صحيفة المثقف

علاء اللامي: تركيا التي صادرت غالبية مياه الرافدين تعرض وساطتها

علاء اللاميلحل الخلاف المائي بين مصر والسودان وأثيوبيا!

تركيا التي صادرت غالبية مياه الرافدين ظلما وتعديا وتمردا على القانون الدولي تعرض وساطتها لحل الخلاف المائي بين مصر والسودان وأثيوبيا!

أذكِّر هنا بأعداد السدود التي أقامتها تركيا على نهري دجلة الفرات: "يخلُص الباحثان فؤاد الأمير في كتابه " الموازنة المائية في العراق وأزمة المياه في العالم "ود. إسماعيل سليمان داود في كتابه "السياسات المائية لدول حوضي دجلة والفرات" من هذا الجرد الذي يقدمانه إلى أنَّ عدد السدود من جميع الأحجام في تركيا هو 759 سدا وأنَّ ( مجموع الأراضي المروية ضمن "مشروع كاب" في حوضي دجلة والفرات وروافدهما في تركيا يصل إلى (1.641) مليون هكتار (66% الفرات و34% دجلة).

* بخصوص آثار عمليات التخزين التركية على مناسيب المياه فإنَّ الأرقام تشير إلى أنَّ حصة سوريا قد انخفضت إلى 40%، وكميات المياه التي كانت تصل إلى العراق انخفضت بنسبة تفوق النصف بكثير وحتى النسبة المتبقية ستنخفض إلى النصف، ولن يبقى للعراق إلا مجرى النهر الناشف.  كتبت هذه المعلومات والمعطيات قبل أكثر من عشر سنوات، وقبل تشغيل السد التركي العملاق أليصو على نهر دجلة.

* خلال نصف قرن تقريبا لم تتخذ الدولة العراقية سواء في عهد حكم البعث في زمن الرئيسين أحمد حسن البكر وصدام حسين أو في عهد حكم المحاصصة الطائفية بعد الاحتلال أي موقف مهم للتصدى للمشاريع التركية، وإذا كان النظام السابق قد اتخذ بعض المواقف السياسية الصغيرة وأطلق بعض المناشدات وأرسل بعض المذكرات السياسية والفنية حول الموضوع فإن النظام الحالي لم يتخذ أي إجراء أو يرسل أية مذكرات احتجاجية بل لجأ لضخ المزيد من الأموال عبر تصدير النفط العراقي  نحو تركيا أو في مضاعفة استيراد البضائع الاستهلاكية الرديئة من تركيا حتى بلغ ميزان التجاري - وهو ميزان مقلوب ومن طرف واحد مصدر هو التركي ومستورد هو العراقي ستة عشر مليار دولار سنويا وتطمح تركيا لبلوغها عشرين مليار دولار. وكان وزير الخارجية الأسبق إبراهيم الجعفري – كما قال- قد اشترط على تركيا توقيع معاهدة دولية لتقاسم المياه مقابل الاستمرار بالاستيراد العراقي الهائل من تركيا ووافقت تركيا على مضض بعد رفض ولكنها تملصت من هذا الاتفاق ولم توقع حتى الآن أية معاهدة لتقاسم مياه دجلة الفرات وماتزال تعتبر النهرين نهرين تركيين عابرين للحدود وليسا نهرين دوليين ينطبق عليهما القانون الدولي وخاصة "اتفاقية قانون استخدام المجاري المائية الدولية في الأغراض غير الملاحية/ 1997"، بل وترفض حكومة التبعية والفساد في بغداد تدويل موضوع الرافدين أو حتى التهديد بتدويله وطرح الموضوع على الهيئات والمحاكم الدولية!

* تعتبر الوثيقة الرسمية التي صدرت عن منظمة اليونسيف التابعة للأمم المتحدة في يوم المياه العالمي، 22 آذار مارس2011، والتي أكدت إمكانية زوال نهري دجلة والفرات بحلول عام 2040 بسبب السدود التركية وعوامل أخرى، تعتبر وبحق، نقطة فاصلة في تاريخ العراق القديم والحديث حتى ليمكن معها تقسيم تاريخ هذا البلد إلى "ما قبل" و "ما بعد" وثيقة اليونسيف.

* أشار صندوق الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسيف" إلى تقرير دولي يثير احتمال جفاف نهري دجلة والفرات العام 2040 نظراً للتغييرات المناخية وانخفاض كميات المياه والاستخدام المكثف لأغراض الصناعة والاستهلاك المنزلي. وأضاف أنَّ العراق يواجه صعوبات في تحقيق هدفه للتوصل إلى تزويد 91% من المنازل بمياه الشرب).

* وزارة الموارد المائية العراقية كانت قد حذرت في نهاية سنة 2010، وعلى لسان أحد خبرائها في تصريح صحفي، من أنَّ سد "اليسو" التركي ضمن مشروع "الغاب" الهادف لتشييد 22 سداً بسعة خزن إجمالية تتجاوز 100 مليار متر مكعب، سيحرم العراق من ثلث مساحة أراضيه الصالحة للزراعة و بالنالي سيدفع بمئات الآلاف من الفلاحين إلى ترك مهنهم الزراعية والاتجاه إلى المدن في هجرة معاكسة.

* إنّ إيراد العراق من المياه لغاية العام 1990 وصل إلى قرابة 45 مليار متر مكعب لكلا النهرين، دجلة والفرات، وما أنْ استكملت تركيا بناء 6 سدود أكبرها سد أتاتورك وهي جزء من مشروع إحياء شرق الأناضول "الكاب" المؤلف من 21 سدّاً منها 17 سدّاً يقام على نهر الفرات و 4 سدود على نهر دجلة، حتى انخفضت إيرادات النهرين إلى 28 مليار مكعب سنوياً. وفي عام 1998 كانت مساحة الأراضي الزراعية في العراق التي تصلها مياه السقي تبلغ 5,9 مليون دونم ولكنها انخفضت إلى 400 ألف دونم فقط في عام 2009.

* تقول المذكرة التركية، إن (مبدأ تقاسم مياه مجاري الأنهار الدولية وتخصيصها وتوزيعها قد رفض بشكل قاطع منذ بداية العمل الهادف إلى صياغة اتفاقية دولية إطارية حول المياه)، فهو قول غير صحيح تماما، فبالعودة إلى نص الاتفاقية الدولية "اتفاقية قانون استخدام المجاري المائية الدولية في الأغراض غير الملاحية/ 1997" والتي رفضت تركيا المصادقة عليها- نشرناه ضمن ملاحق هذا الكتاب - نجد أن المادة الخامسة، تتكلم عن "الانتفاع والمشاركة المنصفين العادلين المعقولين" من المجرى المائي الدولي من قبل جميع الدول التي يقع فيها المجرى المائي الدولي. فهل يتعارض معنى الانتفاع والمشاركة مع معنى المطالبة بحصة عادلة من مياه النهر، خصوصاً إذا كانت إحدى دول المجرى - وهي دولة المنبع هنا - تريد الاستحواذ والسيطرة على أغلب مياه النهر، ولا تترك لدول المجرى الأدنى سوى القليل من المياه الملوثة؟

* وقعت تركيا سنة 1927 اتفاقية مع الاتحاد السوفيتي لتقاسم مياه الأنهار المشتركة "الدولية بحسب المنطق التركي" واستمرت تعترف وتطبق هذه الاتفاقية بعد تدمير الاتحاد السوفيتي وقيام الدول المستقلة عنه والتي خلفته. كما وقعت الدولتان – الاتحاد السوفيتي وتركيا -  في سنة 1973 اتفاقية أخرى لبناء سد/خزان مائي مشترك. ووقعت اتفاقية مشابهة مع اليونان لتقاسم مياه نهر "ميريك". أما بخصوص نهري دجلة والفرات فإنَّ تركيا ترفض وبشكل قاطع ومستمر اعتبارهما نهرين دوليين وتعتبرهما نهرين تركيين عابرين للحدود وهو تعريف جغرافي وسياسي لا يوجد إلا في تركيا وتعتبر المياه التي تصل منهما إلى سوريا والعراق مجرد هبة وصدقة جارية وحسب.

* الباب الثاني - مبادئ عامة /المادة 5 من القانون الدولي أعلاه: الانتفاع والمشاركة المنصفان والمعقولان:

1- تنتفع دول المجرى المائي، كلٌّ في أقاليمها، بالمجرى المائي الدولي بطريقة منصفة ومعقولة، وبصورة خاصة تستخدم هذه الدول المجرى المائي وتنميه، بغية الانتفاع به بصورة مثلى والحصول على فوائد منه، مع مراعاة مصالح دول المجرى المائي المعنية على نحو يتفق مع توفير الحماية الكافية للمجرى المائي.

* فهل راعت تركيا مصالح دول المجرى المائي المعنية، سوريا والعراق، أم حجزت غالبية المياه خلف سدودها وحرمت شعوب الجوار من أكثر من نصف حصتها الطبيعية من المياه، بل وبلغت في حالة الفرات في العراق أكثر من 60 بالمائة؟ وماذا ينتظر العراق وسوريا ليقررا تدويل المشكلة المائية أو على الأقل وقف تقديم المليارات لتركيا من قبل العراق من خلال عملية تبادل تجاري وحيدة الطرف بعد أن تملصت الدولة التركية من تنفيذ اتفاق موقع مع الحكومة العراقية والتي اشترطت استمرار اتفاقية التعامل التجاري المجزية لمصلحة تركيا " أكثر من 16 مليار دولار سنويا مقابل عقد اتفاقية دولية لتقاسم مياه الرافدين؟

 

علاء اللامي

..................

*هذه المقتبسات هي من كتابي "القيامة العراقية الآن – كي لا تكون بلاد الرافدين بلا رافدين" إضافة الى فقرات جديدة بمناسبة هذا الحدث: 

رابط الخبر أعلاه: مسؤول تركي يعلن إمكانية وساطة بلاده في ملف "سد النهضة":

https://www.aa.com.tr/ar/%D8%AA%D8%B1%D9%83%D9%8A%D8%A7/%D9%85%D8%B3%D8%A4%D9%88%D9%84-%D8%AA%D8%B1%D9%83%D9%8A-%D9%8A%D8%B9%D9%84%D9%86-%D8%A5%D9%85%D9%83%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A9-%D9%88%D8%B3%D8%A7%D8%B7%D8%A9-%D8%A8%D9%84%D8%A7%D8%AF%D9%87-%D9%81%D9%8A-%D9%85%D9%84%D9%81-%D8%B3%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%87%D8%B6%D8%A9/2173724

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم