صحيفة المثقف

حيدر جاسم المشكور: لماذا الثانية؟!

حيدر جاسم المشكورلأن الأولى هي واحدة من الفروض العرفية، تفرضها الظروف بمسميات معدودة، قد تكون الصلات الوثيقة بين العائلتين كالقرابة أو الجورة، كأحد اهم سببين، طيش المراهقة، مشاكل النضوج المبكر؛ كلها دوافع للزواج و" كفيان الشر". مع ان هذه الزواج نادراً ما ينشئ عن حالة عشق عذري.

ربما ستكون الثانية هي من يصحح أخطاء الماضي، كونها ترتكز على مسألة مهمة هو الاختيار الناضج، ما لم تكن هناك أسباب قهرية تعيد نفس المعادلات.

كلما زادت حاجتك للأولى، كلما تعقدت علاقتك أكثر فأكثر، مسألة طردية بقدر ما تريد عليك ان تعطي.. مشكلة العطاء العائلي وان كان متبادلاً بتفاوت نسبي، الا العلاقة بين الزوجين تزداد خلافاً ومزاجية، والهوة تتسع شيئا فشيئاً حتى يتعذر ملء وردم الثغرات.

عندما تراك الأولى "حمار راشن" رجل مسواق يدخل ويخرج محملاً بطلبات البيت.. وقد تراك صندوق حساب جاري.. وغير بعيد ان تكون الجد الجدي الذي يعنى بزوارة بناته وابنائه ورعاية احفاده.

ولأنك الرجل الأبله الذي لا يمكن ان يفرط ببيته وعياله، ويعدهم خطاً احمر، وان حال هذا الخط بينه وبين ما تشتهي نفسه. يبقى الاضحية التي تنتظر الذبح.

وان كنت اربعينيا او خمسينيا، فالكلام عن الزواج يعدُّ شيءٌ من الخرف ومثلبة وعدم الاتزان، وإذا راق لك مشاهدة فيلما او مسلسلا او برنامجا لا يروق للعائلة، فتبدو بنظرهم مراهقاً متقاعساً عن أداء الفروض والطاعات.

هل قرار الزواج من ثانية هو مصادرة لحقوق وتضحيات الأولى.؟ يكمن الجواب بشقين، الأول: الأولى لا ترضى أن تجعل منها سخرية للآخرين وخاصة العمة والحماوات.

والثاني: تعتقد جازمة بأنك حكر لها بكامل الأسهم غير قابل للتجزئة.

فأنت وما تملك لزوجتك ـ تحديداً ـ الأولى. هكذا ترى الوضع وعلى ذلك تبنى المواقف.

وحتى يتمكن الرجل من نسف هذه القواعد التي بُنيت على أسس خجولة وقتئذ، دأباً للحفاظ على المكون الاسري، ومراعاة للظروف الآنية وقتذاك، لا يمنع البتة من اتخاذ قرارات عادلة وعاجلة في استعادة عافيته، والترويح عن نفسه بتحقيق اليسير من أمانيه المنظورة؛ دون الاسفاف ببدائل وقرائن غير مقبولة أو متكافئة مع عمره وظرفه الحالي.

على أن تبقى الأولى هي الراعية والصائنة للبناء الاسري الذي طال لعقود من الزمن، ما لم يتعارض من رغبة الزوج المشروعة في الحياة الكريمة بكل جوانب الاسعاد والراحة.

 

حيدر جاسم المشكور 

العراق / البصرة

عيد الأم 2021

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم