ثم إن سؤالك إهانة لي!

- إذن لماذا تصدق أن الكون كله لقيط!

 وحتي اللقيط نفسه له أب ولكنه غير معلوم.

- فعلا كلام صحيح.

- والآن فإن أقوي ما يمكن أن تقوله فقط هو إنني لا أعلم السبب الحقيقي للكون، ولا داعي إذن لإنكار نسبه!

- لا بأس.

- وهل تعلم أن المؤمنين يتجنبون مثل هذا الشك باعتقادهم بأن الله هو السبب الحقيقي، بمعني السبب النهائي الذي أنتج الحياة والكون كله، ما دمنا لا نختلف علي أن الكون ليس لقيطا؟!

- وليكن، ولكني لا أفضل أن يكون السبب اسمه الله!

- لماذا؟

- لأنني لا أثق في الكتب السماوية!

- لا يهم الاسم، ولكن المهم هو أنك يجب أن تدين بالفضل لمركز وجودك مهما كان اسمه!

 

د. ظريف حسين

أستاذ ورئيس قسم الفلسفة بجامعة الزقازيق - مصر

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم