صحيفة المثقف

أعداء الحوار والتعايش

ظريف حسينتشرفت بمراجعة المسودة النهائية لكتاب الباحثة المغربية/عائشة بحَّان المقيمة بإيطاليا، وعنوان الكتاب هو"التعددية الدينية في الإسلام والدعوة إلى الحوار"، المنشور في بغداد، وبغض النظر عن موقفي الإجمالي من التوجهات الخاصة بالكاتبة، فإنني أكبرت فيها حرصها علي تأكيد قيم التعددية الدينية والثقافية والتسامح الديني في مجتمعاتنا، وخاصة في العراق ولبنان، تأسيسا علي أن" الدين أخلاق"، وتظهر في الكتاب روح الحماسة والإخلاص للغاية من تأليفه، وهي دفع عملية التوافق والتضامن بين مختلف الديانات والنِّحل، والجماعات الدينية في منطقتنا إلي أبعد مدي. ولقد رأيت أن أختار احدي فقرات كتابها للتعريف بها.

بعنوان:

أعداء الحوار والتعايش

الفكر المتحجر الأناني الذي لا يرى أمامه سوى الفوز والجنة، أعمى بصيرتهم عن الحق والرحمة والتعايش السليم بمجتمعاتهم ومع الدول ذات الديانات الأخرى، منعوا أي طريق للتواصل، بل يسكتون عن أي دليل يخص التعامل مع الآخر، فنراهم قد ركزوا فقط على الدلائل التي تخص الرفض والنفور، وهي بالتأكيد أكاذيب مُختلقة على الإسلام، وهدفها تشويهه، وهي بعيدة كل البعد عن القيمة الأخلاقية التي يقصدها الإسلام، فهم خصصوا وقتًا كبيرًا للنقاشات حول مَن سيفوز في الآخرة...ومن سيستحق العقاب والنار، كأنهم يتحدثون باسم الخالق، ويعلمون الغيبيات،  وأصبحوا يكفرون ويحللون ويحرمون، وبكل تعصب يعتقدون أو يظنون أن الحق معهم، ويريدون فرض رؤيتهم وأيديولوجياتهم على الكل، بدون أي معارضة من الآخرين.

من يَعتبِر أن دينه هو الحق وأنه هو الفئة الناجية، وكل الفرق والأديان الأخرى ليست ناجية وهالكة، نقول له إن الإقصاء ليس حلًّا؛لأن الآخر من الممكن أن يرى في معتقده مثل ما ترى في معتقدك، ويظن أن الحق معه،  وهو الناجي، أو قد يؤمن أن الله للكل، أو قد يكون لا يؤمن أساسًا بوجود الآخرة،  ولا المحاسبة، فلا بد أن نقبل بكل الآراء، ونقبل بالتعايش معها، إن إقصاء الآخر يخلق مجتمعًا كله خلل، يغيب عنه التوازن النفسي، فيؤثر في عطائه وإنتاجه تأثيرًا عامًّا، إن الإحساس بالأمان والراحة داخل المجتمع كيفما اختلفت عقائده، يعطي للأفراد طاقة إيجابية تنعكس إيجابًا على المردودية والعطاء والتطور.

 

د. ظريف حسين

أستاذ ورئيس قسم الفلسفة بجامعة الزقازيق - مصر

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم